الحكومة
الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين
نتنياهو، هي حكومة مندفعة، فما إن تنتهي من
عدوان ضد شعبنا
الفلسطيني في منطقة ما، حتى تقفز إلى عدوان آخر. أصبح الأمر كما لو
أنها تعمل في ميدان رماية.
سلوك
الحكومة الحالي يؤكد صحة التقديرات التي قالت إنها ستشعل الصراع وقد تصل به إلى
مرحلة الانفجار، كونها تنفذ بشكل فجّ سياسات اليمين الصهيوني المتطرف، وهذا ما جعل
البعض يرى في عودة نتنياهو خياراً له أفضلية في حينه، على استمرار حكم (وسط-
يسار)؛ بالنظر إلى خطورة حكومته على "إسرائيل" نفسها، أكثر من خطورتها
على الآخرين.
لدى
حكومة نتنياهو المبررات لهذا السلوك؛ فهي بدونه تفقد أسباب البقاء، وبالتالي هي
تستمد شرعية وجودها من استمرار عدوانها على شعبنا. كما أنه سلوك يلبي رغبات
المجتمع الإسرائيلي الذي تغذيه العنصرية وتأكله الاختلافات. وفي اللحظة
التي تسكت فيها مدافع هذه الحكومة، تدخل في اشتباك حزبي وسياسي مع نفسها، ويبدأ
تبادل اتهامات الاستسلام للإرهاب، خاصة أن البيئة الداخلية مضطربة أصلاً ومحتقنة،
لذا فإن المساحة الآمنة لها هي في صناعة الأخطار.
لدى حكومة نتنياهو المبررات لهذا السلوك؛ فهي بدونه تفقد أسباب البقاء، وبالتالي هي تستمد شرعية وجودها من استمرار عدوانها على شعبنا. كما أنه سلوك يلبي رغبات المجتمع الإسرائيلي الذي تغذيه العنصرية وتأكله الاختلافات. وفي اللحظة التي تسكت فيها مدافع هذه الحكومة، تدخل في اشتباك حزبي وسياسي مع نفسها، ويبدأ تبادل اتهامات الاستسلام للإرهاب، خاصة أن البيئة الداخلية مضطربة أصلاً ومحتقنة
هذا النمط
من العمل يسهم فيه وجود أعداء دائمين، لديهم القدرة على خوض الحرب أو التهديد بها،
لكن ليست لديهم، وفق الحاجة الإسرائيلية، مقومات حسم الصراع.
تدرك
المقاومة الفلسطينية وحركة حماس بالخصوص، أن الاحتلال لا ينتهي بالضربة القاضية،
هذا احتلال تجاوز عمره 75 عاماً، ويعيش على التسليح والدعم اللا محدود له من
الغرب، لذلك تتبع استراتيجية تقوم على ديمومة الاشتباك والوعي الدائم بالعدو
ومواجهة مخططاته وأساليبه، وتجمع بين المراكمة والمواجهة، وتتبادل الأدوار ثم في
مرحلة ما تتكامل، وتنضج الساحات فتصبح جبهات، ثم تتطور إلى محور ينتظر دوره.
رفع
وتيرة التصعيد ضد الشعب الفلسطيني تواجهه المقاومة برفع مستوى الاشتباك، وهذا
تعبير عن معادلة لكل فعل رد فعل، ولا يوجد بين هذا وذاك أي مساحة للتردد والخوف،
أو قبول بالأمر الواقع، كما لم تنتج في ذروة الصدام أي مسارات بديلة عن خيار
المقاومة، أو نواة تفكير بغيرها.
في
خضم الأحداث الأخيرة في مخيم
جنين شمالي الضفة المحتلة، عبّرت حماس بوضوح عن هذا
الأسلوب، حين نفذت عمليتين فدائيتين، الأولى في "تل أبيب"، وقد ظهرت
الحركة فيها كمن أطلق النار على الكابينيت الإسرائيلي الذي اتخذ قرار العدوان، ثم
جاءت عملية مستوطنة "كدوميم" بعد الانسحاب الإسرائيلي من المخيم، كرصاصة
نحو وزير متطرف في الكابينيت، وهو وزير المالية الإسرائيلي "بتسلئيل سموتريتش"
الذي قالت كتائب القسام بعد العملية مباشرةً إنها "كادت أن تطرق بيتك"،
في رسالة تهديد غير مسبوقة من الجناح العسكري لحماس. وهذا مستوى عالٍ ومتقدم من
الاشتباك، يحمل رسالة لما بعد جنين، وليس رداً في وقته.
المستوى
الأمني الإسرائيلي تجنّب الذهاب نحو عملية واسعة ضد جنين، على غرار "السور
الواقي" 2002، لأنه يريد عملا بأقل تكلفة وخسائر، ولا يجرّ ردّ ساحات أخرى،
ويحقق هدف تعطيل قدرات المقاومة، والأهم خشيته من انهيار السلطة الفلسطينية، لكنه
لا يعني أنه خرج من جنين ولن يعود إليها.
هذه الحكومة بدأت بوصفها الأكثر تطرفاً في تاريخ "إسرائيل"، وستكون الأكثر عملاً خارجها، بمعنى الاستهداف الدائم للحالة الفلسطينية أو جوارها، ومع ذلك، فهذه الحكومة ممتلئة بجوانب الضعف، ولديها ما تخسره
ورغم
أن العملية كانت محدودة بما يتوافق مع مبدأ العمليّات النوعيّة القصيرة الذي
يعتمده جيش الاحتلال، إلا أن ذلك لا ينفي أن العدوان على جنين كان الأكبر منذ ذلك
التاريخ، كون أن جيش الاحتلال جنّد فيه أكثر من ألف جندي.
إذن،
هذه الحكومة بدأت بوصفها الأكثر تطرفاً في تاريخ "إسرائيل"، وستكون
الأكثر عملاً خارجها، بمعنى الاستهداف الدائم للحالة الفلسطينية أو جوارها، ومع
ذلك، فهذه الحكومة ممتلئة بجوانب الضعف، ولديها ما تخسره.
الصراع
في المرحلة المقبلة سيصبح أكثر حدة والتحاماً، وهو يمثل فرصة لشعبنا ومقاومته من
أجل إعادة الصراع إلى أصله، وإعادة تعريف الحقيقة التي تقول إنه من دون الصراعات
الأخرى، فإن الحلّ العسكري هو الحلّ الأمثل والوحيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
twitter.com/ahmedelkomi1