شهدت بطولة
كأس العالم المقامة في قطر حاليا مستويات كبيرة ومفاجئة قدمها المنتخب
المغربي الذي وصل للمربع الذهبي متجاوزًا منتخبات كبيرة مثل بلجيكا وأسبانيا والبرتغال.
وأوضح موقع نقطة أفريقيا الفرنسي، في تقرير ترجمته "عربي 21"، أن حدث من منتخب المغرب في كأس العالم لم يكون وليد الصدفة، بل كان قرار مدروسًا على أعلى المستويات في الدولة؛ الملك محمد السادس نفسه.
وأشار الموقع إلى أن الدوري المغربي يعتبر واحدًا من أفضل الدوريات في القارة الأفريقية، كما فاز اثنين من أنديته بلقبي البطولتين الأكبر للأندية في القارة، ورغم الخسارة في بطولة أمم أفريقيا والتي أثارت شكوكا حول مستوى الفريق، إلا أن الإشارات الإيجابية التي بعثها أداء المنتخب ولاعبي الأندية المغربية لم تكن من فراغ؛ حيث كانت تتويجا تتويجا لمجهودات الملك محمد السادس بعد تدشينه للأكاديمية عام 2009 لإعادة تشكيل الرياضة الوطنية في المغرب واكتشاف المواهب الكروية ومساعدة لاعبي
كرة القدم للوصول إلى هدفهم واللعب في دوري احترافي.
انخفاض المستوى في أول الألفية
ولفت الموقع إلى أن المنتخب المغربي غاب عن نهائيات كأس العالم 2002 و2006، ولم يفز بكأس الأمم الأفريقية منذ عام 1976 (خسر نهائي عام 2004)، ومنذ عام عام 2000 ولمدة 10 سنوات كانت الكرة المغربية تعاني، وهو ما دفع الملك محمد السادس إلى اقتراح إنشاء مركز تدريب وطني لإعداد اللاعبين للمنتخب؛ حيث يقول ناصر لارجيت، مدير
أكاديمية محمد السادس لكرة القدم سابقا، والكاتب في موقع "سو فوت So Foot" الرياضي: "أراد جلالة الملك محمد السادس أن يفهم لماذا وصلت كرة القدم إلى هذه الصعوبات؛ من عدم التأهل لكأس العالم لفترة طويلة، وعدم اجتياز الجولة الأولى من الكؤوس الأفريقية وكذلك عدم تأهيل الشباب في المسابقات الأفريقية وخاصة العالمية، وكذلك النتائج التي كانت مفقودة على مستوى بطولات دوري أبطال أفريقيا. لذلك كان الاستنتاج هو أن المغرب قد أهمل تدريب الشباب، الذين كانوا عماد قوته".
فخر عشاق الكرة المستديرة
وأوضح الموقع أنه بناء على هذا جاءت فكرة مدرسة محمد السادس التي شقت طريقها منذ افتتاحها في عام 2009؛ حيث تمول الأكاديمية بمبلغ 140 مليون درهم (13 مليون يورو) دون دعم من الدولة، من قبل مجموعة من شركات القطاع الخاص بنك التجارة الخارجية، والاتصالات المغربية، ومجموعة أونا، ومجموعة أدوها، ووفا للتأمين، كما يقدم الملك دعما ماليا سنويا بينما يتم سداد الائتمان من خلال المنح المقدمة من الرعاة ومبيعات اللاعبين من الأكاديمية؛ وهو جعل هذا المشروع بالإضافة إلى مركز مولاي راشد الرياضي الوطني قطبين أساسيين للتميز لصالح الرياضة المغربية.
مرافق عالمية المستوى
وأفاد الموقع بأن المجمع الرياضي للأكاديمية يقع في مدينة سلا، على مساحة 18 هكتارا ويتضمن أماكن للسكن، ومركز لمتابعة الدراسة، والقسم الإداري. ومن حيث الرياضة؛ تم تجهيز الأكاديمية بملاعب ذات أسطح مختلفة (عشب طبيعي، وعشب صناعي، تراب ورمل) ومركز طبي رياضي للسماح للشباب بالتطور الأمثل في جميع النقاط.
