(1)
توقفت كثيرا عند الملخص الصحفي لاجتماعات الآلية
الثلاثية برئيس مجلس السيادة
البرهان عبد الفتاح ونائبه محمد حمدان دقلو، كل على
حدة (10 و11 تشرين الأول/ أكتوبر)، حيث بشرتنا الآلية بعد لقاء
حميدتي باقتراب
التسوية، وفق قاعدة مشروع الدستور الانتقالي الذي أعدته لجنة تسيير اتحاد المحامين
وقوى الثورة، بينما اكتفت بعد لقاء البرهان بالإشارة لضرورة مشاركة قاعدة عريضة من
القوي السياسية في الحلول.
ومع ملاحظات أخرى، وشواهد تتحدث عن تباعد المواقف بين
الرجلين، ومع استصحاب مستجدات الراهن الاجتماعي، نشير هنا لبيان ناظر عموم الرزيقات،
محمود موسى مادبو، وإعلان وقوفهم مع ابنهم (محمد حمدان)، فإن مظنة وجود أكثر من
مسار ذات حجية وموضوعية.
(2)
شهد صباح الأربعاء
(12 تشرين الأول/ أكتوبر) وببيت الضيافة (مقر البرهان)، حدث قدم تفسيرات لما يجري
في الساحة السياسية، فقد اجتمع البرهان وحميدتي بوفد من قوى الحرية والتغيير-
المجلس المركزي، وقد مثله في اللقاء فيصل بابكر وطه عثمان والواثق البرير، وتم طرح
مسار اجتماعات حميدتي مع قوى الحرية:
كانت ملاحظة البرهان الحاسمة: "تشكيل حكومة وتوقيع وثيقة لكل القوى السياسية والاجتماعية، ما عدا المؤتمر الوطني". وبتفسير آخر، توسيع الحاضنة السياسية والاجتماعية، وضمان انتقال سلس، وصولا للانتخابات وفق وثيقة دستورية
- مجلس أعلى للقوات المسلحة.
- حكومة تنفيذية تشكلها قوى الثورة.
- مجلس تشريعي.
- وضع خاص لاتفاق جوبا.
- طرح مقترح إعفاء عن المساءلة عما جرى خلال الفترة
السابقة.
- إدخال تعديلات على دستور تسييرية المحامين، واعتباره
وثيقة ضابطة بين الطرفين.
بينما كانت ملاحظة البرهان الحاسمة: "تشكيل حكومة
وتوقيع وثيقة لكل القوى السياسية والاجتماعية، ما عدا المؤتمر الوطني".
وبتفسير آخر، توسيع الحاضنة السياسية والاجتماعية، وضمان انتقال سلس، وصولا للانتخابات
وفق وثيقة دستورية.
(3)
ثمة ملاحظات جديرة بالنظر هنا:
هناك مخاوف كثيرة من تأثير "بعبع الإسلاميين"، ومخاوف بعض أطراف السلطة أكثر تطرفا من السياسيين، ولذلك يبحثون عن قاعدة آمنة توفر درع حماية
أولا: هناك أجندة خارجية وإقليمية ساعية للتسوية بين
طرفين (المكون العسكري وقحت)، وتستعين لذلك بضغوط ومقاربات أخرى، والآلية
الثلاثية مجرد واجهة لذلك.
ثانيا: لم تكن تجربة قحت في الحكم مستساغة للجيش
كمؤسسة، من خلال التشكيك والاستهداف والتقليل من شأنه، كما أن خيار المؤسسة
العسكرية ألا تكون "رافعة لقوة سياسية مهما علا شأنها".
ثالثا؛ إن الساحة شهدت متغيرات كثيرة، بروزا وانحسارا،
وصعودا وهبوطا، وانقسامات وتكتلات، فلم تعد الواجهات بذات اللمعان (هناك أكثر من
قوى حرية، ابتعاد لجان المقاومة، انسحاب الشيوعي، تناثر كتل هلامية)، وبرزت
مبادرة نداء
السودان بحضور فاعل وأرضية شعبية، وكل تلك الشواهد تؤكد أن الحديث عن
قوى الحرية والتغيير باعتبارها الحاضنة، مجرد "شنشنة" بلا منطق.
رابعا: غياب الشفافية والمبدئية، فالمباحثات جارية في
الغرف المغلقة، بينما الحديث عن التظاهرات في الشارع، والهتافات بالإسقاط، تضج به
الأسافير، بينما الأطراف تتبادل ترف المواقف.
خامسا: هناك مخاوف كثيرة من تأثير "بعبع
الإسلاميين"، ومخاوف بعض أطراف السلطة أكثر تطرفا من السياسيين، ولذلك يبحثون
عن قاعدة آمنة توفر درع حماية وملاذا.
الغائب المهم في هذه التسويات هو "المواطن"، والحاضر هو اقتسام السلطة، والحديث عن الانتخابات مجرد تزجية وقت وإلهاء عن غاية مهمة، ومعاناة المواطن اليومية ليست محل نظر أو اعتبار
(4)
إن الغائب المهم في هذه التسويات هو "المواطن"، والحاضر هو اقتسام السلطة، والحديث عن الانتخابات مجرد تزجية وقت وإلهاء عن غاية
مهمة، ومعاناة المواطن اليومية ليست محل نظر أو اعتبار، بدليل تطاول النقاش في
الغرف المغلقة، لمدة تقترب من العام الآن، وما زال التسويف مستمرا دون نهاية في
الأفق.
كما أن مشروع التسوية مقترح يكشف عن أفق مسدود،
فالمكون العسكري الذي وعد في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021م بتدابير جديدة، سار على
ذات الدرب والسياسات. والقوى التي كانت وما زالت في ظاهرها ترفع شعار اللاءات
الثلاث، وتتحدث عن "إسقاط الانقلاب"، فإنها تفاوضه، وتتحدث عن "إنهاء
الحالة الانقلابية".
ومن المهم الإشارة إلى أنه من المستبعد أن تقدم المؤسسة
العسكرية نفسها كبش فداء لطرف من أهدافه "تفكيكها"، مع شواهد تعزز ذلك
كما حدث في العراق وليبيا ومخططات معلنة، وفي الوقت نفسه، فإن قحت تواجه مأزقا وجوديا مع انحسار مدها الشعبي وتعاطف المواطنين معها.
وتبقى الخلاصة أن الحل ممكن وفق قاعدة "السودان
بكل أطيافه وقواه الحية وإرثه الحضاري". لا يمكن عزل طرف أو مسايرة أجندة
أخرى.