سياسة تركية

ما إمكانية جعل تركيا مركزا لتوزيع الغاز الروسي إلى أوروبا؟

تعتمد فكرة بوتين على تصدير المزيد من الغاز عبر خط "ترك ستريم"- أوراسيا ديلي
تعتمد فكرة بوتين على تصدير المزيد من الغاز عبر خط "ترك ستريم"- أوراسيا ديلي

طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مد أوروبا بالغاز الطبيعي عبر تركيا، بإنشاء مركز لتوزيعه إلى الدول الأوروبية عبر البحر الأسود، في ظل الإشكاليات التي تكتنف خطوط "نورد ستريم 1 و2" بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.

وتعتمد فكرة بوتين على تصدير المزيد من الغاز عبر خط أنابيب الغاز "ترك ستريم"، الذي يمر تحت البحر الأسود إلى تركيا بعد توقف شحنات الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب نورد ستريم في بحر البلطيق.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه ونظيره الروسي أعطيا التعليمات للمؤسسات المعنية في البلدين من أجل العمل المشترك في هذا الخصوص.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "غازبروم" الروسية، أليكسي ميللر، إنه سيكون من الممكن إعادة توجيه كافة إمدادات الغاز المتوقفة في "نورد ستريم"، عبر مركز الغاز التركي.

وردا على سؤال حول تأسيس مركز لإمدادات الغاز الروسي في تركيا، قال ميللر في مقابلة تلفزيونية: "نحن نتحدث عن كل تلك الأحجام التي فقدناها بسبب أعمال الإرهاب الدولي في خطوط أنابيب "السيل الشمالي"، لذلك فإن حجم الإمدادات يمكن أن يكون كبيرا".


وأشار ميللر إلى أن شركة "غازبروم" تمتلك خبرة في التحضير لتنفيذ مشروع "السيل الجنوبي" الذي تم إلغاؤه واستبداله بمشروع "السيل التركي"، وكان من المخطط أن تبلغ استطاعة "السيل الجنوبي" نحو 63 مليار متر مكعب من الغاز.

 

اقرأ أيضا: أردوغان يوعز بتأسيس "المركز الدولي لتوزيع الغاز" في تركيا

مدير الهيدروكربونات في رابطة شركات الطاقة في دول البحر الأبيض المتوسط، سوهبيت كاربوز، قال في حديث لـ"عربي21"، إن الغاز الطبيعي الإضافي من روسيا إلى تركيا من أجل توزيعه إلى الدول الأوروبية يتطلب إنشاء خطوط أنابيب جديدة.

وتابع كاربوز في تصريحاته لـ"عربي21"، بأنه إذا غطت روسيا تكلفة الخط ووفرت أسعار غاز معقلة، فلا توجد مشكلة بالنسبة لتركيا، ولكن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيمارسان ضغوطا سياسية لمنع حدوث ذلك.

وأضاف أن تصدير الغاز إلى أوروبا عبر تركيا سيواجه مشكلة، لأن الاتحاد الأوروبي حدد بالفعل هدفا لتقليل اعتماده على الغاز الروسي ووقف كافة مشترياته من الخط في غضون خمس سنوات.

ورأى أنه إذا واصلت أوروبا شراء الغاز الروسي، فإنها ستصر على أن تكون عملية النقل عبر أوكرانيا وليس تركيا.

 

الخبير التركي مته سوهتا أوغلو، في حديث لـ"عربي21"، قال إنه لإنشاء المركز التجاري، فإن ذلك يتطلب عدم وجود عائق تجاري أي إنه لا يتم إجراء تحديد السعر وفقا للتدخلات الخارجية، وكذلك عدم وجود عقبات قانونية أو قيود فنية.

 

وأضاف أن مثل هذا المشروع يتطلب من أجل تنفيذه من ثلاث إلى أربع سنوات، ولكن لا يوجد سوى عدد قليل من الشركات القادرة على إنشاء خطوط الأنابيب في أعماق البحر مثل الشركات الألمانية واليابانية، مشيرا إلى أنه في بيئة الحرب لا تستطيع تركيا وروسيا القيام بذلك بمواردهما الخاصة.

 

اقرأ أيضا: ما أهمية "نورد ستريم" لأوروبا؟.. هذه تداعيات تفجيره
 

وأكد على أهمية مشاركة أذربيجان وتركمانستان وأوزباكستان وهي دول لديها احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي، في توريده ونقله إلى تركيا عبر خطوط الأنابيب.

 

وأوضح أن لدى أنقرة تصورا يجمع ما بين الغاز الروسي والقوقازي والقادم من العراق والمنطقة العربية في تركيا وبيعه لأوروبا، وخلال السنوات الـ20 الماضية فضلت أن تكون "بلد ممر"، وإذا أرادت أن تصبح "بلدا مركزيا" فإن عليها مراجعة خطوط أنابيب "تاناب" و"ترك ستريم".

