صحافة دولية

NYT: الرياض عرضت صفقة نفط سرية على واشنطن ثم خدعتها

ذكرت الصحيفة أن الخطوة السعودية دفعت مسؤولي إدارة بايدن إلى إعادة تقييم العلاقة بين البلدين- واس
ذكرت الصحيفة أن الخطوة السعودية دفعت مسؤولي إدارة بايدن إلى إعادة تقييم العلاقة بين البلدين- واس

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا سلطت فيه الضوء على الغضب الذي يعتري صفوف المسؤولين الأمريكيين الذين شعروا بالخداع إثر ضغط القادة السعوديين لخفض إنتاج النفط على الرغم من زيارة الرئيس بايدن.


وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه بينما كان الرئيس بايدن يخطط لرحلة محفوفة بالمخاطر السياسية إلى المملكة العربية السعودية، فقد اعتقد كبار مساعديه أنهم أبرموا صفقة سرية لتعزيز إنتاج النفط حتى نهاية العام، وهو ما كان سيساعد في تبرير كسر تعهد الحملة المتعلقة بالتخلي عن المملكة وولي عهدها، ولكن الأمر لم يكن كذلك.


وأوضحت أنه على عكس النتيجة التي اعتقدت إدارة بايدن أنها ضمنتها بعد تلك الزيارة؛ فقد وجهت المملكة العربية السعودية وروسيا مجموعة من الدول المنتجة للنفط في التصويت لخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًّا.


وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن هذه الخطوة دفعت مسؤولي إدارة بايدن الغاضبين إلى إعادة تقييم علاقة أمريكا بالمملكة، ما أنتج موجة من التصريحات الاتهامية بين الحكومتين؛ بما في ذلك اتهام البيت الأبيض بأن المملكة العربية السعودية كانت تساعد روسيا في حربها على أوكرانيا، وقد تُرك المشرعون الذين تم إخبارهم بفوائد رحلة الرئيس إلى المملكة وتفاصيل صفقة النفط - التي لم يتم الكشف عنها مسبقًا - غاضبين، مُدعين أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد خدع الإدارة.


ولفتت الصحيفة إلى أن النتيجة كانت نقطة ضعف أخرى في العلاقات المضطربة بين أمريكا والسعودية، وتُعد مثالًا كاشفًا على مدى حرص المملكة، بقيادة ولي عهدها الطموح، على التخلص من اعتمادها على الولايات المتحدة.


ومن جهتهم، قال المسؤولون الأمريكيون إنهم تلقوا تأكيدات من ولي العهد بأنه لن يكون هناك تخفيضات في الإنتاج قبل أيام من قرار أوبك بلس، ولكن بمجرد معرفتهم بالانعكاس السعودي فإنهم قاموا بخطوة أخيرة غير مجدية لتغيير رأي العائلة المالكة.

 

وقالت وزارة الطاقة السعودية في بيان إن المملكة ترفض هذه المزاعم وتؤكد أن مثل هذه التصرفات التي قامت بها مصادر مجهولة كاذبة تمامًا، مشيرة إلى أن قرارات أوبك بلس يتم التوصل إليها بإجماع جميع الأعضاء ولا تُحددها سوى أساسيات السوق وليس السياسة كما يدعى البعض.


وأكدت الصحيفة أن مسؤولي البيت الأبيض شعروا بالغضب والدهشة مما قالوا إنه تحول سعودي، ولكنهم يصرون على أن استراتيجيتهم الشاملة لخفض تكاليف الطاقة تعمل بشكل جيد.


وقالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في بيان مساء الثلاثاء: "لدينا خلاف مع المملكة العربية السعودية بشأن أحدث خفض للإنتاج، لكن لطالما ركزت سياستنا في مجال الطاقة على الأسعار وليس عدد البراميل، وهذه السياسة تنجح مع انخفاض أسعار النفط الخام بنسبة تزيد على الـ30 في المائة هذا العام وحده".


