لم تتوقف الحركة
السياسية وتحديداً الرئاسية في
لبنان خلال مرحلة العطلات، عبر اللقاءات والاتصالات
والمؤشرات على حصول مزيد من التواصل والتشاور في شأن تقدم الاستحقاق الرئاسي في الأيام
المقبلة، قبل توجيه مجلس النواب دعوة للجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس جمهورية
جديد. وقد عكست هذه اللقاءات والاتصالات وجود رغبة لدى الجميع بإنجاز الاستحقاق
الرئاسي في أقرب فرصة ممكنة.
لكن لكل فريق
وجهة نظره الرئاسية التي لا تلتقي مع الآخر، بعدما بدأت المعلومات الواردة من
الدول الفاعلة إقليمياً ودولياً تشير إلى عدم اهتمام كبير بهذا الاستحقاق، لوجود أولويات
تراها أكثر إلحاحاً من الملف اللبناني وتشعباته، لكن العديد من القوى لا تزال تعيش
حالة من الانتظار ربطاً بالاجتماع الرباعي المزمع عقده في باريس بين مسؤولين من
فرنسا والولايات المتحدة وقطر والسعودية، حول الملف اللبناني، وما يمكن أن يجري
اختراقه إيجابياً بين الرياض وطهران عبر الفرنسيين والقطريين، لكن هذه الاندفاعة
خفف من وطأتها الأمين العام لحزب الله عبر حديثه عن تأخر أي مسار سعودي- إيراني.
لكل فريق وجهة نظره الرئاسية التي لا تلتقي مع الآخر، بعدما بدأت المعلومات الواردة من الدول الفاعلة إقليمياً ودولياً تشير إلى عدم اهتمام كبير بهذا الاستحقاق، لوجود أولويات تراها أكثر إلحاحاً من الملف اللبناني وتشعباته، لكن العديد من القوى لا تزال تعيش حالة من الانتظار ربطاً بالاجتماع الرباعي المزمع عقده في باريس بين مسؤولين من فرنسا والولايات المتحدة وقطر والسعودية
وفي الوقت ذاته يتجدد
السجال بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، على
خلفية تحضير ميقاتي لإعلان جدول أعمال لعقد جلسة حكومية، الأمر الذي يرفضه التيار
بشكل قاطع، فيما يسعى للوصول إلى وضع بنود تندرج تحت خانة "الحاجات
الملحة" والتي لا بد من إقرارها في مجلس الوزراء لاستدراج التيار العوني
للقبول بها بكونها تشمل تعيينات إدارية.
وعليه، فإنه مع هذا
الانقسام الواضح في المواقف والرؤى يبدو أن علاقة التيار العوني بحزب الله ستكون
أمام امتحان جديد، يرتبط بموقف الحزب من مشاركة وزرائه في جلسة الحكومة المقبلة.
فلا أحد سيكون قادراً على إنجاح عقد الجلسة سوى الحزب وحلفائه، لأن موقفه سيحدد
مصيرها ومستقبل أي جلسة قادمة للحكومة في ظل الفراغ الرئاسي وحكومة تصريف أعمال. في
المقابل، لا يريد
حزب الله افتعال معركة مع المسيحيين واستفزاز حليفه العوني بعد
خطاب نصر الله الأخير الداعي إلى الحوار وإعادة تقييم التجربة مع التيار وتطويرها،
ولكنه في المقابل، هو يشدد على ضرورة التهدئة وتسيير أمور الدولة بالحدّ الأدنى.
بالتوازي كان
لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي مع وفد حزب الله مرحلة جديدة افتتح بها الحزب
علاقاته السياسية للعام الجديد، لأنها وبطبيعة الحال، تجاوزت حدود اللياقات
الاجتماعية والمعايدة السنوية، لكون الوفد كان على رأسه رئيس المجلس السياسي،
وبالتالي فإن السياق الاجتماعي للزيارة لم يكن سوى مناسبة لترجمة الوثيقة السياسية
الجديدة للحزب والتي سيعلن عنها مطلع الشهر القادم، والتي تضع على رأس أولوياتها
إعادة تحديث وتنشيط العلاقات مع الأطراف المسيحية والسنية في البلاد.
وبدت الزيارة
التي حظيت باهتمام محلي أقله؛ مناسبة لمناقشة الملفات العالقة وعلى رأسها الفراغ
الرئاسي الذي يستحوذ على كامل اهتمام رأس الكنسية المارونية في هذه المرحلة، بينما
حرص حزب الله على استبعاد أي نقاش حول
طروحات الراعي عن الحياد وتدويل الملف اللبناني عن أي نقاش مع الرجل بشكل قاطع.
