في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال بوادر احتجاجات متصاعدة، ومظاهرات مساء كل سبت، فإن رئيس الحكومة بنيامين
نتنياهو ووزراءه لا يبدون مبالاة تجاهها، بل يسيرون بكل قوتهم من أجل تنفيذ انقلاب عنيف، ما يدفع قادة المعارضة للمطالبة بالانتقال إلى احتجاج أوسع في نطاقه وقوته، وسط توجه الحكومة لتجاهل قرارات المحكمة العليا.
مع العلم أن مآخذ المعارضة الإسرائيلية المتصاعدة على الحكومة تتمثل بالسماح لأرييه درعي رئيس حركة شاس، الذي قضت المحكمة العليا بإقالته من الوزارة، بإدارة مكاتبها بحكم الأمر الواقع من منزله، ما أوجد نوعاً من تضارب المصالح الخطير، بوصف ذلك سلوكا انقلابيا عنيفا، يحاول تغيير جوهر الدولة، وإضعافها بشكل كبير، وتوفير حصانة كاملة ضد الفساد الحكومي الخطير، ما يستدعي مخاطبة الحكومة بأنها تمثل قمة العار.
يوفال ديسكين، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام-
الشاباك، أكد أن "من المستحيل الاستمرار بالتصرف في طريقة احتجاج مهذب، لأن التظاهرات لن توقف هذا الانقلاب الحكومي، لأن نتنياهو "المتهم" فقد كل ما لديه من قيم منذ فترة طويلة، ما يتطلب التصرف بسرعة وحزم، وما دامت التظاهرات مصدر قوة وشرعية، فإن توسعها في المزيد والمزيد من المدن سيزيد تأثيرها، لكن ذلك يستدعي تفعيل المزيد من التحركات التصعيدية السريعة من خلال إحداث شلل فعال للدولة".
وأكد في مقال نشره موقع
ويللا، وترجمته "عربي21" أن "نتنياهو لا يوجد من هو أكثر خبرة منه في كسب الوقت وخداع الخصوم والشركاء السياسيين، ما يتطلب ألا نقع في هذا الفخ، والإعلان بأنه مذنب بارتكاب جرائم بسبب تضارب المصالح الخطير الذي وجد فيه، وبسبب وجود إخفاقات في نظام القضاء، وزعزعته، بسبب التضارب الكبير في المصالح لرئيس الوزراء المتهم بارتكاب جرائم، ويقود تغييرات قانونية تهدف لمساعدة نفسه على الخروج من المحكمة، وفي النهاية فإن نتيجة ذلك هي انقلاب على الدولة".
وأشار إلى أن "حكومة اليمين تنفذ أجندتها هذه من خلال فرض استبداد الأغلبية، والإضرار بالحقوق المدنية، وضرب التوازن بين السلطات والأقليات، ويمهد الطريق لدولة الشريعة على أساس التفوق اليهودي، ما سيؤدي إلى عواقب وخيمة، في ضوء توجه نتنياهو لفرض أجندته هذه رغم وجود لائحة اتهام جدية ضده تتضمن تهماً بارتكاب جرائم تشهير، ورشوة، واحتيال، وخيانة الأمانة، وينتظر صدور لائحة اتهام، ولذلك فهو يمضي في إجراءاته القانونية للتسبب في انقلاب، من خلال إضعاف المحكمة العليا، وقادت الدولة لأخطر أزمة سياسية اجتماعية منذ قيامها، نحو ديكتاتورية لا تقل خطورة عن غيرها".
وأوضح أن "التمرد على الحكومة سيضطر معارضيها لبذل الكثير من الخطوات على صعيد وقف الحرب الأهلية، وأن التصعيد السريع والقوي الذي سيشلّ الدولة سيكون ضروريًا لإيقاف الإجراءات القانونية، وينقذها من التدهور لأوضاع أكثر خطورة، ولذلك فإنني أشعر بالخجل والإهانة عندما أسمع أنهم سيغادرون الدولة بسبب تصرفات الحكومة الشريرة والمتطرفة الساعية لتنفيذ الانقلاب "البلطجي".
تكشف دعوة ديسكين الصريحة لإعلان التمرد على الحكومة عن توجه ضمني لإحراق الدولة، وإن لم يقلها صراحة، في ضوء شيوع أجواء التوتر والاستقطاب فيها بصورة خطيرة، وبات وضعها ضعيفا بما فيه الكفاية لأن يطلق أي شخص النار أو يدهس آخرين، وحينها سيغرق الإسرائيليون جميعًا في الهاوية، وتؤكد هذه المواقف الإسرائيلية أن المظاهرات الأخيرة أشاعت شعورا بين الإسرائيليين مفاده أن النار مشتعلة، وأنَّ أوضاعهم الداخلية باتت معقدة، ومخاوفهم متزايدة، لأن في الحكومة الجديدة شخصيات ووزراء يجعلون الأمر أكثر ترويعا وتوترا وصدمة.