في الوقت نفسه؛ يستعد المسؤولون الأمريكيون لزيادة محتملة أخرى في الأسعار، إذا ما دخل الحظر الأوروبي على النفط الروسي حيز التنفيذ ورفض السعوديون زيادة إنتاج النفط لتعويض الانخفاض المتوقع في العرض. ويشير المسؤولون إلى أن ذلك سيكون علامة أكيدة على أن السعوديين كانوا يساعدون الروس من خلال تقويض الخطة التي تقودها الولايات المتحدة وأوروبا.


ويقول بعض المحللين إن كبار المسؤولين الأمريكيين والسعوديين قد أساءوا فهم بعضهم البعض في ما يتعلق بكل من ديناميكيات سوق النفط والجغرافيا السياسية في جميع أنحاء روسيا، وإن إدارة بايدن ستواجه صعوبة في معرفة كيف سارت الأمور في الاتجاه الصحيح.


وأشار البيت الأبيض إلى سعيه للانتقام من القرار السعودي من خلال تقليص بعض العلاقات العسكرية والاقتصادية مع المملكة. وقد وصف بعض أشد مؤيدي الرئيس بأن زيارة بايدن تعد مثالًا على تضحية الإدارة بالمبادئ من أجل النفعية السياسية.

 

وفي حين تمر إدارة بايدن بوقت عصيب، فإن السعوديين يشقون طريقهم بكل أريحية، وفقا لـ "نيويورك تايمز".

 

اقرأ أيضا:  هل تدخلت الرياض بانتخابات أمريكا عبر قرار خفض إنتاج النفط؟


نتوء القبضة في جدة


ورغم تنديد السيد بايدن بالأمير محمد خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، والأمر برفع السرية عن تقييم استخباراتي مفاده أن الأمير أمر على الأرجح بقتل الصحفي جمال خاشقجي، إلا أن بعض مساعديه رأوا فوائد قصيرة وطويلة الأجل لزيارته وحاولوا بهدوء إصلاح العلاقة، وقالوا إن العمل مع المملكة مهم جدًّا في ما يتعلق بحرب اليمن وإيران، وتوسيع قبول إسرائيل في المنطقة، ويعتقدون أن هذه الرحلة قد تعزز التزام السعودية بإقناع أوبك بزيادة إنتاج النفط.


وقال مسؤولون أميركيون إنهم توصلوا في أيار/ مايو الماضي إلى اتفاق نفطي خاص مع السعوديين من جزأين؛ أولا، سيسرع السعوديون زيادة إنتاج أوبك بلس بمقدار 400 ألف برميل يوميًّا المخطط لها بالفعل في أيلول/سبتمبر، ونقلها إلى تموز/ يوليو وآب/ أغسطس. ثانيًا؛ سيطلب السعوديون من التجمع النفطي الإعلان عن زيادة إضافية في الإنتاج بمقدار 200 ألف برميل يوميا لكل شهر من أيلول/ سبتمبر إلى كانون الأول/ ديسمبر من هذا العام.


ولفتت الصحيفة أن منظمة أوبك، في 2 حزيران/ يونيو، أعلنت أنها سترفع زيادة الإنتاج المقرر إجراؤها في أيلول/ سبتمبر.

 

وفي نفس اليوم؛ أعلن البيت الأبيض أن بايدن سيقوم قريباً برحلة إلى المملكة العربية السعودية، وظل المشرعون الديمقراطيون متشككين في جهود التقارب، وأرسل أعضاء من مجلس النواب الديمقراطي رسالة في 7 حزيران/ يونيو إلى بايدن يحثونه فيها على اتخاذ نهج أكثر حذرًا تجاه المملكة العربية السعودية.


