واصلت الحكومة
المصرية مسلسل مد آجال
ودائع دول
الخليج التي حان موعد
استحقاق استردادها، حيث أعلن البنك المركزي المصري، خلال الأيام القليلة الماضية، مد
أجل الرصيد المتبقي من وديعة إماراتية بقيمة مليار دولار إلى آب/ أغسطس 2027.
ومدت الكويت، الخميس، أجل سداد وديعة بقيمة ملياري دولار لمصر لمدة
عام كانت مستحقة في أيلول/ سبتمبر الماضي إلى أيلول/ سبتمبر الجاري من إجمالي وديعتين
بقيمة 4 مليارات دولار، والوديعة الثانية يحين وقت سدادها في نيسان/ أبريل المقبل،
ومن المتوقع تأجيلها أيضا.
ووافقت ثلاث دول خليجية (الإمارات والكويت والسعودية)، نهاية تشرين الثاني/
نوفمبر 2022 على تمديد ثلاث ودائع بقيمة 14.961 مليار دولار كانت تستحق بنهاية حزيران/
يونيو 2022، وفقا لتقرير للبنك المركزي المصري.
ويبلغ إجمالي ودائع دول الخليج 28 مليار دولار عبارة عن ديون طويلة
الأجل بقيمة 15 مليار دولار، وودائع قصيرة الأجل بقيمة 13 مليار دولار أمريكي، وفقا
لتقرير للبنك المركزي المصري صادر في آب/ أغسطس الماضي، وتتوزع كالآتي:
ودائع سعودية طويلة وقصيرة الأجل بقيمة 10.3 مليار دولار، وودائع إماراتية
بقيمة 10.7 مليار دولار، بينما تملك الكويت وديعة في البنك المركزي المصري بـ4 مليارات
دولار، وقطر بـ3 مليارات دولار أمريكي.
وتعد الودائع التزامات خارجية على مصر واجبة السداد عند استحقاق آجالها
ولكن قابلة للتجديد بعد توصل مصر لاتفاق مع تلك الدول من أجل مساعدتها في تصحيح الأوضاع
الاقتصادية، وتفادي التخلف عن سدادها في ظل صعوبة الوصول لأسواق الدين الخارجي، بحسب
خبراء ومراقبين.
اظهار أخبار متعلقة
مد أمد الأزمة المالية
يرى الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، أن مد أجل الودائع الخليجية لدى
البنك المركزي المصري يعد بمثابة مساعدات مالية عاجلة لمصر، وقال: "مد آجال الودائع
هو بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي لحين انتهاء البرنامج الاقتصادي مع مصر في عام
2026، كما أن العلاقات بين دول الخليج رغم ما يعتريها من توتر أحيانا تسمح بمثل هذه
الخطوة؛ لأن تكلفة انهيار الاقتصاد المصري أكبر من تكلفة المعونات والمساعدات".
وبشأن الفوائد على الودائع، أوضح الولي في حديثه لـ"عربي21" أن "الفائدة على الودائع موجودة بالفعل ومستمرة، ولكن لا نعلم على وجه الدقة واليقين
نسبة العائد على تلك الودائع؛ لأن المصدر الوحيد لمثل تلك البيانات هو البنك المركزي
والذي لا يأتي على ذكرها".
وبشأن أهمية وجدوى تلك القرارات رغم استمرار التزام مصر بها، أكد الولي
"أن ما يجري هو ترحيل للأزمة، وسوف يشكل موعد استحقاقها جميعا في نهاية المدة
الجديدة أزمة أكبر، لكن سياسة البنك المركزي المصري هي السير يوما بيوم أو كما يقول
المثل الشعبي (أحييني اليوم وأمتني بكره)، في إشارة إلى عدم وجود خطة أو رؤية واضحة
لحل الأزمة على المدى البعيد".
ولكن بحسب الولي، فإن الحكومة المصرية تعول بشكل كبير على عودة الأموال
الساخنة مجددا، والعودة إلى سياساتها الأخيرة التي تتمثل في سداد الدين بقرض جديد وهكذا
دواليك، مشيرا إلى أنه في العام المقبل هناك ديون متوسطة وطويلة الأجل بقيمة 25 مليار دولار،
وديون أخرى قصيرة الأجل لا تقل عن 25 مليار دولار، فكيف يمكن سدادها؟
اظهار أخبار متعلقة
ديون خارجية ثقيلة
وقفزت مستحقات الدين الخارجي على مصر خلال سنة إلى أكثر من 133% من الاحتياطي
النقدي الأجنبي، بحسب ما أظهر تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري، الصادر عن البنك
المركزي، عن الربع الأول من السنة المالية الحالية من تموز/ يوليو إلى أيلول/ سبتمبر
الماضيين.
وتجاوز مجموع مستحقات إجمالي الديون الخارجية قصيرة الأجل بالإضافة
إلى المستحقات المرتبطة بديون طويلة الأجل اقترب أجل سدادها، في أيلول/ سبتمبر الماضي
44 مليار دولار، ما يشكل ضغطا كبيرا على الاقتصاد المصري الذي يعاني من شح الموارد
الدولارية.
في شباط/ فبراير الماضي، تلقى التصنيف الائتماني لديون مصر ضربة قوية
عندما اقترب تصنيفها إلى مستويات قياسية، وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني التصنيف
السيادي درجة واحدة إلى B3 من B2 وعدلت الوكالة نظرتها المستقبلية لمصر من سلبية إلى مستقرة.
وبلغ حجم الدين الخارجي لمصر 155 مليار دولار بنهاية الربع الأول من
العام المالي 2022-2023، بحسب تقرير البنك المركزي، بينما سجل احتياطي النقد الأجنبي
34.352 مليار دولار بنهاية شباط/ فبراير الماضي.
انتهاء زمن الدعم غير المشروط
قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أحمد ذكر الله، إن "الودائع
الخليجية في البنك المركزي المصري البالغة نحو 28 مليار دولار تشكل غالبية الاحتياطي
النقدي البالغ نحو 34 مليار دولار، وهي بالأساس كانت لمساندة ودعم النظام الجديد ما
بعد 30 يوليو 2013، وجرت العادة لتأجيل موعد استحقاق الودائع بشكل دوري، لكن مع وصول
الأزمة الاقتصادية لطريق مسدود، وتراجع قدرات مصر عن السداد في موعدها فقد باتت الودائع
شبه رهينة لدى البنك المركزي".
وأضاف لـ"عربي21" أن "الدول الثلاث بدأت تتململ من استمرار
هذا النمط، ولذلك جاء البديل في شراء أصول حكومية بمليارات الدولار بديلا عن إرسال
ودائع جديدة، وتعول القاهرة على بيع تلك الأصول للصناديق الخليجية السيادية للوفاء
بالتزاماتها الخارجية".
وأعرب ذكر الله عن اعتقاده بأن "عصر الدعم غير المشروط والمحدود
للسلطات المصرية من قبل دول الخليج، وبحسب تصريحات المسؤولين الخليجيين أنفسهم، لم
يعد متاحا ولا ميسرا كما كان، وأن على مصر أن تساعد نفسها في حل مشاكلها في إشارة إلى
ترشيد الإنفاق وزيادة الإنتاج، والابتعاد عن المشروعات (بروباغندا) التي لا تحقق عوائد
حقيقية".