على طريقة خناقات العيال الصغيرة في الابتدائي، شتيمة بشتيمة، وضربة
بضربة ونبقى خالصين، تدور الآن في الكواليس توابع الخلاف السعودي
المصري بعد سنوات
سمان.
مقال بمقال، وكلمة بكلمة، وإهانة بإهانة، ورئيس تحرير برئيس تحرير
ولكن هل تكون النهاية اعتذارا باعتذار؟ وما القصة أصلا؟
محمد الساعد، كاتب سعودي في صحيفة عكاظ، مدير تحرير سابق لصحيفة
الشرق الأوسط، مقرب من الملك سلمان، مقرب من ولي العهد السعودي، ضيف دائم على
برنامج عمرو أديب، ناطق باسم سياسات المملكة وتحركات ولي عهدها في المنطقة يدخل
على خط الخلاف المصري السعودي ويدلو بدلوه هو الآخر.
يكتب الساعد مقالا جديدا بعنوان، لماذا يكرهوننا؟ ينتقد فيه كراهية
دول عربية للسعودية، يشير إلى الحقد الدفين الذي تكنه دول عربية للمملكة الغنية
بالنفط الداعمة لأشقائها على مدار التاريخ، يصف تلك الدول بأنها عالة على مساعدات
المملكة، وبأنها صدرت فشلها الاقتصادي للسعودية ثم عاملتها بجحود كبير.
يحدثنا الكاتب السعودي عن دول فشلت في تقديم نموذج وطني واحد، تحكمها
ملكية ثم تستيقظ على انقلابات عسكرية تحكم بالمسدس والبندقية.
المفاجأة أنه ذكر مصر بالإسم تصريحا لا تلميحا في مقال نشرته صحيفة
عكاظ ثم حذفته بعد ذلك على طريقة ما فعلته صحيفة الجمهورية في مقال رئيس تحريرها
عبد الرازق توفيق.
حديث الساعد وإن بدا منه أنه فصل جديد من فصول الخلاف بين البلدين،
إلا أنه وعلى طريقة مقال الحفاة العراة الذي أهان الشعب السعودي، فقد وقع الساعد
في فخ إهانة الشعب المصري بطوائفه المختلفة وتحديدا العمالة المصرية في الخليج.
كتب الساعد قائلا: "حاول السعوديون ـ قدر جهدهم ـ تحسين أحوال
جيرانهم العرب ومدوهم بالأموال وبرامج التنمية، واستقدموا عشرات الملايين من
العمالة العربية التي أعادت ضخ المليارات في اقتصادات بلدانها، ومع ذلك فقد بقي
الجحود مقيماً في نفوس الكثيرين".. وهنا المشكلة الكبيرة فيما كتبه الكاتب
السعودي المقرب من ولي العهد.
الشعبان المصري والسعودي لديهم من الروابط التاريخية ما يجعل العلاقة بينهما راسخة رسوخ الجبال لا تحركها خلافات الحكام ولا تؤثر فيها كتابات غلمان السلطة من هنا أو هناك، ولكن كما رفضنا إهانات عبد الرازق توفيق في حق الشعب السعودي فلا يمكن أن نقبل تطاول وإهانة محمد الساعد في حق الشعب المصري.
يعمل في
السعودية الآن قرابة المليون مصري، من بينهم ما يقارب ستين ألف
طبيب وبعض المهن الأخرى، التاريخ الطويل بين البلدين سمح للعمالة المصرية من أطباء
ومهندسين ومعلمين وعمال بالسفر إلى السعودية والعمل هناك، بما لديهم من خبرة وكفاءة
جعلتهم في صدارة المشهد السعودي داخل قطاعاته المختلفة.
يتحدث الساعد وكأن السعودية استقدمت مجموعة من الخدم أو العبيد للعمل
لديها وتمن عليهم بما حصلوا عليه من رواتب قاموا بتحويلها لأسرهم واستفاد بها
الاقتصاد المصري.. ولكن نسي الساعد أو تناسى الأثر الكبير الذي تركه ملايين
المصريين في المجتمع السعودي، فهم لم يذهبوا للسعودية للشحاتة كما يفعل السيسي
وإنما تعاملوا بكرامة وعزة نفس، أفادوا المجتمع السعودي بما لديهم من خبرات وحصلوا
على حقهم المادي في مقابل ذلك.
الساعد أراد إهانة السيسي ونظامه فأصابت كلماته قلوب ملايين المصريين
ممن لا ناقة لهم ولا جمل في خلاف قيادة البلدين على المال.
الشعبان المصري والسعودي لديهم من الروابط التاريخية ما يجعل العلاقة
بينهما راسخة رسوخ الجبال لا تحركها خلافات الحكام ولا تؤثر فيها كتابات غلمان
السلطة من هنا أو هناك، ولكن كما رفضنا إهانات عبد الرازق توفيق في حق الشعب
السعودي فلا يمكن أن نقبل تطاول وإهانة محمد الساعد في حق الشعب المصري.
ظني أن الساعد سيخرج بمقال جديد متحدثا فيه عن قيمة مصر ومكانتها لدى
السعودية، متهما الأقلام المغرضة وجماعة الإخوان المسلمين بمحاولة الوقيعة بين
البلدين.. وهنا أهمس في أذن الكاتب السعودي ناصحا له بتوفير جهده ووقته وعدم
البداية في كتابة مقال جديد، كل ما عليه أن يعود إلى مقاله هو في العام الماضي
بعنوان "ولي العهد يبدأ من مصر" ففيه من الحقائق التاريخية ما يحفظ لمصر
قيمتها ومكانتها.
خلاصة الأمر أن السيسي خرج معتذرا للسعودية عن إساءة إعلامه لها،
أعلن ذلك في افتتاح المرحلة الثانية من شركة سايلو فودز ثم كرر اعتذاره هناك في
الإمارات أثناء مشاركته في القمة العالمية للحكومات، ليبقى السؤال هل يعتذر محمد
بن سلمان للشعب المصري؟