في المقابل، يبدو
أن البطريرك الراعي كان واضحاً أولاً مع حزب الله ومع كل زواره السياسيين، لناحية
موقفه من الاتفاق على شخصية قادرة على استعادة ثقة الخارج وتحديداً العرب بالإضافة
للداخل اللبناني، عبر معايير غير الصيغ التي بنيت عليها التسويات السابقة والقائمة
على المحاصصة والتي تحتم على أي رئيس مقبل أن يكون مقيداً بشروط سياسية أو تحالفات
داخلية أو خارجية.
وعلى الرغم من
حالة التواصل القائمة بين الحزب إياه وبين الصرح الماروني والتي أعيد تفعيلها منذ
مدة، إلا أن لدى الراعي هواجس مستمرة من كل الأحداث السياسية والأمنية والشقاق بين
المكونات المسيحية، ما يجعل حزب الله في موقع الطرف الأقوى بالاستناد إلى حالة
الضعف لدى الآخرين، الذين لم يتوافقوا فيما بينهم على رؤية سياسية أو على اسم
مشترك، يجعلهم أكثر قدرة على إعادة التوازن السياسي إلى لبنان، ولذلك تبقى الكفة
تميل لصالح إيران والحزب.
لا تبدو السعودية مستعدة للعودة إلى لبنان بشكل فاعل في ظل كل هذا الكباش والتثبت بالدلائل أن حزب الله لا زال الطرف الأقوى في اللعبة والأقدر على إدارة كل المساحة السياسية بقدرة عالية
في المقابل
وبالحديث عن إعادة التوازن، لا تبدو
السعودية مستعدة للعودة إلى لبنان بشكل فاعل
في ظل كل هذا الكباش والتثبت بالدلائل أن حزب الله لا زال الطرف الأقوى في اللعبة
والأقدر على إدارة كل المساحة السياسية بقدرة عالية، لذا فإن الرياض التي أوفدت
المستشار في الديوان الملكي نزار العالولا إلى الدوحة للقاء مسؤولين قطريين، ومن
ثم إلى باريس للقاء باتريك دوريل، لإبلاغ كل من يعنيه الأمر أن الرياض ليست متحمسة
للملف اللبناني إلا من بوابة شراكتها مع الفرنسيين بالصندوق المشترك، وربما مثيله
مع قطر والكويت لدعم قطاعات حيوية لبنانية بالحد الأدنى.
لذا فإن تفعيل
المسعى الذي يقوده الرئيس الفرنسي ماكرون لإقناع حلفائه بخطة عمل تهدف إلى تحقيق
نتائج مباشرة في انتخابات
الرئاسة الأولى وتشكيل الحكومة المقبلة، وإدارة وصاية
جديدة على لبنان ربطاً بالاجتماع المقرر منتصف الشهر الحالي. بالتوازي فإن
الاتصالات التي أجرتها الدوحة وباريس مع الأطراف اللبنانية لم تصل لنتائجها
المرجوة، وتحديداً المتعلقة بترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية.
وهذه النتائج
مرتبطة أولاً برفض باسيل لهذا الترشيح وتمسّك حزب الله بترشيح سليمان فرنجية لهذه
اللحظة، وهو ما سبب انزعاجا لدى أطراف فاعلة إقليمياً من تعنت الأطراف وهروبها من
الحلول المنتظرة والمقترحة. وهذه الإشارات تُرجمت بكلام وزير الدفاع الفرنسي خلال
زيارته الأخيرة إلى لبنان عن "عدم حماسة" قائد الجيش للترشح.
بدأت الأوساط السياسية تعيد طرح مجموعة أسئلة مصيرية حول ترشيح قائد الجيش للرئاسة انطلاقاً من تجارب رئاسية عسكرية سابقة، وهنا يكمن سؤال أساسي وهو هل من الصحّي للمؤسسة العسكرية أن تواصل تقديم الرؤساء لأكثر من سبعين سنة، وأن تتحمل ربطها بنتائج الإرث الثقيل لكل تلك الحقبات السابقة
في هذا الإطار
بدأت الأوساط السياسية تعيد طرح مجموعة أسئلة مصيرية حول ترشيح قائد الجيش للرئاسة
انطلاقاً من تجارب رئاسية عسكرية سابقة، وهنا يكمن سؤال أساسي وهو هل من الصحّي
للمؤسسة العسكرية أن تواصل تقديم الرؤساء لأكثر من سبعين سنة، وأن تتحمل ربطها
بنتائج الإرث الثقيل لكل تلك الحقبات السابقة، وتحديداً أن تجارب إميل لحود وميشال
سليمان ومؤخراً ميشال عون زخرت بكل أنواع الحروب والاغتيالات والانهيارات.
وهذا يثبت نظرية
تقول بضرورة فصل للجيش تماماً عن رئاسة الجمهورية، وإعادة تسليمها لمدني يملك
مشروعاً اقتصادياً وسياسياً متكاملاً، وقدرة على التفاوض، وفريقاً استشارياً يجري
اختيار أعضائه لسيرهم الذاتية، وليس لولائهم المطلق كما كان سائداً في عهد مستشاري
الباب العالي وتحديداً سليم جريصاتي.