قضايا وآراء

مصر 11/11 وحتمية الثورة

محمود النجار
1300x600
1300x600
دعني أخمن أن الثورة العارمة قادمة، وأن عبد الفتاح السيسي سيتم خلعه كما خلع سلفه حسني مبارك، ودعني أتفاءل بالقادم من الأيام، على الرغم من أن السيسي يسيطر على كل شيء في البلد، ابتداءً بالجيش والشرطة وانتهاء بالبشر والحجر والشجر، إلا أن الإرادة الصلبة والتحدي والإصرار الذي يبديه رجال مصر ونساؤها يؤشر على ثورة حقيقية، لا على موجة عابرة؛ فقد فاض الكيل بالشعب، ولم يبق لديه من أمل في الخلاص إلا بثورة تخلع منظومة العار والخيانة والظلم من جذورها..

لقد قام السيسي ببيع البلد: مؤسسات وشركات وبنوك وأراض وموانئ ومشاريع، وباع معها جزيرتي صنافير وتيران، وتخلى عن ماء النيل بغباء أو تآمر محتمل، وأقام مدينة القاهرة الجديدة التي أفقرت الشعب واستنزفت مليارات الدولارات التي تسولها أو اقترضها أو مص بها دم الشعب بالضرائب والاحتيال وصبّح على مصر بجنيه، ولكي يرفع الروح المعنوية للشعب؛ قام بحفر تفريعة قناة السويس التي كلفت أكثر من 4 مليارات دولار عبثا وصبيانية..!! وجوّع الشعب وأذله وحطم كبرياءه واستباح ممتلكاته، وهجر السيناويين من بيوتهم التي هدمها فوق رؤوسهم بمشاركة طيران المحتل الصهيوني، واعتدى على جزيرة الوراق محاولا إخراج أهلها منها إيذانا ببيعها لدولة الإمارات، وسجن وعذب وقتل خارج القانون واعتقل تعسفيا، وحكم قضاته الجلاوزة على كثيرين ظلما وعدوانا بالإعدام أو المؤبد بتهم ملفقة، ناهيك عن الغلاء المستفحل وارتفاع معدل البطالة والتضخم وعدم توفر كثير من المواد الضرورية، واختلال الميزان التجاري الخارجي بشكل يؤشر على إفلاس وكارثة اقتصادية كاملة الأركان، مما أسهم في اهتزاز صورة مصر ووزنها الدولي جراء التصرفات الهوجاء للمنقلب، وسلوكه الدبلوماسي الهش وتسوله الذي لا يتوقف، وسيطرة العسكر على مفاصل الحياة الاقتصادية، وتغولهم على القطاع الخاص.
يحمل الشعب المغلوب على أمره تبعات أخطائه المتلاحقة التي دمرت البلد وقضت على مستقبل الأجيال التي ستكون ملزمة بدفع فواتير حماقاته وفواتير المليارات التي اقترضها من البنوك الدولية والمحلية

إلى ذلك فقد زور كل الانتخابات التي أجريت في مصر، سواء الرئاسية أو البرلمانية، مما جعل المواطن المصري يحس بأنه يعيش في وطن محتل، لا وطنا سياديا.. وطن يلعب فيه رئيس صغير، لا يفتأ يغش وينافق ويجعل الله عرضة لأيمانه الكاذبة، ويعد ويخلف، ويحمل الشعب المغلوب على أمره تبعات أخطائه المتلاحقة التي دمرت البلد وقضت على مستقبل الأجيال التي ستكون ملزمة بدفع فواتير حماقاته وفواتير المليارات التي اقترضها من البنوك الدولية والمحلية.

