أعاد غياب الرئيس
الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان عن
القمة العربية في
السعودية، الأسئلة الكبرى
حول مستقبل التحالف بين الإمارات والسعودية، وحقيقة تفكك هذا التحالف وتحوله
إلى مستوى التنافس. وتعزو بعض الأوساط الإعلامية غياب
ابن زايد عن القمة إلى حضوره
في جولة أوروبية رسمية خارج البلاد، إلا أن الواقع يشير إلى أن التغيب المتبادل
للقمم التي تعقدها الدولتان من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومحمد بن زايد
أصبح حقيقة، ومؤشراً واضحاً على ظهور الخلافات العميقة بين البلدين إلى السطح.
وبالعودة إلى التسلسل
التاريخي لاحتمالية تفكك التحالف بين الدولتين العربيتين، فيبدو أن أزمة اليمن
التي دفعت إلى ظهور هذا التحالف هي نفسها التي فككته. فبعد الانخراط في تحالف لضرب
الحوثيين في اليمن اختلفت الرؤية الإماراتية عن الرؤية السعودية فسعت الإمارات إلى
السيطرة على السواحل اليمنية وجزيرة سقطرى، ودعمت المجلس الانتقالي في اليمن، كما
أعلنت توقفها عن المشاركة في اليمن في أوائل 2020، بينما تعتبر السعودية هذه
الخطوات خطوات أحادية الجانب، وتضر بأصول وأهداف التدخل في اليمن في المقام الأول.
يبدو أن أزمة اليمن التي دفعت إلى ظهور هذا التحالف هي نفسها التي فككته. فبعد الانخراط في تحالف لضرب الحوثيين في اليمن اختلفت الرؤية الإماراتية عن الرؤية السعودية فسعت الإمارات إلى السيطرة على السواحل اليمنية وجزيرة سقطرى، ودعمت المجلس الانتقالي في اليمن، كما أعلنت توقفها عن المشاركة في اليمن في أوائل 2020، بينما تعتبر السعودية هذه الخطوات خطوات أحادية الجانب
هناك حقيقة حتمية
يتجاهلها البعض عند تحليلهم للعلاقات السعودية- الإماراتية، وهي أن مقومات اقتصاد
كلا البلدين متشابه إلى حد بعيد في الاعتماد على النفط. وكذلك عملت قيادات البلدين
على تنويع مصادر الدخل وتمويل مشاريع اقتصادية عملاقة، كما يحدث في السعودية في
مشروع "نيوم" أو رؤية محمد بن سلمان 2030، من ناحية ومساعي أبو ظبي إلى
تحويل الإمارات إلى مركز للتبادل التجاري، وتسليط الضوء على أهمية الموانئ والدفع
بالشركات الأجنبية إلى نقل مقارها إلى الإمارات من جهة أخرى، وهذا يغير طبيعة
العلاقة بين هاتين الدولتين إلى المعادلة الصفرية، بحيث ما تكسبه الإمارات في
المجال الاقتصادي والسياسات الخارجية يعني ضرراً للسعودية في نفس المستوى وعلى
الاتجاه المعاكس.
وبالعودة إلى القمم
الرسمية، فقد تغيّب محمد بن زايد عن القمم التي شارك فيها الرئيس الصيني في
السعودية. وعلى إثر ذلك تغيّب ولي العهد محمد بن سلمان عن اللقاء السداسي في
الإمارات والذي جمع رؤساء عدد من الدول هي: الإمارات وقطر والبحرين وعمان والأردن
ومصر، لترد الإمارات عن التغيّب عن قمة عمان في الأردن؛ التي جمعت سوريا ومصر
والسعودية والعراق لحل مشكلة عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
وبعيداً عن القمم
وتخفيض التمثيل الدبلوماسي في المشاركات الرسمية للبلدين، فهناك خطاب إعلامي جديد
بدأ بالظهور من قبل السعودية تجاه الإمارات تقوده مجموعة من الصحفيين السعوديين
المعروفين على الساحة الإقليمية على رأسهم سليمان العقيلي، ليظهر خطاب إعلامي مضاد
في الإمارات.
استطاعت الإمارات والسعودية على مدار السنوات الماضية إبقاء الخلافات بينهما خلف الأبواب المغلقة، إلا أن الغيابات المتكررة عن القمم الرسمية التي عقدتها الدولتان، والخلافات المتزايدة في مواضيع اليمن والنفط والحدود، تشير جميعها إلى تفكك التحالف وتحول هذه العلاقات إلى مستوى التنافس على الدور السيادي الإقليمي والاقتصادي
وتظهر الاختلافات
الحدودية بين البلدين، خصوصا بعد الاكتشافات النفطية هناك، وانعكست هذه الخلافات
على انتقال البضائع بين حدود الإمارات والسعودية. إذ شهدت منطقة الغويفات الحدودية
أزمة شاحنات غير مسبوقة، وتجمعت مئات الشاحنات على الحدود بعد رفض حرس الحدود
السعودي منح التراخيص اللازمة للمرور.
ختاماً، استطاعت
الإمارات والسعودية على مدار السنوات الماضية إبقاء الخلافات بينهما خلف الأبواب
المغلقة، إلا أن الغيابات المتكررة عن القمم الرسمية التي عقدتها الدولتان،
والخلافات المتزايدة في مواضيع اليمن والنفط والحدود، تشير جميعها إلى تفكك
التحالف وتحول هذه العلاقات إلى مستوى التنافس على الدور السيادي الإقليمي
والاقتصادي.