صحافة دولية

الصين أم أمريكا: من سيفوز بالسباق من أجل تفوق الذكاء الاصطناعي؟

تُعتبر الولايات المتحدة الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي حيث تتمركز العديد من شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة في العالم في وادي السيليكون- جيتي
تُعتبر الولايات المتحدة الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي حيث تتمركز العديد من شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة في العالم في وادي السيليكون- جيتي
نشر موقع "بوليتكس توداي" تقريرًا تحدث فيه عن السباق الذي تخوضه الصين والولايات المتحدة لتحقيق التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد أعرب العديد من الأكاديميين الصينيين عن مخاوفهم بشأن المنافسة الشرسة مع الولايات المتحدة حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويخشون أن يؤدي ذلك في النهاية إلى "انقسام" يضر بالبلدين.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن التطور السريع للذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة أدى إلى عصر جديد من الابتكار، مع ظهور تطبيقات في قطاعات متنوعة، تتراوح بين الرعاية الصحية والتمويل والترفيه وغير ذلك. وقد نوقشت المنافسة بين الصين والولايات المتحدة على الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في الأوساط الأكاديمية؛ حيث اقترح بعض الخبراء أن البلدين منخرطان في سباق للسيطرة على مجال الذكاء الاصطناعي.

اظهار أخبار متعلقة


الريادة للولايات المتحدة.. ولكن


وأفاد الموقع أنه في الوقت الراهن؛ تُعتبر الولايات المتحدة الرائدة عالميًّا في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تتمركز العديد من شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة في العالم في وادي السيليكون. ومع ذلك، فإن الصين تلحق بالركب بسرعة، مع استثمارات ضخمة في قطاع البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، وعدد متزايد من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي. في الحقيقة؛ أعلنت الصين عن خطط لتصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول سنة 2030.

وأوضح أن أحد المجالات التي تتجلى فيها المنافسة بين الصين والولايات المتحدة هو تطوير ونشر روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي تستخدم تقنيات معالجة اللغة الطبيعية مثل برنامج "شات جي بي تي"، وهو روبوت محادثة قوي يعمل بالذكاء الاصطناعي يمكنه الانخراط في محادثات شبيهة بالبشر مع المستخدمين، استنادًا إلى خوارزمية تعلم الآلة التي تستخدم تقنيات معالجة اللغة الطبيعية لفهم مدخلات المستخدم والاستجابة لها.

وحسب الموقع؛ تم تطوير برنامج "شات جي بي تي" بواسطة منظمة "أوبن إيه آي" البحثية في سان فرانسيسكو، وسرعان ما أصبح برنامج "شات جي بي تي" واحدًا من أكثر روبوتات الدردشة انتشارًا والأكثر استخدامًا.

وبين الموقع أن هذا يجعل تطوير روبوتات دردشة قوية وفعالة للذكاء الاصطناعي أولوية إستراتيجية رئيسية لكل من الصين والولايات المتحدة. ولهذا الغرض ولتحقيق السيادة الجيوسياسية، يواصل كلا البلدين التركيز على امتلاك العناصر الأكثر تأثيرًا التي تساهم في بناء روبوت محادثة رائد للذكاء الاصطناعي يتضمن استثمارات ضخمة لبناء شرائح متطورة للحوسبة، وجمع كميات كبيرة من البيانات، وبناء خوارزميات متقدمة، وتوظيف المهندسين الموهوبين.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة أو الصين لم تفشلا في القيام بمثل هذه الاستثمارات الضخمة. ووفقًا لتقرير نشرته جامعة ستانفورد في سنة 2022، يعتبر كلا البلدين رائدان عالميًّا في الاستثمارات الخاصة الشاملة لتعزيز تطوير الذكاء الاصطناعي؛ حيث تستثمر الولايات المتحدة في هذا القطاع ثلاث مرات أكثر من الصين.

اظهار أخبار متعلقة


النهج الصيني للذكاء الاصطناعي


وذكر الموقع أن الذكاء الاصطناعي هو مجال واسع يحتوي على قطاعات متعددة ومن الصعب الإدلاء ببيان حول هيمنة دولة واحدة عليه. على سبيل المثال؛ تميزت الصين في تقنية التعرف على الوجه أكثر من البلدان الأخرى، حيث استخدمتها كشكل من أشكال التحكم والمراقبة المحلية. والسؤال الأخلاقي المطروح هو ما إذا كان جمع الصين للبيانات الضخمة لتغذية خوارزميات الذكاء الاصطناعي يأتي على حساب خصوصية المواطنين الصينيين.

وأشار إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالنماذج اللغوية واسعة النطاق، فإن اللوائح العالمية والقيود اللغوية تعيق تطور الصين، كما يتضح من مصير روبوت "إيرني" الذي طورته شركة المحركات الصينية العملاقة "بايدو"، والتي لم تلق قبولًا جيدًا من قبل المستثمرين عند إطلاقها. وذلك لأن "إيرني" لديه قدرة محدودة على فهم ومعالجة البيانات الإنجليزية وتوليد إجابات وفقًا لذلك. وهذا "يضعه خلف برنامج "شات جي بي تي"، القادر على توليد إجابات باللغات الإنجليزية والصينية ولغات أخرى"، كما أفاد محلل التكنولوجيا الصيني، تشين لي، في آذار/ مارس 2023.

وتابع الموقع قائلًا، إن الصين واصلت اتخاذ خطوات كبيرة في تطوير روبوتات الدردشة للذكاء الاصطناعي ونجحت على المستوى المحلي. وتستثمر شركات مثل "علي بابا" و"تنسنت" بكثافة في تطوير روبوتات الدردشة التي لديها القدرة على المشاركة في محادثات طبيعية وذات مغزى مع المستخدمين. وخير مثال على ذلك هو روبوت المحادثة علي بابا، "علي مي"، والذي تم نشره في مجموعة واسعة من التطبيقات، بدءًا من خدمة العملاء وصولًا إلى حجوزات الفنادق وغيرها.

