ملفات وتقارير

أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وروسيا منذ أشهر.. ما أهميته؟

الاتصال بين أوستن وشويغو هو الثاني منذ بدء الغزو الروسي على أوكرانيا- جيتي
الاتصال بين أوستن وشويغو هو الثاني منذ بدء الغزو الروسي على أوكرانيا- جيتي

تواصل وزيرا دفاع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا هاتفيا، للمرة الأولى منذ أيار/ مايو الماضي، والثانية بعد الغزو الروسي على أوكرانيا.


ووفقا لبيان أصدره المتحدث باسم البنتاغون بات رايدر، فقد "شدد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خلال حديثه مع نظيره الروسي سيرغي شويغو على أهمية الحفاظ على قنوات التواصل بين البلدين في خضم الحرب المستعرة في أوكرانيا".


كذلك أصدر رايدر بيانا آخر، أشار فيه إلى أن "وزير الدفاع الأمريكي أكد لنظيره الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف التزام الولايات المتحدة الراسخ بدعم قدرة أوكرانيا على مواجهة العدوان الروسي".


وتُعد هذه المحادثة الهاتفية الثانية بين الوزيرين منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث سبقتها محادثة هاتفية في 13 أيار/ مايو الماضي.

 

أهمية الاتصال


من جهته، قال مايكل مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق للشرق الأوسط، إنه "من المهم جدا أن يكون هناك خط اتصال مباشر بين الجيشين الأمريكي والروسي، من أجل تجنب المواجهة غير المقصودة بين البلدين، خاصة أنهما يعملان في مناطق العمليات ذاتها التي تشمل سوريا وأوروبا الشرقية".

وأوضح مولروي خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا الاتصال يعمل على عدم تعارض الحركات الجوية والبرية والبحرية لكلا البلدين، وتجنب أو تخفيف أي تصعيد في حالة حدوث مواجهة".

وحول ما إذا كان هناك تواصل بين العسكريين في كلا البلدين، قال: "حتى لو كان كلا البلدين قد حدا من ارتباطاتهما الدبلوماسية، فمن المهم أن تحافظ الجيوش على خط اتصال مباشر".

وتابع: "قد يكون هذا جهدا تعاونيا في مركز عمليات متعدد الجنسيات، أو ببساطة خط اتصال آمن مخصص بين وزيري الدفاع في كلا البلدين، وكذلك بين رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية ورئيس الأركان الروسي".


رسالة تحذيرية

 

وتأتي هذه المحادثة في وقت ظهرت فيه بعض المخاوف من استخدام إحدى الدولتين للسلاح النووي، خاصة بعد أن أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على جهوزية موسكو في هذا المجال.

كما أنها جاءت بعد تقدم ملحوظ للقوات الأوكرانية في بعض المناطق، وإعلان موسكو التعبئة الجزئية، ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذه المحادثة الهاتفية وأهميتها في هذا الوقت بالذات.

البروفيسور في جامعة "جورج ماسون" الأمريكية مارك كاتز، علق بالقول إنه "بغض النظر عن مضمون مناقشتهم، يمكنني القول إن لأي محادثة بين وزيري الدفاع عدة احتمالات، أحدها هو أن أحد الطرفين يوجه تحذيرًا إلى الآخر".

وأضاف أستاذ السياسات والحوكمة في تعليق لـ"عربي21": "بمعنى ستكون المحادثة تحذيرية أي سيقول أحدهما للآخر: إذا قمت بهذا الفعل فسنقوم بهذا الفعل المقابل".

ولفت إلى أنه "من الممكن أيضا أن يحاول الطرفان منع تدهور الوضع بينهما، وقد توضح محادثتهما أيضًا احتمالية أن الأمور قد تتحسن أو على الأقل لا تزداد سوءًا، وبشكل عام فإنه إذا أراد الطرفان التحدث مع بعضهما البعض، فسيقومان بذلك، خاصة أن هذه الاتصالات العسكرية رفيعة المستوى مهمة لتجنب الصراع غير المقصود على وجه الخصوص".

 

اقرأ أيضا: اتصال بين وزيري الدفاع الأمريكي والروسي بخضم الحرب بأوكرانيا

الخشية من التصادم

 

من جانبه، قال ريتشارد ويتز، وهو زميل أول ومدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون: "يبدو أن الحديث تضمن تبادل وجهات النظر وشبه التطمينات، وهذه التطمينات مفيدة بالنظر إلى أن هجوم أوكرانيا الأخير قد يدفع روسيا قريبًا إلى مزيد من التصعيد بدلاً من التراجع".


وأوضح ويتز خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "الناتو وروسيا يجريان مناورات نووية، لذا فيُفترض أن الطرفين أكدا لبعضهما البعض أنها لأغراض دفاعية بحتة".


وتابع: "كان هناك أيضا مواجهة عرضية مؤخرا بين الجنود الروس والأمريكيين في شمال شرق سوريا، وعلى الرغم من كونها ودية، فإن هذه الأنواع من المواجهات محفوفة باحتمالية حدوث سوء تفاهم، لذلك فإنهم ربما ناقشوا قواعد الاشتباك هناك".


واستدرك ويتز بالقول: "لكن التحدي يكمن في أنه بينما يمكن لوزارتي الدفاع تبادل وجهات النظر، فإنهما لا تستطيعان التوصل إلى اتفاقات ملموسة عندما تكون الخلافات بين الطرفين كبيرة للغاية".