ووافق البيت الأبيض على إعطاء المشرعين إحاطات سرية حول جهودهم الدبلوماسية حول مجموعة من القضايا، بما فيها مجموعة متنوعة من الاتفاقات التي توسطوا فيها مع السعوديين، بما في ذلك زيادة إنتاج النفط التي تهدف إلى خفض الأسعار، وكان سعر النفط ينخفض ببطء بحلول الوقت الذي وصل فيه بايدن إلى جدة في 15 تموز/ يوليو للقاء مع ابن سلمان وقادة عرب آخرين.

 

وبدا أن المسؤولين السعوديين حريصون على إظهار وفائهم بالتزاماتهم للأمريكيين، خلال القمة، وأعطوا أعضاء وفد السيد بايدن مخططًا يوضح أن أسعار النفط قد انخفضت إلى 101 دولار للبرميل، بعد أن كانت أكثر من 120 دولارًا للبرميل.


مفاجأة أكتوبر

 

 وأكدت الصحيفة أن الأمريكيين خرجوا من القمة معتقدين أن الاتفاق يسير على الطريق الصحيح وأن الأمير محمد بن سلمان يشعر بالرضا.

 

لكن في الرياض؛ لم يكن لدى كبار المسؤولين السعوديين خطط لزيادة إنتاج النفط، فقد أعلنت أوبك في الخامس من أيلول/ سبتمبر أنها ستخفض الإنتاج بواقع 100 ألف برميل في اليوم متراجعةً عن الزيادة التي أعلنت عنها قبل شهر، فيما كان المسؤولون الأمريكيون مرتبكين وقلقين بشكل متزايد بشأن اتجاه المملكة، وفي أواخر أيلول/ سبتمبر، وصلتهم معلومات بأن المملكة العربية السعودية يمكن أن تجعل أوبك تعلن عن خفض كبير في إنتاج النفط في اجتماع كان مقررًا في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.


ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن ابن سلمان قد تأثر بشكل خاص باجتماع رفيع المستوى في 27 أيلول/ سبتمبر، تحجج فيه الأمير عبد العزيز، وزير الطاقة، بأن تخفيضات إنتاج النفط ضرورية لمنع الأسعار من الانخفاض إلى ما يصل إلى 50 دولارًا للبرميل.

 

وأضاف المسؤولون أن الأمير عبد العزيز أكد أنه في ظل مثل هذا السيناريو، فستفتقر الحكومة السعودية إلى الموارد اللازمة لتمويل مشاريع التنويع الاقتصادي.

 

ويشير بعض المسؤولين الأمريكيين إلى علاقات العمل القوية بين الأمير عبد العزيز وكبار المسؤولين الروس المقربين من السيد بوتين، ولا سيما ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الذي يشرف على سياسة الطاقة.

 

ونفى المسؤولون السعوديون بشدة تعاملهم مع روسيا وقالوا إنهم يرون أنفسهم وسيطًا محايدًا في حرب روسيا مع أوكرانيا.

 

وقال بعض المسؤولين الأمريكيين إن الرد على ذلك سيأتي في 4 كانون الأول/ ديسمبر، عندما تجتمع أوبك مرة أخرى.


ويعمل البيت الأبيض مع الحلفاء الأوروبيين لتنفيذ حظر جزئي وحد أقصى لسعر مبيعات النفط الروسي بدءًا من كانون الأول/ ديسمبر، والهدف هو حرمان موسكو من الموارد وزيادة الضغط على بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مع الحفاظ على استقرار إمدادات النفط العالمية.


وأوضحت الصحيفة أن الكثير يتوقف على ما سيختاره السعوديون؛ فإذا رفضوا الإعلان عن زيادة الإنتاج في اجتماع كانون الأول/ ديسمبر فقد ترتفع أسعار النفط، ما يقوض جهود بايدن ضد روسيا ويؤجج التضخم العالمي.

 

وقال الأمير عبد العزيز، متحدثا في منتدى الاستثمار السنوي في الرياض، يوم الثلاثاء الماضي، إن المملكة ستفعل ما هو في مصلحتها.

التعليقات (0)