ووفق الموقع؛ فإن المنهج المعتمد في الأكاديمية يقوم على دورة تدريبية مدتها سبع سنوات تتبع نموذجا للدراسة الرياضية فيه عدة مستويات بدءًا من الفئات الدنيا والأطفال والناشئين، ويعتمد على أساس اكتشاف المواهب الكروية الشابة غير المنضمة لأندية بعينها، ويحتوي المجمع أيضا على مدرسة لكرة القدم تتسع للأطفال من سن 6 إلى 12 عاما لكي يتم إعداد لاعبي كرة القدم الناشئين لدوريات المحترفين؛ حيث تهدف سياسة الاستكشاف ببساطة إلى استهداف أفضل المواهب الكروية، بغض النظر عن خصائصها الجسدية أو أسلوب لعبها، وتطويرها وفقا لذلك.
إعداد لاعبي كرة القدم الناشئين لدوريات المحترفين
لاعب جديد في كرة القدم المغربية
وبحسب الموقع فإن فرق الأكاديمية تسجل في بطولة الفئات الصغيرة (بعضها يتم بثه على القناة الرياضية الوطنية)، وهو ما جعل الأكاديمية تغير من التسلسل الهرمي للأندية الكبرى في البلاد وتؤكد نفسها بسرعة كبيرة كقوة جديدة في تشكيل كرة القدم المغربية؛ حيث تم الفوز بالعديد من الألقاب بسرعة إلى حد ما في الفئات المختلفة؛ حيث إن محتوى التدريب يميزها عن النوادي التقليدية، وفقا للارجيت، الذي يشغل حاليا منصب المدير الفني للاتحاد السعودي لكرة القدم، والذي أضاف: "أرادت العائلات أن توكل إلينا أطفالها لأننا كنا أيضا منتبهين لدراستهم، وكنا منتبهين لصحتهم، وهو ما لم يكن عليه الحال في الأندية، لسوء حظهم. ولذلك فمن الصحيح أنها جذبت القليل من الغيرة".
حصاد الثمار بعد عشر سنوات
وذكر الموقع أن الأكاديمية أصبحت مرجعا للكرة المغربية في نحو عشر سنوات؛ حيث تعد الأكاديمية واحدة من الموردين الرئيسيين للمنتخب الوطني، الذي يوجد فيه أربعة لاعبين من خريجي الأكاديمية هم يوسف النصيري، ونايف أكرد، ورضا تاجناتوري، وعز الدين إوناحي، وهذا الأخير الذي اكتشف في عن البطولة؛ فاجأ وأغوى المدرب الإسباني لويس انريكي بعد مباراة الفريقين في دور الـ16؛ حيث قال: "يا إلهي؛ من أين يأتي هذا الرجل؟".
وبين الموقع أن الدخل الناتج عن التحويلات يعود على الفور إلى الأكاديمية من أجل مواصلة تحديث البنية التحتية، وتحسين شبكة التوظيف من أجل تغطية جميع مناطق البلاد بشكل أفضل، كما أقامت الأكاديمية شراكة لمدة ثلاث سنوات مع أولمبيك ليونيه في عام 2019 بهدف إقامة تعاون تقني.
تعزيز المصداقية على الصعيد الدولي
ونوه الموقع إلى أن الأكاديمية من خلال المشاركة في العديد من البطولات الدولية؛ أصبحت سمعتها راسخة تماما دوليا؛ حيث فازت مؤخرا ببطولة الاتحاد الأفريقي للاعبين تحت 19 سنة والتي جمعت العديد من الأكاديميات المعترف بها في أكادير، مثل أكاديمية جان مارك غيلو في مالي وساحل العاج، وأكاديمية نادي نيس الفرنسي، وأكاديمية نادي ريد بول سالزبورغ النمساوي، وأكاديمية نادي "سي إن إي بي إس CNEPS" السنغالي، والتي هزم فريقها في النهائي بركلات الترجيح.
واختتم الموقع التقرير بالقول إن الأكاديمية عقد شراكات محدودة مع أكاديميات النوادي الكبرى، مثل الوداد والرجاء والجيش الملكي والفتح ونهضة بركان، لتغذية البطولة الوطنية بلاعبين تم تأسيسهم بشكل احترافي، وهو ما سيسمح للدوري المغربي أن يحصل على لاعبين ذوي جودة عالية، ويحافظ على مكانته كبطولة رائدة في القارة والحصول على المزيد من النتائج في كأس الأندية الأفريقية.