خطورة الوضع بين الطرفين

 

بدوره، قال المستشار في قطاع الأعمال والعلاقات الدولية، تيمور دويدار، إن "هذا الاتصال يشير إلى خطورة الوضع بين روسيا وحلف الاطلسي، حيث إن آخر اتصال بين الوزيرين كان في شهر أيار/ مايو الماضي، ولا يوجد أي تواصل رسمي بين الإدارتين الأمريكية والروسية منذ بدء الحرب في أوكرانيا".


وتابع دويدار خلال حديثه لـ"عربي21": "أيضا يجب الأخذ في الاعتبار التدريبات العسكرية الخاصة بـ الجاهزية النووية للطرفين الحاصلة الآن، لذلك فإنه يجب أن تكون هناك إعادة للخط الساخن للتواصل بينهما، وبرأيي هذا الأمر إيجابي، فحاليا نحن في حالة حرب بين روسيا وحلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة".


وأكد أن أهمية وهدف الاتصال "تكمن في أنه يأتي ضمن مساعي الطرفين لمنع انزلاق العلاقة بينهما إلى تصعيد عسكري كبير قد يتم فيه استخدام أسلحة غير تقليدية".


وأضاف: "علما بأن هناك للأسف تركيزا مبالغا فيه في الإعلام العربي على السلاح النووي فقط، لذا فلا بد من التذكير بأن لدى البلدين أسلحة دمار شامل غير النووي وغير البيولوجي، فهناك قنابل الباكم وهناك أسلحة أخرى متعددة ومدمرة بشكل فظيع غير الأسلحة النووية".


ولفت إلى أن "هذه الأسلحة لم يتم استخدامها إلى الآن في العمليات العسكرية الجارية على الأرض الأوكرانية، ولكن ربما يتم استخدامها في الخلاف مع حلف الأطلسي، لهذا فلا بد من وجود خط ساخن بين الطرفين لمنع حدوث سوء تفاهم ومنع أي تصعيد محتمل بينهما".


وأوضح أنه "على الرغم من انقطاع التواصل بين الإدارتين سياسيا، فإن هناك بالتأكيد تواصلا بين العسكريين ضمن الاتفاقيات القائمة بينهما، فالعسكريون يعملون فيما بينهم كما في سوريا عبر غرف العمليات المشتركة".


وحول تأثير هذا الاتصال بين وزيري دفاع البلدين على مسار الحرب في أوكرانيا، فقد أكد دويدار "أنه لا تأثير لهذا الاتصال على مجريات المعركة والعمليات العسكرية الجارية على الأرض الأوكرانية".

 

لا تأثير على الحرب بأوكرانيا

 

أما المحلل السياسي الروسي أندريه اونتيكوف، فذهب إلى أنه "يمكن الاستنتاج من هذا الاتصال أن التواصل بين روسيا والولايات المتحدة لا يزال مستمرا، ولكن ليس أكثر من ذلك، وهذه هي النقطة الإيجابية الوحيدة في مثل هذه الظروف".


وشكك اونتيكوف خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "يكون هذا الاتصال قد أدى إلى أي تفاهمات بين موسكو وواشنطن حول الملف الأوكراني، وذلك بسبب ما شاهدناه من ضربات مكثفة عبر الطائرات المسيرة الروسية في مختلف المناطق بأوكرانيا، كما يمكن أن نعتبر ذلك دليل أن محاولة الوصول لتفاهمات في النقاط غير الكبيرة قد فشل أيضا".

وأضاف: "من الواضح تماما بأن مواقف البلدين مختلفة تماما، بسبب أنه على ما يبدو سيحدث انفجار للمعركة الواسعة في مدينة خيرسون، فنحن نعلم بأن القوات الأوكرانية تستعد لشن هجوم ضد هذه المدينة، وليس فقط القوات الأوكرانية بل أيضا من يشجعها وتحديدا الادارة الأمريكية الحالية".


وأشار إلى أن "الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية تشجع أوكرانيا على الهجوم على مدينة خيرسون، لحاجتها لانتصارات على الأرض قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس القادمة".

 

وأعرب المحلل السياسي الروسي عن "اعتقاده بأن التنسيق بين الطرفين يقتصر على نوع من قواعد اللعبة "الاشتباك" الضمنية، أي أنه مثلا أمريكا لا تزود الجانب الأوكراني بصواريخ بعيدة المدى التي يمكنها استهداف أهداف على بعد 300 كيلو متر أي في عمق الأراضي الروسية".

 

وتابع: "بالمقابل، روسيا لا تستهدف مركز أوكرانيا في كييف مثل وزارة الدفاع الأوكرانية، وكذلك مقر الرئيس الأوكراني وبعض المناطق الأخرى، أي أن هناك قواعد لعبة ضمنية موجودة بين الطرفين، ولهذا أقول ربما يوجد هناك اتصالات محدودة بين الطرفين ليس أكثر من ذلك".


وأوضح بأن "هذه التفاهمات غير مكتوبة بينهما، ولكن كل طرف يدرك تماما عبر هذه التفاهمات الضمنية الخطوط الحمراء للطرف الأخر، بالتالي لا يتجاوزها، بسبب أن تجاوزها سيؤدي لنشوب تصعيد كبير".

وحول تأثير الاتصال الهاتفي بين الوزيرين على الحرب الجارية في أوكرانيا، قال اونتيكوف: "لا أعتقد أن له تأثير على الحرب، حيث رأينا هجمات روسية مكثفة بالطائرات المسيرة على مناطق أوكرانية عدة مؤخرا، لذلك لا أرى أي تأثير له".

التعليقات (0)

خبر عاجل