أعلنت هيئة الإحصاء التركية بلوغ
نسبة التضخم على أساس شهري خلال شهر كانون الأول/ يناير الماضي 6.65في المئة، فيما وصلت نسبة التضخم على أساس سنوي إلى 57.68
في المئة. وتعد نسبة التضخم السنوية لشهر كانون الثاني/ يناير هي الأقل مقارنة بالنسب
التي تم تسجيلها خلال آخر 11 شهرا.
ومن خلال تتبع سلة السلع والخدمات
المحددة للتضخم تبين أن التأثير الأكبر على التضخم السنوي جاء من مجموعات الأغذية والمشروبات
غير الكحولية بدرجة 17.75، والإسكان بدرجة 8.55، والنقل بدرجة 7.95.
ويعتبر التضخم في
تركيا من أشد
الأزمات التي يعاني منها المواطن التركي بعد أن خرج من عباءة التضخم المزمن الذي استمر
لمدة 35 عاما من بداية عام 1970 إلى منتصف عام 2000، حيث تمكن حزب العدالة والتنمية
الحاكم من السيطرة على التضخم وخفضه إلى رقم واحد، ولكن انقلب الحال منذ العام 2017
حيث ارتفع التضخم مرة أخرى، إلى رقمين بصورة متسارعة ومزمنة.
يعتبر التضخم في تركيا من أشد الأزمات التي يعاني منها المواطن التركي بعد أن خرج من عباءة التضخم المزمن الذي استمر لمدة 35 عاما من بداية عام 1970 إلى منتصف عام 2000، حيث تمكن حزب العدالة والتنمية الحاكم من السيطرة على التضخم وخفضه إلى رقم واحد، ولكن انقلب الحال منذ العام 2017 حيث ارتفع التضخم مرة أخرى
والمناقشة لأزمة التضخم في تركيا
يجب أن تكون علمية بتحديد المشكلة وأسبابها والبحث عن سبل حلها، فليس الحل لتلك المشكلة
المزمنة بالعواطف وحدها، ولا بدفن الرؤوس في الرمال، ولا بالتغني بالإنجازات التي حققها
الرئيس أردوغان وحزبه.
إن التضخم ببساطة يعني ارتفاعاً
مستمراً وعاماً في
الأسعار. ويمكن إطلاق عليه حالة "اللا توازن
الاقتصادي"
في سوق السلع والخدمات والذي يتميز بارتفاع مستمر للمستوى العام للأسعار، ومن خلال
طبيعة اللا توازن الاقتصادي هذه يمكن فهم أسباب مرض الأسعار هذا وبالتالي إيجاد العلاج
المناسب.
ويحسب التضخم كمعدل انطلاقا من
مؤشر الأسعار في الاستهلاك الذي يعتمد شهريا على أخذ عينة من الأسعار اعتمادا على عدد
محدد من المنتجات الممثلة لاستهلاك الأسر، حيث إن معدل التضخم يعني مُعدل التغير في
مؤشر الأسعار في الاستهلاك لفترة زمنية محددة قياسا بفترة أخرى، سواء على أساس شهري
أو سنوي.
وتوجد أسباب أساسية لحدوث التضخم
في الاقتصاد يمكن تلخيصها من خلال نظريتين أساسيتين:
الأولى: هي ما ذهب إليه ميلتون
فريدمان (Milton Friedman) من أن التضخم هو ظاهرة نقدية. والثانية: ما سبقه وذهب إليه غيره من
أن التضخم يجد أصله في الاقتصاد الحقيقي عبر مستوى الطلب وتكلفة الإنتاج.
ومن خلال النظرية الأولى (التضخم
من خلال عرض النقود) فإنه توجد علاقة بين كمية النقد المتداول وارتفاع الأسعار، فعندما
تصبح الكتلة النقدية أعلى من الناتج المحلي الإجمالي، ينتج لا توازن بين التدفق النقدي
والتدفق الحقيقي، مما يثير ارتفاعاً في الطلب قياساً بالعرض وهذا يُترجم بارتفاع الأسعار.
ومن خلال النظرية الثانية: (التضخم
بسبب الطلب) فإن التضخم يكون ناتجا عن زيادة الطلب والذي لا يتمكن العرض من الاستجابة
له، فهناك لا توازن في سوق السلع والخدمات يترجم بارتفاع الأسعار. وهذا الارتفاع في
الطلب يمكن أن ينتج من زيادة مفرطة في استهلاك الأسـر والاستثمارات الخاصة أو العامة،
وضعف أو عدم كفاية في المقدرة الإنتاجية للمؤسسات.
