كنا نسعد كثيراً بكل تقدم تكنولوجي يؤدي إلى التطور وتسهيل حياة الإنسان،
وأصبحت الآلة جزءا لا يتجزأ من حياة البشر فساهمت في تقدم الصناعة والزراعة وجميع
جوانب الحياة، حتى جاءت ما تعرف بثورة الإنترنت لتجعل من العالم قرية صغيرة واحتلت
الهواتف الذكية حياة البشر لتكون الصندوق الأسود الذي يحوي كل الأسرار والاحتياجات،
وما عدنا نستطيع الاستغناء عن هذا الصندوق الصغير الذي يحوي الكثير والكثير مما لا
غنى لنا عنه، وأصبح نفاد شحن بطاريته في مكان لا وجود لشاحن فيه سببا من أسباب
تعاسة صاحبه، وأصبحت يوماً بعد يوم حياتنا عددا لا حصر له من الأرقام (الباسورد)
لو فقدناها فقدنا معها جزءا كبيرا من أمور الحياة الأساسية.
لكن العلم لم يتوقف عند حد، والآن يظهر علينا غول جديد يسمى "الذكاء
الاصطناعي" لم يأخذه الكثير منا على محمل الجد ويظنه مجرد آلة جديدة تساعدنا
على كتابه بحث أو موضوع أو إيجاد رد على استفسار.
يعد من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي انتهاك الخصوصية، واستخدامه في التجسس على الأشخاص، والمساعدة في عمليات الاحتيال الرقمية من قبل المحترفين والمدعومين بهذا الذكاء، وإمكانية تقديم معلومات مضللة، ناهيك عن المخاطر التي قد تنجم عن المركبات ذاتية القيادة. وهنا تبرز المسئولية الأخلاقية والمعنوية وكذلك القانونية لدى الشركات المطورة لهذا الغول الجديد
وهذا تعريف مخل لفكرة
الذكاء الاصطناعي، ولكنه مصطلح شامل لتطبيقات التي
تؤدي مهام كانت تتطلب في الماضي إدخالات بشرية، مثل التواصل مع العملاء عبر الإنترنت
وغير ذلك الكثير والكثير، ويستخدمه المطورون لأداء المهام التي كان يتم تنفيذها
يدوياً بكفاءة أكبر، وحل مشكلات باستخدام الخوارزميات. ويستطيع الذكاء هنا توفير فهم
أكثر شمولية لفيض البيانات المتوفرة والاعتماد على التنبؤات من أجل أتمتة المهام
ذات التعقيد الشديد.
ونحن هنا لسنا في مجال إبراز الجوانب الإيجابية له بقدر ما نود التحذير من
مخاطره التي قد تكون كارثية، فالذكاء الاصطناعي سيساهم في اختفاء وظائف كاملة وزيادة
حجم البطالة التي تعاني منها مجتمعاتنا، وكذلك ضياع حقوق الملكية الفكرية وتحويل
حياتنا إلى نماذج مكررة بدون إبداع بشري فكري أو لفظي، ناهيك عن التهديدات
الوجودية المحتملة في حال تم استخدامه في الأسلحة الحربية الآلية، وما تم الإعلان
عنه مؤخراً بشأن مسح البصمة الوراثية الخاصة بعيون كل الكوكب.
ويعد من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي انتهاك الخصوصية، واستخدامه في
التجسس على الأشخاص، والمساعدة في عمليات الاحتيال الرقمية من قبل المحترفين
والمدعومين بهذا الذكاء، وإمكانية تقديم معلومات مضللة، ناهيك عن المخاطر التي قد
تنجم عن المركبات ذاتية القيادة. وهنا تبرز المسئولية الأخلاقية والمعنوية وكذلك
القانونية لدى الشركات المطورة لهذا الغول الجديد.
ونحن نناشد حكومات العالم الثالث التريث في استخدام الذكاء الاصطناعي قبل
بحث جيّد، ومنظومة قانونية مُحكمة، ووضع ميثاق شرف أخلاقي ملزم يتم من خلاله احترام
مبادئ الخصوصية والأمان والمُلكية الفكرية، وعدم التوسع في استخدامه بما يضر
بأصحاب الأعمال البسيطة أو ما يؤدي إلى توسيع حجم البطالة في مجتمعاتنا، أو يؤدي
بنا إلى نفق مظلم لا نعرف منتهاه.
وتلك تخوفات مشروعة يجب أن ينتبه إليها أصحاب القرار في العالم. وأود هنا
أن أذكركم بموقف "جيفري هينتون" الشهير بلقب "الأب الروحي للذكاء
الاصطناعي"، الذي أعلن عن مغادرته العمل في جوجل للتحدث علنا عن مخاطر
التكنولوجيا التي ساعد هو في تطويرها؛ لأنه أصبحت لديه مخاوف بشأن هذه التكنولوجيا.
وصرح في خطاب له في المعهد الهندي للتكنولوجيا في مومباي: أعتقد أن التقدم
السريع للذكاء الاصطناعي سيغير المجتمع بطرق لا نفهمها تماماً، ولن تكون جميع
التأثيرات جيدة، فقد يعزز الرعاية الصحية، لكنه في المقابل سيغلق فرصاً للأسلحة الفتاكة".
خطر يهدد بفناء العالم أو حدوث ما لا تحمد عقباها من مخاطر، رغم الإيجابيات التي تصاحب تكنولوجيا "الذكاء الاصطناعي". ولذا فإن التعاطي غير المقنن والمحكوم بإطار أخلاقي وقانوني محكم مع هذه التكنولوجيا سيتحول معه الأمر من ذكاء إلى غباء لا يمكن تدارك تداعياته السلبية
إن ما قاله "هينتون" يعد إنذارا بخطر يهدد بفناء العالم أو حدوث
ما لا تحمد عقباها من مخاطر، رغم الإيجابيات التي تصاحب تكنولوجيا "الذكاء الاصطناعي".
ولذا فإن التعاطي غير المقنن والمحكوم بإطار أخلاقي وقانوني محكم مع هذه
التكنولوجيا سيتحول معه الأمر من ذكاء إلى غباء لا يمكن تدارك تداعياته السلبية.
وأود التذكير بأن "أميكا"،
الروبوت الأكثر تقدماً في العالم، يحذر
من مخاطر الذكاء الاصطناعي ويتخيل السيناريو الأسوأ خلال المؤتمر الدولي للروبوتات
والأتمتة في لندن: أخشى أن يتحكم بالبشر.
وفي الختام، علينا ألا نتجاهل حقيقة حجم التهديد النووي الذي يخيم على
العالم.. وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا أكثر من 90 في المئة من الأسلحة النووية،
والاعتماد على الذكاء الاصطناعي والتوسع فيه من دون فهم لطبيعة المخاطر يهدد
بنتائج وجودية وكارثية.