نشرت صحيفة "
فاينانشيال
تايمز" البريطانية مقال رأي للكاتب غيليان تيت تحدّث فيه عن المبادرات في
عالم التشفير وعالم الإنترنت التي تتبناها "مراكز الابتكار" التي أطلقها
بنك التسويات الدولية، حيث إن هذه المؤسسات الرصينة في جميع أنحاء العالم تستكشف
العملات الرقمية، وتتصادم مع هواة
العملات المشفرة.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته
"عربي21"؛ إن بنك التسويات الدولية هو البنك المركزي لمحافظي البنوك
المركزية ويقع مقره في سويسرا، في أحد أشهر المراكز
المالية في العالم. منذ
سنة، أطلق بنك التسويات الدولية ستة "مراكز ابتكار" من شأنها أن تتبنى
مبادرات في عالم التشفير وعالم الإنترنت، وهو يساعد أيضا في إنشاء سلسلة من مشاريع
العملة الرقمية للبنك المركزي في جميع أنحاء العالم.
وذكر الكاتب أن حوالي 114 دولة كانت
تستكشف العملة الرقمية للبنك المركزي في نهاية سنة 2022، عشرون منها رائدة في هذا
المجال، بينما أطلقت 11 دولة عملتها الرقمية الخاصة، وذلك وفقا للمجلس الأطلسي
لأبحاث الشؤون الدولية. وأشار بنك إنجلترا، الذي كان يدرس العملة الرقمية للبنك
المركزي منذ أواخر 2021، إلى احتمال الاحتياج إلى "الجنيه الرقمي" في
المستقبل.
إظهار أخبار متعلقة
وفي محاولة للاقتراب أكثر من وادي
السيليكون، استُبدلت الألواح الخشبية الداكنة في أحد أركان بنك التسويات الدولية
بألواح بيضاء وزجاج وكراسي ناعمة، ومن الواضح أن هذا المظهر الجديد هو جزء من
محاولة للتخلص من الصورة النمطية للبنوك المركزية ولو قليلا.
وأشار الكاتب إلى أن المهتمّين
بالعملات المشفرة يعتقدون أن هذه التغييرات ليست كافية، فمعظم المستثمرين الجادين
في
البيتكوين أو الإيثيريوم يريدون قلب التسلسل الهرمي المالي الحالي، ويعتقدون أن
عقلية محافظي البنوك المركزية تقليدية، ولا يمكنهم فهم القوة الابتكارية للأصول الرقمية.
وأضاف الكاتب أن هناك مخاوف من أن يكون
السبب الوحيد الذي يجعل مؤسسات مثل بنك التسويات الدولية تتعامل مع عملات البنوك
المركزية الرقمية الآن، هو سحق الرموز المميزة للقطاع الخاص التي قد تتحدى العملة
التقليدية أو "الورقية"، وذلك ليس بفرض حظر تام على هؤلاء المنافسين، وإنما عن طريق سرقة الوسائل الرقمية الخاصة بهم. وعلى ما يبدو هذه المؤامرة حقيقة
فعليّة.
وفي اجتماع عقدته مؤخرا البنوك
المركزية والمنظمون في برج بازل، برز اعتقاد أو أمل واضح في أن عملات البنوك
المركزية يمكن أن تحل محل معظم الرموز المميزة الخاصة في المستقبل، لا سيما أن
أصول العملة المشفرة مثل البيتكوين قد انهارت من حيث القيمة، وأن بعض الفضائح -
مثل فضيحة الرموز غير القابلة للاستبدال - تؤدي إلى حملة تنظيمية.
ونقل الكاتب عن أغوستين كارستينز، رئيس
بنك التسويات الدولية، أن الأحداث الأخيرة، تعني أن البنوك المركزية "قد فازت
بالمعركة" بين العملات المشفرة والأوراق المالية. ومع ذلك، لا يتفق جميع
الخبراء في البنوك المركزية على أنه من الضروري أو من المعقول التعامل مع عملات
البنوك المركزية الرقمية.
إظهار أخبار متعلقة
وأشار الكاتب إلى أنه من شأن الابتكار
أن يمكّن البنوك المركزية من السيطرة على كميات هائلة من بيانات المواطنين وتقويض
دور المقرضين التجاريين، كما أن محافظي البنوك المركزية مدربون على التحرك بحذر،
وتقييم الاستقرار والعمل ضمن هياكل السلطة الهرمية. على النقيض من ذلك، فإن رواد
الأعمال في مجال التكنولوجيا الذين يقودون ثورة الأصول الرقمية يقدرون دور
"الشبكات" -قوة الحشد، وليس التسلسلات الهرمية-، ويريدون تعطيل
المؤسسات التقليدية من خلال اتخاذ خطوات جريئة والمجازفة.
يقول أحد المصرفيين المركزيين؛ إن
الثقافتين مختلفتان تماما، كما صرّح جيريمي ألاير، مؤسس مجموعة سيركل التي تدير
عملة مستقرة (عملة رقمية مرتبطة إما بالنقود الورقية أو السلع المتداولة في
البورصة أو عملة أخرى مشفرة)، أنه يريد العمل مع المنظمين وليس ضدهم.
وفي الوقت نفسه، يحاول بنك التسويات
الدولية تعيين موظفين من عالم التكنولوجيا، ويظهر بعض محافظي البنوك المركزية
تعاونهم، لكن الخلط بين هذين المجالين لن يكون سهلا؛ لأن كل واحد منهما يعتقد أنه
يجب أن يكون المسيطر.