وأضاف أنه على المستوى الدولي؛ تُرحّب الحكومة الصينية بالتقدم الذي أحرزته روبوتات الدردشة الغربية القائمة على الذكاء الاصطناعي. في مقطع فيديو نشر مؤخرا، زعمت وسائل الإعلام التي تديرها الدولة أن السلطات الأمريكية قد تستخدم برامج الدردشة الدولية "لنشر معلومات مضللة والتلاعب بالرأي العام". علاوة على ذلك، حاولت الحكومة الصينية فرض قيود على المواقع والتطبيقات الغربية الشهيرة مثل غوغل وفيسبوك وأمازون، وقد أزالت العديد من التطبيقات الصينية الشهيرة للوصول إلى "شات جي بي تي".

اظهار أخبار متعلقة


نهج الولايات المتحدة تجاه الذكاء الاصطناعي


وأكد الموقع أنه نظرًا لكونها موطنًا للعديد من عمالقة التكنولوجيا على غرار غوغل ومايكروسوفت وفيسبوك التي لعبت دورًا أساسيًا في دفع تطوير الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، فإن الولايات المتحدة تعتبر الدولة الرائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي. ويركز نهج الولايات المتحدة تجاه الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على البحث الأساسي وتطوير خوارزميات جديدة. وقد أجرت الحكومة الأمريكية استثمارات كبيرة في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، إدراكًا منها لأهمية الذكاء الاصطناعي في دفع النمو الاقتصادي والأمن القومي، ومعالجة التحديات المجتمعية.

وقد خصصت الحكومة مليارات الدولارات لتمويل مؤسسات ومبادرات البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي مثل مبادرة الذكاء الاصطناعي الوطنية ومعاهد أبحاث الذكاء الاصطناعي التابعة للمؤسسة الوطنية للعلوم.

ونوه إلى أنه عندما يتعلق الأمر بنماذج معالجة اللغة الطبيعية، تعتبر الولايات المتحدة متقدمة على الصين. ويتسم النهج الأمريكي للذكاء الاصطناعي بالتركيز على البحوث الأساسية، والاستثمارات المهمة في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، والتعاون بين الصناعة والأوساط الأكاديمية والحكومة. وساهمت هذه الجهود في تطوير التقنيات المتطورة التي لديها القدرة على إحداث تغييرات جذرية في الصناعات والمجتمع ككل.

وأوضح الموقع أن عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة يراقبون عن كثب تحركات الصين بينما أعربت الحكومة الأمريكية عن مخاوفها بشأن نفوذ الصين المتزايد في صناعة الذكاء الاصطناعي واتخذت خطوات للحدّ من الاستثمار الصيني في شركات التكنولوجيا الأمريكية، مستشهدة بمخاوف تتعلق بالأمن القومي. بشكل عام؛ تميل الصين إلى التركيز بشكل أكبر على النشر السريع للتقنيات الجديدة بدلاً من استخدام أساليب البحث التطبيقية. في المقابل، تركز الولايات المتحدة بشكل أكبر على البحث الأساسي وتطوير الخوارزميات. وكلا النهجين لهما نقاط قوة وضعف، وكلا البلدين يبذلان جهودًا حثيثة للفوز بالمنافسة على هيمنة الذكاء الاصطناعي.

اظهار أخبار متعلقة


السباق يمتد للقرار السياسي


وشدد على أن تطوير تقنيات معالجة اللغة الطبيعية هو مجرد ساحة تحتدم فيها المنافسة بين البلدين. وبينما تهيمن الولايات المتحدة حاليًا على قطاع البرمجة اللغوية العصبية، فإن الصين تلحق بالركب بسرعة وتطمح للسيطرة على الصناعة بحلول سنة 2030. بحلول ذلك الوقت؛ من المتوقع أن تساهم صناعة الذكاء الاصطناعي بما يصل إلى 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي.

ولا ينعكس السباق على هيمنة الذكاء الاصطناعي على القطاع الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليشمل عمليات صنع القرار السياسي والتعليم والمجتمع ككل من خلال آليات توزيع المعلومات القائمة على الذكاء الاصطناعي مثل روبوتات الدردشة. وهذا يفسر سبب استمرار الصين والولايات المتحدة في الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي بقوة ومراقبة بعضهما البعض مع اتخاذ تدابير صارمة لضمان الفوز في المنافسة على تفوق الذكاء الاصطناعي.

في هذا السياق؛ صرح إريك شميدت، رئيس لجنة الأمن القومي للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، أن "جميع خطط الصين ومواردها وتقدمها في صناعة الذكاء الاصطناعي يجب أن تثير قلق أي مواطن أمريكي. لذلك من الضروري للولايات المتحدة أن تفوز بمسابقة الذكاء الاصطناعي".

واختتم الموقع التقرير مبينًا أن المسؤولين الصينيين حدّوا من وصول مواطنيهم إلى بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي الغربية وحذروهم من مخاطر استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي الغربية، وتحديدًا "شات جي بي تي"، في نشر المعلومات المضللة. وبينما أن كلا البلدين يتنافسان على تفوق الذكاء الاصطناعي، فقد أعرب العديد من الأكاديميين في جامعة بكين عن مخاوفهم بشأن المنافسة الشرسة بين البلدين، التي من شأنها في نهاية المطاف أن تؤدي إلى تعمّق الصراع بين بكين وواشنطن.
التعليقات (0)