ومن خلال النظرية الثانية كذلك:
(التضخم بسبب التكاليف) فإن التضخم يكون ناتجا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج، كما في حالة
ارتفاع أسعار المواد الأولية (النفط، الغاز، الحبوب، النحاس..) وكذلك ارتفاع الرواتب
أو أية تكاليف أخرى تؤثر في أسعار بيع المنتجات.
وإضافة لهذه الأسباب الثلاثة للتضخم
يضاف سبب رابع هو تركيب أو هيكل الأسواق، وفي الواقع فإن الهيكليات الاحتكارية أو احتكار
القلة تسهم في تشويه التنافس وتحول بين انخفاض الأسعار.
كما أن التضخم قد يكون من حيث
أصله: داخلي حيث يرتبط بتكوين الأسعار وتكلفة الإنتاج داخل اقتصاد الدولة، كما قد يكون
خارجيا أو مستوردا حيث يرتبط بارتفاع سعر البترول والمواد الأولية المستوردة ونحوها.
كما يمكن تصنيف التضخم حسب شدته
إلى أربعة أنواع: زاحف (0-2 في المئة)، ومعتدل (2-9 في المئة، رقم واحد)، مزمن (10-99
في المئة، رقم مزدوج)، ومفرط (ما بعد 100 في المئة، ثلاثة أرقام). والتضخم في الفئتين
الأوليين مقبول، بل أحيانا يحفز التضخم الزاحف المنتجين. وتبدأ مشاكل التضخم مع التضخم
المزمن، وتزيد مشكلته اشتعالا مع التضخم المفرط، فيكون معدل نمو الأسعار غير محتمل
حيث تصل الأسعار إلى التغير كل ساعة، وتفقد العملة قيمتها كوسيط للتبادل ومخزن للقيمة.
آثار التضخم لا تقتصر على ما ينتج عنه من تكاليف اقتصادية فحسب، بل تمتد للتكاليف الاجتماعية والسياسية، حيث إن تأثيراته السلبية تجاه الأسر تتمثل في زيادة اللا مساواة في الدخول، وتقليص القوة الشرائية، ومعاقبة المدخرين بانخفاض القيمة الحقيقية لودائعهم. كما أن تأثيراته السلبية تجاه الشركات تتمثل في: فقدان التنافسية وبالتالي انخفاض حصص السوق، وإنتاج أقل وتوظيف أقل
وآثار التضخم لا تقتصر على ما
ينتج عنه من تكاليف اقتصادية فحسب، بل تمتد للتكاليف الاجتماعية والسياسية، حيث إن
تأثيراته السلبية تجاه الأسر تتمثل في زيادة اللا مساواة في الدخول، وتقليص القوة الشرائية،
ومعاقبة المدخرين بانخفاض القيمة الحقيقية لودائعهم. كما أن تأثيراته السلبية تجاه
الشركات تتمثل في: فقدان التنافسية وبالتالي انخفاض حصص السوق، وإنتاج أقل وتوظيف أقل،
وتضليل المستثمرين ورجال الأعمال، والحد من القدرة على التنبؤ، والتسبب في تحويل غير
عادل للدخل والثروة بين المدين والدائن، وصاحب العمل والعامل.
كما أن تأثيراته السلبية تجاه
الاقتصاد الوطني تتمثل في: فقدان التنافسية وبالتالي انخفاض حصص السوق، ونمو أقل وتوظيف
أقل، وزيادة العجز في الميزان التجاري، وتعطيل الكفاءة في توزيع الموارد، وتشويه توزيع
الدخل، وخلق عدم الاستقرار في الاقتصاد بصفة عامة وفي سوق الصرف الأجنبي بصفة خاصة.
وإذا كانت هذه سلبيات التضخم فإنه
لا يخلو من إيجابيات للحكومة والأفراد والمؤسسات بجعل الدين أقل تكلفة للمدين، حيث
تنخفض القيمة الحقيقية للديون المحلية. ولكن يختلف الأمر بالنسبة للدين الخارجي، حيث
تزيد تكلفته لانخفاض سعر صرف للعملة مقارنة بالعملات الصعبة. وعامة فإن إيجابيات التضخم
لا يمكن أن تقاس بسلبياته التي تضع الاقتصاد في أزمة.
twitter.com/drdawaba