أثار
إعلان شركة "إلكترولوكس غْروب" السويدية العالمية المتخصصة في الأجهزة الكهربائية
استعدادها لبيع علاماتها التجارية الشهيرة في
مصر التي كانت تعدها أحد أهم الأسواق
وتسعى حتى فترة قريبة إلى تحويلها إلى قاعدة تصديرية للأجهزة المنزلية، تساؤلات حول هذا
التحول المعاكس، وأسباب التخارج وعلاقته بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وأعلنت
الشركة، قبل أيام، عن اعتزامها بيع العلامة التجارية "زانوسي" وغيرها من العلامات
التجارية مثل "إيديال" و"أولمبيك" (أشهر 3 علامات تجارية كهربائية
في مصر) خلال الفترة المقبلة كجزء من إعادة ترتيب أولويات استراتيجيتها العالمية، والتركيز
على بعض العلامات التجارية.
تقدر
القيمة الإجمالية المحتملة لعملية بيع الأصول غير الاستراتيجية مجتمعة بحوالي 10 مليارات كرونا سويدية (تعادل 977 مليون دولار)، وتشمل مصانع الشركة في مصر، إلى جانب مصانع
سخانات المياه في مصر وجنوب أفريقيا، بحسب بيان الشركة.
ومجموعة
"إلكترولوكس" هي شركة عالمية رائدة في مجال الأجهزة المنزلية، تبيع ما يقرب
من 60 مليون منتج منزلي في حوالي 120 سوقًا كل عام، وفي عام 2022 بلغت مبيعات المجموعة
135 مليار كرونا سويدية ويعمل بها 51,000 شخص حول العالم.
تواجد
كبير وخروج سريع
يعود
تاريخ وجود الشركة، ثاني أكبر شركة للأجهزة المنزلية في العالم، في مصر إلى عام
2011، عندما استحوذت على 52% من "أولمبيك غروب" المصرية، أكبر شركة لصناعة
الأجهزة المنزلية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صفقة تخطت قيمتها الملياري جنيه
(262 مليون دولار حينها)، وبعدها توسعت
الاستثمارات في مصانع وخطوط إنتاج جديدة.
تنتج
مصانع الشركة الأجهزة من علامات "زانوسي" و"إيديال" و"أولمبيك"
و"دلتا"، وتشمل الغسالات والثلاجات وسخانات المياه الكهربائية وسخانات
الغاز، والبوتاغازات، وتصدر الشركة حالياً لأكثر من 27 دولة حول العالم.
رغبة
الشركة في التخارج من مصر، أحد أكبر الأسواق في المنطقة، جاء عكس تصريحات الرئيس التنفيذي
لشركة "إلكترولكس غروب مصر" ميسم الحناوي قبل شهرين، عندما كشف أن الشركة
السويدية لديها استراتيجية طموحة لتحويل مصر إلى قاعدة تصديرية للأجهزة المنزلية إلى
أفريقيا وأوروبا.
وكانت
الشركة قد أعلنت في نهاية تشرين أول/ أكتوبر الثاني الماضي، عن عزمها على ضخ استثمارات جديدة
داخل السوق المصرية خلال العام المقبل 2023، ومضاعفة نشاطها التصديري الذي يتجاوز
الـ10% من مبيعاتها، حيث تمتلك 6 مواقع إنتاجية توفر ما يقرب من 2500 وظيفة، وتصل نسبة
المكون المحلي إلى ما بين 50% و 70%.
"جرس
إنذار"
اعتبر
الباحث الاقتصادي والكاتب الصحفي إلهامي الميرغني تخارج الشركة السويدية من مصر
"رسالة غير مريحة للمستثمرين الأجانب؛ وتثير تحفظات البعض بشأن جدوى الاستثمار
في مصر، وتكرار مثل تلك الخطوات من بعض الشركات الأخرى يضع علامات استفهام حول المناخ
العام للاستثمار، المحلي أو الأجنبي".
ونبه
في تصريحات لـ"عربي21" من أن "تكرارها في هذا الوقت يؤدي إلى عزوف الراغبين
في الاستثمار في الأسواق الناشئة، وسوف ينحصر الاستثمار في مجالات مثل الغاز والبترول
التي يمكنها تحقيق أرباح كبيرة، لكن غير ذلك من القطاعات فقد تشهد إقبالا أقل".
وبشأن
التحول في موقف الشركة خلال الشهور الأخيرة، أرجع الميرغني السبب إلى "عدم استقرار
الوضع الاقتصادي في مصر؛ مثل وجود أكثر من سعر للدولار أمام الجنيه المصري، وتراجع
المعروض بشكل حاد، ووجود مشاكل في استيراد مدخلات العمليات الإنتاجية، فضلا عن وجود
إشكاليات في التصدير رغم حديث الحكومة عن دعم الصادرات بمليارات الجنيهات".
واستدرك
الخبير في مجال الاستشارات الاقتصادية والإدارية، بأنه "على أرض الواقع فإن المنتج
يعاني والمصدر يعاني، لذلك ربما يكون هذا التخارج جرس إنذار لصناع السياسة الاقتصادية
من أجل إعادة ترتيب في تأثير ما يحدث على مجمل المناخ الاقتصادي".
اظهار أخبار متعلقة
وصف
المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس اعتزام الشركة السويدية
بيع علاماتها التجارية في مصر، أحد أكبر أسواق المنطقة، بأنه "خبر سلبي على مناخ
الاستثمار في مصر، نتيجة التخبط الواضح لدى صناع القرارات الاقتصادية، في الوقت الذي
تبحث فيه الدولة عن مستثمرين جدد. ونجد شركات عالمية كبيرة تمتلك علامات تجارية متأصلة
في السوق المصري ولها شعبية تستعد للخروج من مصر".
ورأى
في حديثه لـ"عربي21" أن "مثل هذه الخطوة تعكس الوضع الاقتصادي للقطاع
الخاص الذي يعاني من صعوبات كبيرة سواء في تدبير العملة أو التصدير أو تحويل الأرباح
أو استيراد مدخلات الإنتاج وقطع الغيار وغيرها من المعوقات التي تعمل كمكابح خلال سير
تلك الشركات".
وأكد
النحاس أن "حجم الإنتاج لدى جميع الشركات بما فيها العاملة في مجال الأجهزة المنزلية
الكهربائية تراجع بشكل واضح، وقدرة المصريين على الشراء انخفضت كثيرا"، مشيرا
إلى أن "حجم السوق المصرية الكبير في ظل عدم الاستقرار لا يصبح ميزة، فالمستثمر
يبحث عن قواعد ثابتة وأرض صلبة ورؤية واضحة من خلال خطط ودراسات جدوى لسنوات، وأكثر
ما يقلق المستثمرين هو تآكل رأس المال بسبب استمرار انخفاض قيمة الجنيه".