يا ابني اضبط لنا الريسيفر!!
يا أبي أنا ذاهب عند أصدقائي لمشاهدة الماتش!!
ممكن اليوم ناكل أي شيء علشان مشغولة بالماتش يا أبو حمادة!!
ممكن نغادر العمل اليوم مبكرا علشان الماتش يا خالد ويا حسين وإبراهيم!!
في البيت..
في المدرسة والجامعة..
في المصنع والمتجر والمزرعة..
في الشارع والمقهى..
في القطار والمترو والأتوبيس والتاكسي والطائرة..
ثلاثون يوما معظم العالم مشغول بالحدث..
ولي عليه ملاحظات..
نجحت دولة
قطر الصغيرة مساحة وعدد سكان، الكبيرة قيمة ومعنى (رئيس الفيفا
يرحب باستضافة مصر والسعودية واليونان مجتمعة
كأس العالم نسخة 2030!!).
نجحت في تنظيم كأس العالم بصورة أبهرت الأعداء قبل الأصدقاء، وغيّرت الصورة الذهنية السلبية عن العرب والمسلمين، وأزالت بالممحاة ما دبره الحاقدون من الغرب والشرق لإفشالها.
نجحت قطر في تعريف ضيوفها بقيمها العربية والإسلامية، رغم الصورة الذهنية
السلبية عنا.
نجحت قطر في فرض مبادئها العربية والإسلامية بمنع المحرمات التي تضر
بالإنسان، رغم صعوبة التحدي الذي يصل إلى حد الاستحالة.. لكنها نجحت.
نجحت المنتخبات العربية والجماهير العربية في فرض حضور فلسطين في الحدث
الرياضي، بصورة أصابت الصهاينة بالإحباط واليأس من التواصل مع الشعوب العربية
والإسلامية، رغم تهافت حكامها على الكيان اللقيط.
نجح منتخب المغرب في الوصول لنقطة بعيدة في الحدث، يعتبرها البعض حلما صعب
المنال للعرب والمسلمين.. لكنه تحقق.
نجح منتخب السعودية في الفوز على الفائز الحدث..
ونجح منتخب تونس في الفوز على وصيف البطل..
ونجحت منتخبات ليس لها تاريخ في كرة القدم في إحراج كبار القوم فيها..
ونجحت منتخبات من تغيير النتائج من 2 - صفر أو 3 - صفر إلى تعادل أو فوز.
أعطت حكومة دولة عربية إجازة من العمل لكل مواطنيها لمجرد فوز منتخب بلدها
بمباراة في الدور الأول، يا للهول!! ثم خرج المنتخب بعدها مباشرة من الدور نفسه.
لاعب واحد بمهاراته المتميزة جذب أنظار العالم كله، وأظنه أشهر من في الكرة
الأرضية الآن، وأظنه يمثل قدوة لكثير من فتيان وشباب العالم.
الصورة الأجمل، هي صورة القيم العربية والإسلامية (اللاعبون وآباؤهم
وأمهاتهم)، والصورة الأسوأ، صورة منتحب يعترض على منع الدعاية لسلوكيات مخالفة
للفطرة الإنسانية.. وقد خلّص الله منهم الحدث الرياضي.
استثمار الحدث في آخر لقطاته (البشت العربي وقائد الفريق الفائز)، ليظل في
ذاكرة العالم كله، أن الحدث الرياضي الأشهر في العالم، قد تم على أرض عربية وبنجاح
فائق ومنقطع النظير.
لغة الخطاب من الأمير في الافتتاح ولغة الجسد له في الختام وطلاته بسعادة
عند مشاهدته انتصارات الفرق العربية، تنبئ عن قائد واع ومدرك لما يفعل، محب لأشقائه
وفخور بإنجازاتهم.
التضامن العربي الواسع من الشعوب مع الفرق العربية خلال الحدث ومع فريق
المغرب في صولاته وجولاته؛ يدعو للسعادة والاطمئان أنه مهما كان بين الأنظمة
العربية من خلافات مهما كان عمقها، فلن يؤثر ذلك على علاقات الأخوة بين الشعوب.
الهزيمة النفسية والنظر للآخر بأنه الذي لا يقهر هو العامل الأكبر في
الإخفاق والفشل، وعندما حدث انتصار على أحد المنتخبات (التي لا تقهر)، عاش الناس في
أفراح وليال ملاح لدرجة أن اعتبره سيدهم يوم عيد!!!
استفسارات
لماذا لا يفوز منتخب عربي أو مسلم بالبطولة ونعتبره أضغاث أحلام؟
لماذا يخاف لاعبونا من مواجهة لاعبين مثلهم؟؟
أليس هم بشر أبناء تسعة وأحيانا أبناء سبعة؟؟
أليست مكوناتهم جسد وروح مثلنا؟!
أهم يملكون إمكانات مادية أعلى من بعض دولنا؟؟!!
ترى ماذا يمكننا أن نستفيد نحن؟؟
بالعزيمة والجد والإصرار ،يمكن لأي دولة عربية أو مسلمة أن تنجح في تنظيم
أكبر الفعاليات وفي شتى المجالات، ومنها الألعاب الرياضية.
بالإرادة والاستعداد، يمكننا أن نعرّف بديننا وقيمنا ومبادئنا وبكل حب
للجميع.
يستطيع الجاد القوي أن يفرض مبادئه، خاصة إذا كانت مبادئ إنسانية.
بالعزيمة والجد والإصرار، يمكن لأي منتخب عربي أو مسلم أن يفوز بالبطولة
العالمية، وكان على بعد خطوة واحدة منتخب المغرب أن يفعلها لولا أخطاء ساذجة.
بالعزيمة والجد والإصرار، يستطيع أي إنسان عربي أو مسلم أن يصل لأعلى سلم
الكفاءة والإنجاز في أي مجال، وهؤلاء بفضل الله كثر لكن يحتضنهم الغرب والشرق،
ومنها أيضا كرة القدم، ومثاله اللاعب محمد صلاح.
بالاستعانة بالله والثقة في النفس وعدم الخوف من الآخر، يستطيع العربي
والمسلم أن يتحدى ويتعدى أي منافس في أي مجال ومهما كانت قدراته.
استثمار الحالة الرائعة بين الشعوب العربية والإسلامية الناتجة عن الحدث، في
نشر الوعي بقيم الأخوة الإنسانية والأخوة الإسلامية وقيم الإيجابية والتعاون ونبذ
الفرقة والخلاف.
ترى، كم كسبت قطر من الحدث؟
أظنه كثيرا.. كثيرا.. كثيرا..
وانفض السامر.. سيدي الـ"World Cup".