تعيش
مصر حالة من أسوأ الحالات بالنسبة لاقتصادها وانعكاس ذلك على معيشة المصريين، فقرا
وبطالة وغلاء وغلقا للمصانع، ولم يسلم من ذلك الأمن الغذائي المصري، حتى وصل الحال
بإعدام الكتاكيت بصورة يعجز الإنسان عن تحمل مشاهدة هذا المنظر الصعب ويتساءل: بأي
ذنب قتلت؟!
إن ما وصل إليه الحال
بإعدام الكتاكيت في مزارع
التسمين ومعامل التفريخ، يعكس ما وصلت إليه الأزمة التي تعيشها مصر في ظل عدم
توافر موارد دولارية لاستيراد العلف، فضلا عن حجز شحنات من العلف في الموانئ منذ
شهور، مما أدى للنقص الحاد في
الأعلاف وارتفاع أسعارها لمستويات قياسية، وخروج
قطاع كبير من المربين من دائرة الإنتاج.
وقد صرح محمد الشافعي، النائب
السابق لرئيس اتحاد منتجي الدواجن، بأن هناك ما قيمته 340 مليون دولار من واردات
الذرة وفول الصويا التي تستخدم كأعلاف للدواجن عالقة في الموانئ بانتظار
الاعتمادات المستندية، مضيفا أن نقص الأعلاف يدفع أصحاب المزارع إلى إعدام
الكتاكيت.
ما وصل إليه الحال بإعدام الكتاكيت في مزارع التسمين ومعامل التفريخ، يعكس ما وصلت إليه الأزمة التي تعيشها مصر في ظل عدم توافر موارد دولارية لاستيراد العلف، فضلا عن حجز شحنات من العلف في الموانئ منذ شهور، مما أدى للنقص الحاد في الأعلاف وارتفاع أسعارها
كما صرح المهندس أحمد نبيل،
نائب رئيس شعبة البيض باتحاد منتجي الدواجن، أن عمليات الإعدام التي جرت في عدد من
مزارع الدواجن ومعامل تفريخ الكتاكيت تمثل رصاصة الرحمة لهذه القطعان التي كانت
ستموت لا محالة بسبب الجوع؛ نتيجة الارتفاع الجنوني في أسعار الأعلاف والتي سجلت
17 ألف جنيه للطن الواحد، علاوة على اختفاء الخامات من الأسواق، وأنه بالأحرى بكل مشتغل بإنتاج الدواجن والبيض أن ينعى هذه الصناعة التي
كانت ملء السمع والبصر، ويبلغ حجم الاستثمارات فيها 100 مليار جنيه وتستفيد منها ثلاثة
ملايين أسرة، لافتا إلى أن صناعة الدواجن في مصر تمر بمنعطف خطير جدّا يهدد الأمن
الغذائي.
وموت هذه الصناعة وفق هذا
التصريح يعكس امتداد الأزمة ليس في القطاع الصناعي -الذي أغلق نحو 8500 مصنعا فيه
أبوابه- فحسب، بل في قطاع الزراعة والثروة الداجنة، فعكست أزمة اختفاء وارتفاع أسعار
الأر فضلا عن إعدام الكتاكيت؛ التقصير الواضح للحكومة وغياب الرؤية والأولويات
عندها حتى بات بناء الخرسانات والطرق هدفا والتسارع في التداين منهجا، وبناء
الإنسان وتوفير متطلباته عاملا غائبا، والإنذار بالمزيد من ارتفاع الأسعار وفي
مقدمتها المواد الغذائية أمرا حتميا.
وها هي الحكومة تسعى بكل
جهد لمزيد من التداين، حتى صدر تصريح غير مسئول من مستشار لمحافظ البنك المركزي
لتبرير المزيد من الديون، طالبا نسبتها إلى أصول مصر، وكأن مصر شركة تجارية وليست
وطنا لا يصح بأي حال من الأحوال رهن مستقبل أبنائه الحاليين والمستقبليين بسلوك
حكومة ليس همها إلا بيع الأصول والتداين دون تحقيق أي تنمية تذكر، فالتهمت الديون
أي محاولة لتجميل صورة الاقتصاد، وتمت التضحية بالتنمية، وتبخرت الأصول وتضاعفت
الديون.
