بدأ الأتراك المقيمون في الخارج، السبت، الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، عند البوابات الجمركية والبعثات والممثليات التركية، قبل اختتامها بالتصويت داخل تركيا في 28 أيار/ مايو الجاري.
ويبلغ عدد الناخبين الأتراك المسجلين في الخارج 3 ملايين و423 ألفا و759 ناخبا، فيما سيتمكن الأشخاص الذين ولدوا قبل 29 أيار/ مايو 2005 (الذين بلغوا سن الـ18 عاما بعد الجولة الأولى) التصويت في جولة الإعادة.
وتستمر عملية التصويت، حتى 24 أيار/ مايو في 73 دولة و151 ممثلية، وحتى 28 أيار/ مايو الساعة الـ17.00 على البوابات الجمركية.
وتستمر عملية التصويت في بعض البلدان ليوم واحد، وأخرى ليومين وثلاثة، أما في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيرلندا والمملكة المتحدة، فقد تم تمديد عملية التصويت فيها حتى 24 أيار/ مايو، وذلك بعد اعتراض قدمه حزب الشعب الجمهوري.
وفي الجولة الأولى من
الانتخابات الرئاسية، صوت 57.47 بالمئة من الناخبين الأتراك لفائدة الرئيس رجب طيب
أردوغان، مقابل 39.57 بالمئة لأبرز مرشحي المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، فيما حصل مرشح تحالف الأجداد سنان أوغان على 1.9 بالمئة من الأصوات، والمرشح المنسحب محرم إنجه على 1.06 بالمئة من الأصوات في الخارج. وبلغت نسبة المشاركة في الخارج 53.85 بالمئة.
من ناحية أخرى، صوت الأتراك في دول أخرى بأغلبية ساحقة لصالح كمال كليتشدار أوغلو. ففي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حصل الرئيس الحالي على 16 و18 بالمئة فقط من الأصوات مقابل 80 و79 بالمئة لخصمه. أما في أستراليا، فكانت الفجوة أقل إثارة، حيث حصل مرشح المعارضة على 54 بالمئة مقابل 42 بالمئة لأردوغان.
ويسعى الرئيس أردوغان إلى المحافظة على تفوقه في الخارج، حيث توجه بنداء إلى الأتراك في الخارج، لحثهم على التصويت في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة.
وقال أردوغان، في تغريدة على تويتر الجمعة، "أرجو من مواطنينا المقيمين بالخارج ممارسة حقهم الديمقراطي من خلال متابعة مواعيد الانتخابات عن كثب في البلدان التي يقيمون فيها".
ورأى أردوغان أن الأتراك في الخارج قاموا "بواجبهم الوطني على أحسن وجه رغم الصعوبات التي واجهتهم"، مضيفا: "أنتظر منكم إظهار إرادتكم بشكل قوي للمرة الثانية، وأنا على ثقة بأننا سنتجاوز هذا الاختبار أيضا".
وأشاد الرئيس التركي بما وصفها بالمشاركة القياسية للناخبين بالخارج خلال الجولة الأولى، وقال إن الأتراك المغتربين صوتوا له ولتحالف الجمهور ولم يستسلموا للضغوط التي مارستها عليهم المنظمة الإرهابية، بحسب وصفه، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني.
وأثار تصدر أردوغان للنتائج الانتخابية في دوائر الخارج تساؤل الصحافة الأجنبية بشأن سبب اختيارهم للرئيس التركي في الجولة الأولى.
وفي ألمانيا، التي تضم 1.5 مليون ناخب تركي مغترب، أدلى 65.4 بالمئة منهم بأصواتهم لصالح رجب طيب أردوغان مقابل 32.61 بالمئة لخصمه كمال كليتشدار أوغلو. وفي عام 2018، حصل كذلك أردوغان على 64.9 بالمئة من أصوات الأتراك المقيمين في ألمانيا.
وفي
فرنسا، تجاوز عدد الناخبين الأتراك 397 ألفًا بقليل وصوتوا أيضًا لصالح أردوغان بنسبة 64.24 بالمئة، مقابل 34.15 بالمئة لكليتشدار أوغلو.
وجاء التصويت بكثافة لصالح أردوغان في ألمانيا وفرنسا رغم الحملات التي قادتها وسائل الإعلام هناك ضد الرئيس التركي خلال فترة الحملة الانتخابية، داعين إلى التصويت لصالح مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو.
اظهار أخبار متعلقة
"الهوية الدينية والوطنية"
صحيفة "
لوفيغارو" الفرنسية قالت في تقرير إنه "عندما تعيش في بلد أجنبي حيث تكلفة المعيشة ليست مرتفعة كما هو الحال في تركيا، حيث التضخم والكوارث الطبيعية، فإنك بالطبع تميل إلى التصويت لرئيس يميز هويتنا الدينية والوطنية".
وأضافت أنه "يجب أن نتذكر أن جزءًا من الشتات التركي يشعر بأنه أقرب إلى موطنه الأصلي منه إلى البلدان التي هاجر إليها، والبعض يحشد للانتخابات التركية أكثر من الانتخابات الألمانية".
وتابعت أن "نسبة التصويت على أردوغان كانت أقل قليلاً في فرنسا من الأتراك في ألمانيا، لكن نعم، الناخبون مؤيدون لأردوغان في فرنسا".
واعتبرت أن أردوغان يجعل تركيا تلعب دورًا لعبته فرنسا منذ فترة طويلة، وهو القوة الثالثة التي تبني جسراً بين الأعداء. هذا هو الحال حاليًا بين أوكرانيا وروسيا، فقد تفاوض أردوغان على اتفاقية بشأن القمح في صيف عام 2022 حتى تتمكن أوكرانيا من تصدير قمحها تحت السيطرة التركية، مما يسمح، من بين أمور أخرى، بمرورها إلى أفريقيا.
وختمت الصحيفة بالقول إنه "عندما تعيش في الخارج، بعيدًا عن بلدك الأصلي، فإنك تطور القليل من النزعة القومية لديك".
اظهار أخبار متعلقة
الأصول الاجتماعية
أما صحيفة "
لاكروا" الفرنسية، فقالت إن نسب التصويت على أردوغان في فرنسا تفسر إلى حد كبير بالأصول الاجتماعية للأتراك الذين جاءوا للعمل منذ الستينيات، وذلك بفضل إبرام اتفاقيات هجرة للعمال الأتراك.
وأشارت إلى أن عدة أجيال وُلدت في فرنسا وهم فرنسيون، لكن ارتباطهم بالهوية القومية والدينية لا يزال سليما بفضل استراتيجيات النقل.
ومع ذلك، فإن جزءًا كبيرًا من الهجرة يأتي من المناطق الأكثر محافظة دينيا في وسط وشمال الأناضول، وهم مرتبطون جدًا بالهوية الإسلامية والهوية التركية، بحسب ما قاله صميم أكغونو، الأستاذ ومدير قسم الدراسات التركية في جامعة ستراسبورغ.
في المقابل، قال أكغونو إن الذين انتخبوا كليتشدار أوغلو بكثافة في الولايات المتحدة أو بريطانيا ينتمون إلى طبقة "البرجوازية الوسطى"، حيث تضم هذه الطبقة المصرفيين والمفكرين والمهندسين، وهو ما يفسر هذا الاختلاف في التصويت.