بعد فشل الزيارة الأولى التي قام بها الموفد الفرنسي
"جان إيف لودريان"، التي استمرّت لأربعة أيام، التقى خلالها العديد من
الشخصيات السياسية المؤثرة في محاولة لحلحلة ملف الشغور الرئاسي، ها هو
لبنان
اليوم ينتظر زيارة مرتقبة للمبعوث الفرنسي خلال الأيام المقبلة، وتتحدث الأوساط
الإعلامية اللبنانية عن أن موعد هذه الزيارة سيكون في السابع عشر من الشهر الحالي،
ولكن المعطيات الدولية تشير إلى أن هذا التاريخ قد يكون غير صحيح، وذلك لأن المبعوث
الفرنسي قد يتوجه إلى الدوحة في هذا التوقيت بالذات؛ تلبية لدعوة من قطر لعقد
اجتماع تشاوري للدول الخمسة المعنية بالأزمة اللبنانية.
يبدو بأن الجهود القطرية تنبع من فهم عميق للأزمة التي
يمر بها لبنان وإدراك الدوحة لخطورة استمرار الفراغ، الذي يبدو بأنه ينعكس على
ملفات اقتصادية وسياسية واجتماعية في بلد ينهض من الرماد منذ انفجار بيروت.
ما يحدث في ملف
الرئاسة اللبنانية، هو مناكفات سياسية
وعناد سياسي وحسب، فقد استبق رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل زيارة
لودريان، كاشفا أنه أبلغ الموفد الرئاسي الفرنسي بأن حزبه لن يقدم اسم أي مرشح جديد
لرئاسة الجمهورية، مضيفا أنه على
حزب الله سحب مرشحه والتوقف عن منطق الفرض الذي
يتبعه.
ما يحدث في ملف الرئاسة اللبنانية هو مناكفات سياسية وعناد سياسي وحسب، فقد استبق رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل زيارة لودريان، كاشفا أنه أبلغ الموفد الرئاسي الفرنسي بأن حزبه لن يقدم اسم أي مرشح جديد لرئاسة الجمهورية، مضيفا أنه على حزب الله سحب مرشحه والتوقف عن منطق الفرض الذي يتبعه.
ويبدو أن هناك تصدعا في المعارضة اللبنانية حول اسم
المرشح المقترح، خصوصا بعد ظهور اسم نعمة أفرام على ساحة الترشح للرئاسة
اللبنانية. الأخير أظهر مخالفته لترشيح أزعور (بوصفه منخرطا في منظومة الفساد)، واعتبر أفرام نفسه مرشحا رئاسيا إصلاحيا، ويحمل مشروعا إنقاذيا للبلاد، ويبدو أنه
بعد العديد من اللقاءات اتضح للجميع بأن ترشيح أزعور ما هو إلا خطوة أولى لانتخاب
شخصية ثالثة تتوافق عليها المعارضة.
وظهر شارل جبور رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات
اللبنانية في مقابلة تلفزيونية، مؤكدا أن القوات أغلقت ثلاثة طرق أمام الثنائي
الشيعي، وهي: أولا: إغلاق طريق القصر الجمهوري أمام مرشح الثنائي، ثانيا: إغلاق
باب الحوار الذي يدعو إلى تجاوز اتفاق الطائف بحسب زعمه، ثالثا: إغلاق الطريق أمام
تكريس أعراف جديدة ضمن الأعراف التي تكرسها الأحزاب الشيعية منذ 2005 إلى اليوم
(أيضا بحسب وصف جبور).
على الطرف الآخر، يتمسك الثنائي الشيعي بترشيح رئيس تيار
المردة سليمان فرنجية، ويبدو أنه لا تراجع عن هذا الترشيح، إلا أن الموقف الشيعي
طرأ عليه تحول مهم، هو الدعوة للحوار الوطني الداخلي.
يتعرض لبنان منذ انفجار بيروت إلى أزمات اقتصادية وسياسية متلاحقة ما قد تتدفع به نحو الانهيار، ويبدو أن الفرقاء في الداخل مصرون على رفض عملية الحوار، وتأكيد معركة عض الأصابع. وعليه، فمهمة لودريان ستكون صعبة للغاية، وينتظر أن يحظى الأخير بدعم دولي كي يتم الضغط على الفرقاء في لبنان للتوافق على اسم معين، يخرج البلاد من أزمة فراغ دستوري ورئاسي.
لا نريد أن نكون متشائمين من نتيجة زيارة لودريان إلى
لبنان خلال الأيام المقبلة، وذلك لأن هذا التشاؤم يؤثر على مصير شعب بأكمله، ولكن
يبدو أن المبادرة الفرنسية تتجه نحو الفشل من جهتين:
من الجهة الأولى: هناك تمترس لفرقاء لبنانيين داخليين ضد
عملية الحوار، وتأكيد التمسك بالمرشحين دون التخلي عنهم. وفي هذه الأثناء، فالحل الوحيد هو اختراق سياسي يحققه الفرقاء من خلال تغيير في المواقف، وقد يبدو
جبران باسيل والتيار الوطني الحر، أقرب إلى تمييع موقفه السابق من اسم يحظى بتوافق
مع الثنائي الشيعي.
من الجهة الثانية: الحياد الرصين الذي تمارسه بعض الدول
المعنية بالملف اللبناني كالسعودية وإيران، إذ يبدو أن القوتين لم تتدخلا في شأن
تغيير المواقف أو التدخل، ولا يتوقع قدرة لودريان على تحريك هذه المواقف، إلا برغبة
ثنائية خاصة من البلدين.
ختاما، يتعرض لبنان منذ انفجار بيروت إلى أزمات
اقتصادية وسياسية متلاحقة ما قد تتدفع به نحو الانهيار، ويبدو أن الفرقاء في
الداخل مصرون على رفض عملية الحوار، وتأكيد معركة عض الأصابع. وعليه، فمهمة
لودريان ستكون صعبة للغاية، وينتظر أن يحظى الأخير بدعم دولي كي يتم الضغط على
الفرقاء في لبنان للتوافق على اسم معين، يخرج البلاد من أزمة فراغ دستوري ورئاسي؛
سيكون بديلا لحلول أكثر خطورة كالفيدرالية أو الانقسام والحرب الأهلية.