ومن أكثر الأمور إثارة للسخرية والغرابة ما قاله في خطابه الأخير الأحد (23 تشرين الأول/ أكتوبر) بأن "تجربتي في الحكم خلال السنوات الماضية أثبتت لي أنني لم أعرف ولم أفهم ولم أقدّر حقيقة المصريين"، وهو تصريح هجين يبعث على الدهشة، ويدل على فقدانه البوصلة، وسقوطه في الحماقة. ولا يقل تصريحه الآخر حول تخلي دول الخليج عنه سخرية؛ فهو يعترف بفشله الذي أدى إلى تخلي دول الخليج عنه حيث يقول بذات البلاهة: "الأشقاء والأصدقاء أصبح لديهم قناعة بأن مصر غير قادرة على الوقوف مرة أخرى بعد ما قدموه لها من مساعدات استمرت لسنوات لحل الأزمات والمشاكل"..!!
يدين نفسه بشكل صارخ، ويتحدث عن الفشل الذي أوقع البلاد فيه، دون أن يعي ما يقول، فهو يعترف ببساطة بفشله، وهو ما يؤكد هذا الفشل بكل المعاني الدالة عليه

إنه يدين نفسه بشكل صارخ، ويتحدث عن الفشل الذي أوقع البلاد فيه، دون أن يعي ما يقول، فهو يعترف ببساطة بفشله، وهو ما يؤكد هذا الفشل بكل المعاني الدالة عليه. فاعترافه بتخلي دول الخليج عنه يجعله في موقف الضعيف الذي لا يجد نصيرا ممن نصّبوه رئيسا، وقدموا له المليارات، ولا من أحد غيرهم؛ فقد قرف العالم كله منه، ولم يعد أحد مستعدا لمد يد العون له، وهو ينفق المليارات في مصارف لم تجد نفعا. وهي في الوقت نفسه فرصة لهذه الدول للاستحواذ على مقدرات مصر ومشروعاتها الرابحة عن طريق الشراء المباشر أو استبدال الديون المتراكمة.

وقد بدا السيسي قلقا من دعوات التظاهر في 11/11، وألمح لها محذرا منها بمقاربة مع الأوضاع في لبنان، مُرجعا سبب انهيار الليرة اللبنانية وفقدان الدولار في البنوك والأوضاع الاقتصادية الصعبة إلى التظاهرات التي استمرت لسنتين أو ثلاث، حسب قوله، وهو ما تلقاه المعارضون بالسخرية؛ فحججه واهية، وحديثه عن سوريا والعراق ثم لبنان بات حديثا ممجوجا لا يقنع أحدا، وهو أسلوب ربما انطلى على بعض العوام في وقت ما، لكنه اليوم لم يعد ينطلي على أحد؛ فقد فاض الكيل، بعد أن ذهبت كل وعوده مع الريح، ولم يعد أحد يصدقه.

إن حجم التحدي الذي يبديه المصريون واستعدادهم الجاد لخلع السيسي لم يعد تجربة فجة، بل ناضجة وواعية يستحضر فيها الشعب كل مصائبه ومصائب وطنه.. لم يعد الرغيف همهم الوحيد، فقد استيقظوا على بيع مصر وكرامة مصر، فدشنوا المنصات الإعلامية والمحطات الفضائية، وتكاتف الجميع للخروج بمصر من حالة الدمار المادي والمعنوي التي وصلت إليها بفضل رئيس يتصرف بالبلد هو وزمرته وكأنها مزرعة ورثها عن أبيه، وعلى المصريين أن يعملوا فيها كعبيد لا أكثر ولا أقل، وويل لمن يعترض ولو بإيماءة أو شكوى من جوع أو عطش أو تعب..
حجم التحدي الذي يبديه المصريون واستعدادهم الجاد لخلع السيسي لم يعد تجربة فجة، بل ناضجة وواعية يستحضر فيها الشعب كل مصائبه ومصائب وطنه.. لم يعد الرغيف همهم الوحيد، فقد استيقظوا على بيع مصر وكرامة مصر، فدشنوا المنصات الإعلامية والمحطات الفضائية، وتكاتف الجميع للخروج بمصر من حالة الدمار المادي والمعنوي التي وصلت إليها


لقد تغول السيسي على مقدرات مصر وشعبها؛ فأوصل مصر إلى الحضيض، ولو تابعنا ردات الفعل الدولية والعربية تجاه التحضيرات لخلعه، سنجدها بين الصمت والتأييد، وقليلة تلك الأصوات التي تنادي بالتروي وإعمال العقل، مع أن إعمال العقل يقتضي ثورة ولا شيء غير الثورة..