 

وأشار إلى أنه إذا كان لدى بوتين نية لإيصال الغاز الطبيعي إلى الغرب من خلال إنشاء خطوط إضافية فإن هذا لا يجعل تركيا "دولة مركزية" بل "بلد ممر"، موضحا أن الرئيس الروسي يبتز أوروبا المنقسمة والتي عليها أن توافق على الاعتماد على إمدادات الطاقة من موسكو مرة أخرى، وإلا فإن دور "مركز الغاز" الذي كان في السابق ملكا لألمانيا، سيكون هدية لتركيا، وهذه رسالة من بوتين إلى برلين.

 

المدير السابق لشركة "بوتاش" التركية للنفط والغاز، غوكهان ياردم، قال إن مقترح بوتين يتشكل من مرحلتين، والتصور الذي طرحه أردوغان بشأن جعل منطقة "تراقيا" مركزا للغاز الطبيعي، يشكل المرحلة الثانية من هذا العمل.

 

 

وأضاف ياردم، أن المشروع يتطلب إنشاء سعة إضافية عن طريق إجراء تعديلات على ضواغط مدخل "التيار الأزرق" و"السيل التركي"، و"مركز الغاز الطبيعي" لا يمكن طرحه إلا بعد إجراء هذا التعديل الذي يمكن تنفيذه بسرعة على الخطوط الحالية.

 

وأشار إلى أنه ومن أجل إجراء هذا التعديل ووضع خطوط أنابيب جديدة، فإن ذلك يستلزم طلبا على الغاز الروسي من أوروبا، وقد أعرب عن ذلك بالفعل نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك.

 

وقال نوفاك، إن خط الجنوب، سيتضمن أربعة أنابيب بسعة تقارب الـ63 مليار متر مكعب لتوصيل الغاز إلى المستهلكين الأوروبيين عبر البحر الأسود وتركيا، بشرط أن يكون هناك طلب أوروبي.

 

اقرأ أيضا: بوتين يجدد مقترحه بجعل تركيا مركزا لتوزيع الغاز إلى أوروبا
 

وأضاف نوفاك: “تبلغ قدرة ترك ستريم 31.5 مليار متر مكعب. أحد الخطوط مخصص للتصدير إلى دول أخرى"، لافتا إلى إمكانية تنفيذ مشروع كهذا في حال ظهرت الحاجة وأبدت جميع الأطراف اهتمامها بذلك..

 

وأكد ياردم أن عبارة "الطلب" مهمة للغاية، وقد صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالفعل أنه لن يكون هناك حاجة لمثل هذا الطلب.

 

وقالت الرئاسة الفرنسية، إنه "قبل بضعة أشهر فقط، كانت روسيا مصدرا لنحو أربعين بالمئة من الغاز الذي يتلقاه الاتحاد الأوروبي. اليوم، هذه الحصة من الغاز الروسي تبلغ 7.5 بالمئة فقط وهي تنحو إلى مزيد من التراجع".

 

وأضافت: "قد تقرر روسيا وتركيا معا تصدير مزيد من الغاز، لكن ذلك لا يمكن أن يكون نحو الاتحاد الأوروبي الذي لديه التزامات تتصل بالسيادة وتقليص ارتهانه، إضافة إلى (ما يتعلق) بمرحلة مناخية انتقالية لا تنسجم مع منطق مماثل".

التعليقات (1)
اسامة
الأربعاء، 19-10-2022 07:16 ص
هذا كله يعتمد على نتائج الحرب في اوكرانيا .. ايا من الطرفين يكسب الحرب ولو بالنقاط سيفرض رأيه في كل عمليات امداد الغاز وتوزيعه وبيعه وتجمعه .. طبعا بوتن اختار تركيا لاهداف سياسية اكثر منها تجارية .. مع ان تركيا بدأت وبقوة كلاعب رئيسي في الساحة الدولية وتحديدا بعد ان لعبت ادوار مهمة في الحرب وموافقة امريكية بمدها بطائرات اف 16 طبعا لا يمكن في وضع حرب باسلحة تقليدية ان تعلن ايا من القوتين انتصارا ساحقا .. لكن لا يمكن ابدا هزيمة روسيا كونها تحارب مباشرة .. ولوجستيا افضل .. وهزيمتها تعني اذلال لم تتعرض له منذ الامبراطوريات وقد يقود لحرب اكثر دمارا وكارثية .. لكن اذا ما تراجعت امريكا او خففت من الدعم والاندفاع تحت مبررات منها انهكنا روسيا واضعفناها وتحتاج لعقود حتى تعود لجزء مما كانت عليه .. هذا يعني انتصار للروس وخفوت تدريجي للهيمنة الامريكية الطاغية ومع روس جريحة ومنهكة فان العالم الآخر سيتنفس الصعداء ويبادر للبحث عن جلاد آخر ربما الصين ..