اقتصاد عربي

الطموحات السعودية في "نيوم" تتقلص.. وتوجه إلى دعم المشروعات الرياضية

خلال السنوات الماضية رصد ابن سلمان مئات المليارات من الدولارات لمشاريع تنمية- منصة "إكس"
خلال السنوات الماضية رصد ابن سلمان مئات المليارات من الدولارات لمشاريع تنمية- منصة "إكس"
تتجه السعودية إلى تقليص بعض طموحاتها في مشروع "نيوم" العملاق بسبب ارتفاع التكاليف، معطية الأولوية لاستكمال العناصر الأساسية لاستضافة الفعاليات الرياضية العالمية خلال العقد المقبل، وسط المساعي لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2034.

وجاء ذلك بعد إعلان "نيوم" يوم الثلاثاء الماضي، تعيين أيمن المديفر رئيسا تنفيذيا مُكلّفا للشركة، خلفا لنظمي النصر، الذي لم تكشف عن سبب رحيله، بحسب ما نقلت وكالة رويترز.

وخلال السنوات الماضية، رصد ولي العهد الأمير السعودي محمد بن سلمان مئات المليارات من الدولارات لمشروعات تنمية، بينها مشروع نيوم، من خلال صندوق الاستثمارات العامة، وهو السيادي للمملكة.

لكن السعودية، أكبر مصدري النفط في العالم، اضطرت إلى تقليص بعض الخطط الطموحة على مدى عام حتى الآن، وسط استمرار انخفاض أسعار الخام وخفض الإنتاج في الإضرار بالاقتصاد، الذي لايزال يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط والغاز.

إظهار أخبار متعلقة


ويعد مشروع نيوم ركيزة أساسية لخطة ولي العهد "رؤية 2030"، التي تهدف إلى تنويع موارد اقتصاد المملكة بعيدا عن الاعتماد على النفط، إذ أعلن عنه في البداية عام 2017 بصفته مشروع تنمية عالي التقنية بمساحة 26500 كيلومتر مربع يشمل عدة مناطق، بما في ذلك مناطق صناعية ولوجستية.

ويتضمن المشروع إنشاء مدينة تحمل اسم "ذا لاين"، بطول 170 كيلومترا بين جدارين من المرايا، يصل ارتفاعهما إلى 500 متر.

وقال مستشار مُطَّلِع: "عندما تم طرح المشروع لأول مرة كفكرة، كانت التكاليف 500 مليار دولار. ومع ذلك، فإن تكلفة ذا لاين وحده، ستبلغ أكثر من تريليون دولار، وهذا هو السبب في تقليصه".

لكن العمل في المشروع يركز الآن فقط على الانتهاء من جزء من الخط يمتد بطول 2.4 كيلومتر، بما في ذلك ملعب من المتوقع أن يستضيف المباراة النهائية لكأس العالم لكرة القدم 2034، وبعد ذلك سيتم تقييم الخطط المستقبلية، وفقا لأحد المصادر الثلاثة المُطَّلِعة بشكل مباشر على الأمر.

اظهار أخبار متعلقة


بدورها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الانتقادات داخل مشروع "نيوم" العملاق تتزايد بشأن هدر الأموال على أعمال بنية تحتية غير ضرورية، ورغم سمعتها بثرواتها العميقة، لا تستطيع المملكة تحمل قائمة المشاريع العملاقة والمبادرات الاقتصادية المرتبطة برؤية 2030.

وأضافت الصحيفة أن مجلس إدارة "نيوم" لم يقدم سببًا واضحًا لاستبدال الرئيس التنفيذي "نظمي النصر" بشكل مفاجئ في نهاية الأسبوع، لكن موظفين سابقين قالوا إنه كان يصطدم كثيرًا مع صندوق الاستثمارات العامة، مالك المشروع ومموله، بشأن الميزانيات المتضخمة.

وتُقدر التكلفة المعلنة لمشروع "نيوم" بـ500 مليار دولار، إلا أن مسؤولين سابقين يعتقدون أن التكلفة الفعلية ستبلغ تريليونات الدولارات.

ويذكر أن مجلة "ذا نيشن" نشرت تقريرا يسلط الضوء على آثار مشروع نيوم السعودي المدمرة على العمالة المهاجرة؛ حيث كشفت مصادر عن وفاة عدد كبير من العمال المهاجرين نتيجة ظروف العمل القاسية؛ مما يؤكد ضرورة اتخاذ موقف قوي ضد هذه الممارسات، ووجوب تحمل الشركات المعمارية الكبرى المشاركة في المشروع مسؤوليتها الأخلاقية تجاه هذه الانتهاكات.

وقالت المجلة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"؛ إن قناة "آي تي في" البريطانية، أصدرت في أوائل شهر تشرين الثاني/ نوفمبر فيلما وثائقيّا بعنوان "كشف الغطاء عن المملكة"، يكشف عن معاناة العمال الوافدين في إطار رؤية السعودية 2030، وتحديدا في مشروع "نيوم" المعماري الضخم، الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات.

ووفقا لقناة "آي تي في"، لقي 21 ألف عامل مهاجر من الهند وبنغلاديش ونيبال حتفهم حتى الآن في الصحراء السعودية، في أثناء وضع أساسات هذا المشروع، بينما تقدر صحيفة "هندوستان تايمز" أن 100 ألف عامل آخر قد فُقدوا.

إظهار أخبار متعلقة


ورغم أن هذه الأرقام صادمة، إلا أن هذه ليست المرة الأولى التي يكشف فيها حجم معاناة العمال في نيوم، فقبل أربع سنوات، نشرت صحيفة الغارديان تقريرا عن الترحيل القسري لـ 20,000 شخص من سكان منطقة تبوك، شمال ساحل البحر الأحمر، لإفساح المجال لتنفيذ المشروع. 

يصور الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة "آي تي في" المدينة على أنها جحيم حقيقي، ويكشف عن ظروف عمل تنتهك بشكل لا لبس فيه المعايير الدولية، بما في ذلك العمل لمدة 16 ساعة في اليوم، في حرارة شديدة تتخللها رحلات لمدة أربع ساعات داخل الموقع وخارجه.

وعندما تم التواصل مع ممثلي شركة نيوم، أخبروا صانعي الفيلم أنهم يطلبون من جميع المقاولين الامتثال لمدونة قواعد السلوك الخاصة بالشركة، استنادا إلى قوانين السعودية وسياسات منظمة العمل الدولية، وأنهم يخضعون لعمليات تفتيش متكررة تتعلق بظروف معيشة العمال وعملهم.
التعليقات (0)