أكثر من 60 ألف معتقل وآلاف الأسر ينتظرون خروج أبنائهم من السجون، ومئات الآلاف من الجنود ورجال الشرطة ينتظرون الخلاص من حاكم أذلهم وأهانهم وجعلهم عبيدا يتسلط عليهم هو وضباطه الذين يعاملونهم باستعلاء، ولا يتوانون عن شتمهم بأقذع السباب لأتفه الأسباب..

لقد آن أن يتخلص الشعب من هذا الكابوس الذي ملأ حياتهم فُجرا وإفكا وقهرا واستعبادا وتجويعا.. دقت ساعة الحقيقة التي يخشاها الكيان الصهيوني ويتحسب لها، فهو الخاسر الأكبر حين يسقط الحاكم الصهيوني الذليل في وحل الذل والمهانة عن قريب، والأمل بالله كبير، ثم بعظمة الشعب المصري الذي أثبت في ثورة يناير 2011، التي كنت شاهد عيان عليها، أنه لا يعرف الخوف ولا المساومة..

 

التعليقات (8)
r.d.a
الأحد، 06-11-2022 10:14 ص
رائحة الصهيونية فايحة في كلامك يا من يدعي الإصلاح.
عزيز شكري. ..مصر
الخميس، 27-10-2022 02:14 ص
كلام معقول الطغاة مهما فعلوا هم ساقطون بثورة شعبية نعم سيسقط الإنقلاب في مصر وتونس مهد الربيع العربي. 11/11 موعدنا .
اكاديمي من كردستان العراق
الأربعاء، 26-10-2022 07:38 م
تحليل واقعي و ينم عن خبره‌ و ر?يه‌ عميقه‌ لاعتاء التحليل اساسا عن المعتيات
ام يحيى
الأربعاء، 26-10-2022 03:29 ص
بعد الثحيه لكاتبنا اقول ان شاء الله كلامك يتحقق ويزول هو واهله الاسرائيلين ويرتاح الشعب المصري من الذل والاهانه وتخلي الامارات عنه وكلامه عن ذلك ينبق عليه الخايب خايب لو وضعو على رأسه كل المشاعل لانه انسان لا يشبع لا مال ولا قصور وتشبيهك مصر بالمزرعه ينطبق على انسان مصاص دماء محتال اناني لايريد الا نفسه واي عمل عمله لمصر حسبنا ونعم الوكيل ،،،،،،،،،،،
يوسف بوحجلة
الأربعاء، 26-10-2022 02:01 ص
سيدي محمود . إن الله يملي للظالم ويمهله ليزداد إثما، حتى إذا أخذه لم يفلته { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد }صدق الله العظيم. سيدي محمود . ربما التفسير بما تفضلت بنشره وأحييك بحرارة. هو أن الرجل لا يرى في أي فعل له خطأ استنادا لجنون عظمته الذي يسيطر عليه، وأنه قادر على إدارة كافة الأمور والتحكم فيها مهما وصلت من مستويات ضحلة، رجل لا يقبل النقد ولو في صورة نصيحة أو حتى مصطنعا لتجميل وجهه هو ونظامه، ناهيك عن شخصيته المتشككة والمسكونة بالهواجس والمخاوف وانعدام الثقة بالنفس في قرارة نفسها؛ الأمر الذي يستدعي تضحية بكل عزيز وغالٍ لإثبات أنه على حق أو أن كل شيء تحت سيطرته أو أنه لا ثمة أخطاء تستدعي اللوم أو التوجيه أو الإرشاد. لذا فبرأيي أن تغيير هذا النظام في الأفق المنظور أمر ليس هينا، وإن جرى فإنه سيكون أقرب للمعجزة من كونه أمرا طبيعيا في ظل طبيعته. "وتلك الأيام نداولها بين الناس" صدق الله العظيم