يتوقف التقدير الاجتماعي للذات على
انتزاعها الاعتراف بها كوجود داخل المجتمع الذي تعيشه، ثمة صراع في كل المجتمعات
على تحقيق الاعتراف لجميع مكوناتها، في جدلية" العبد والسيد" لدى
"هيغل" فان الوعي يبحث عن نفسه داخل ذات أخرى بمعنى أن الذات تجد نفسها
في الآخر ومن هنا يتولد صراع ينتهي بطرف منتصر " السيد" وطرف
مهزوم" العبد" ويبقى شرط الحصول على الاعتراف متوقفاً على عدم موت احد
الطرفين، فالعبد يحقق للسيد كل شيء، حتى يصبح السيد فاقداً لكل شيء بدونه ومن ثم
ينقلب العبد سيداً والسيد عبداً وهكذا.
من الضروري جداً وجود آلية يمكن من خلالها أن يتمكن أفراد
المجتمع من الحصول على وعي واعتراف متبادل بينهم، مجتمعات عدم الاعتراف مجتمعات
عنف بلا شك، هناك ثلاثة نماذج للاعتراف وضعها اكسل هونيت في دراسته المتميزة
لنظرية الاعتراف يستطيع الفرد من خلالها تحقيق الذات أولها عن طريق
الحب ونتيجتها
الثقة في الذات، وثانيها: الاعتراف في القانون ونتيجته احترام الذات وثالثها: الاعتراف
في التضامن ونتيجته التقدير الاجتماعي.
ولا يتحقق كل ذلك إلا من خلال صراع تخوضه الذات الفاعلة من
اجل الاعتراف، وهو مشاهد في المجتمعات المفتوحة إلا أنه يبدو مستتراً إن لم يكن
غائبًا في المجتمعات المنغلقة أو الساكنة ثنائية العبد والسيد يدعي هيغل أنها موجودة
في جميع مجالات الحياة، وعلى جميع المستويات وصراع الاعتراف بينهما يظل دائمًا
مستمراً ؛ فهو يرى أن النهضة ما هي إلا محصِّلة الصراع بين الفكرة ونقيضها، فكل
فكرة جديدة تظهر تحمل في طياتها نقيضها، ثم تظهر فكرة أخرى تستوعب النقيض، وهكذا
حتى نصل إلى الفكرة المثالية.
(
الشر ق القطرية)