الحكومة تسعى بكل جهد لمزيد من التداين، حتى صدر تصريح غير مسئول من مستشار لمحافظ البنك المركزي لتبرير المزيد من الديون، طالبا نسبتها إلى أصول مصر، وكأن مصر شركة تجارية وليست وطنا لا يصح بأي حال من الأحوال رهن مستقبل أبنائه الحاليين والمستقبليين بسلوك حكومة ليس همها إلا بيع الأصول والتداين دون تحقيق أي تنمية
وقد شهدت الأيام القليلة
الماضية مشاركة عدد من الوزراء ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله في
الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، وألمحوا إلى إمكانية الإعلان عن
الاتفاق على
قرض صندوق النقد الدولي في أي وقت، وصرحت مديرة الصندوق "كريستالينا
جورجييفا" بأنه بالإمكان الاتفاق بشأن حزمة المساعدة في غضون أيام، وأن جميع
"المسائل الكبيرة المتعلقة بالسياسات قد تم حلها، مع وجود عدد قليل من
"التفاصيل الفنية الأصغر لم تجر تسويتها حتى الآن.
كما صرح "جيري رايس"، مدير الاتصالات بالصندوق، بأنه جرى إحراز تقدم
كبير بشأن بعض النقاط الرئيس، وأنه تم التركيز على الإصلاحات المالية (أي تحسين
إدارة الموازنة وخفض الدين العام) والإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك زيادة مشاركة
القطاع الخاص في الاقتصاد، وأشار إلى رغبة صندوق النقد الدولي في أن تتبنى مصر سعر
صرف أكثر مرونة للجنيه. وهذا في الوقت الذي صرح فيه وزير المالية المصري محمد معيط بأن الصندوق يرى
أن سعر الصرف المرن أمر بالغ الأهمية للاقتصاد المصري، وأنه ليس لديه مطالب تتعلق
بالموازنة والسياسات المالية وبرنامج الدعم.
الصندوق لا هم له سوي استعباد الدول وإفقارها، ولن تكون نتيجة هذا القرض سوى ارتفاع في فاتورة الواردات والديون الخارجية، ومزيد من الضرائب، وانخفاض في الدعم، والطامة الكبرى هي التوجه مجددا نحو تخفيض سعر صرف الجنيه المصري مما يعني المزيد من الضغط على المواطن
وإذا كان البعض ينظر لهذا
القرض بأنه تخفيف للأزمة الاقتصادية في مصر، فإنه في الواقع سيكون وقودا لمزيد من
الأزمات التي بعضها فوق بعض، وليت الذين يتغنون بشهادة ثقة الصندوق للاقتصاد
المصري عن قرض منتظر يتراوح بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، قدموا لنا كشف حساب عن
نتائج هذه الثقة عن القروض السابقة التي سلمت من خلالها الحكومة مقدرات مصر
للصندوق.
إن الصندوق لا هم له سوي
استعباد الدول وإفقارها، ولن تكون نتيجة هذا القرض سوى ارتفاع في فاتورة الواردات
والديون الخارجية، ومزيد من الضرائب، وانخفاض في الدعم، والطامة الكبرى هي التوجه
مجددا نحو تخفيض سعر صرف الجنيه المصري مما يعني المزيد من الضغط على المواطن
واكتواءه بارتفاع الأسعار.
وختاما، فإنه على الذين
يحمّلون الحرب الروسية الأوكرانية الأزمة المصرية أن يصمتوا فنحن لا ننكر تأثير هذه
الحرب، ولكن ليس لها التأثير المباشر والأكبر على مصر خاصة بعد انسيابية الحركة
التجارية للمواد الغذائية، وليبحث هؤلاء عن شماعة حقيقية يعلقون عليهم فشلهم وهي
واضحة لا تحتاج لبرهان.. إنه الحول التنموي الذي أصاب الحكومة فأهدر الموارد وحال
دون حسن تخصيصها وأثقل كاهل الموازنة بالديون وأعبائها، والمواطن بالغلاء وتبعاته.
twitter.com/drdawaba