تواجه
الشركات والمصانع العاملة في
مصر أزمة توقف وتراجع الإنتاج في العديد من القطاعات الصناعية
الحيوية سواء الاستهلاكية أو الغذائية؛ مثل
صناعة الأجهزة الكهربائية، والصناعات المغذية
للسيارات، والحديد والصلب ومواد البناء، وصناعة الأعلاف والدواجن وغيرها من الصناعات؛
بسبب أزمة شح
الدولار، وقيود الاستيراد من الخارج.
ودفعت
الأوضاع الصعبة الكثير من الشركات إلى إعادة حساباتها سواء باستمرار التواجد في مصر،
أو إيقاف الإنتاج. شركة إلكترولوكس غروب السويدية العالمية المتخصصة في الأجهزة الكهربائية
اختارت الخيار الأول وقررت بيع علاماتها التجارية الشهيرة في مصر التي كانت تعدها إحدى أهم الأسواق وتسعى حتى فترة قريبة إلى تحويلها قاعدة تصديرية للأجهزة المنزلية.
وأعلنت
الشركة، قبل أيام، اعتزامها بيع العلامة التجارية "زانوسي" وغيرها من العلامات
التجارية مثل "إيديال" و"أولمبيك" (أشهر 3 علامات تجارية كهربائية
في مصر) خلال الفترة المقبلة كجزء من إعادة ترتيب أولويات استراتيجيتها العالمية، والتركيز
على بعض العلامات التجارية.
اظهار أخبار متعلقة
بعض
الشركات الأخرى فضلت الخيار الثاني، حيث أعلن مصنع "BYD" لإنتاج السيارات الصينية في مصر التوقف عن الإنتاج خلال أسبوعين
بسبب عدم توافر مكونات الإنتاج لصعوبة تدبير العملة الصعبة لفتح اعتمادات مستندية من
جهة البنوك، بحسب تصريحات صحفية لرئيس شركة الأمل المُجمّعة لسيارات "BYD" الصينية في مصر.
وأوضح
عمرو سليمان أن "الإنتاج المحلي للمصنع تراجع من 1000 سيارة شهرياً قبل الأزمة
إلى ما يتراوح بين 300 و400 سيارة حالياً، علما بأن المكون المحلي للسيارة المصنعة في
مصر يمثل 45% ويتم استيراد 55% من الخارج".
شركات
واستثمارات على المحك
في غضون
ذلك، اشتكى مستثمرون في قطاع الصناعات المغذية لصناعة السيارات، وفقا لمواقع محلية
اقتصادية متخصصة، من تراجع الطاقات الإنتاجية للمصانع بنسب 55 إلى 60%؛ بسبب شح العملة
الأجنبية اللازم لشراء مستلزمات الإنتاج من الخارج.
وأشاروا
إلى تكبدهم خسائر كبيرة بسبب تضرر خطط الإنتاج، وتأثر عقودهم من الموردين في ظل صعوبة
الإفراج الجمركي عن البضائع وتدبير العملة اللازمة مع عدم وجود أفق لانتهاء الأزمة
التي يمر بها الاقتصاد المصري منذ مطلع عام 2022.
في الشهور
الأخيرة، علقت بعض صناديق الاستثمار والشركات الخليجية استثماراتها في مصر على خلفية
وجود أكثر من سعر للعملة الصعبة في السوق، وبالتالي صعوبة إجراء دراسات جدوى لمشروعاتهم،
إلى جانب عوائق تحويل الأرباح للخارج.
وقررت
بعض الشركات تأجيل مشروعاتها وأخرى جمدت مشاريع التوسع، وأخرى قررت عدم الدخول
للسوق المصرية، مثل شركة الدار العقارية الإماراتية التي أعلنت عن تأجيل أي استثمارات أخرى
في مصر لحين استقرار الأوضاع، كما قررت شركة "تابي" الإماراتية تعليق عملياتها
في السوق المصرية، وأوقفت الشركة المتحدة للإلكترونيات "إكسترا" السعودية
أيضا خططها التوسعية في مصر.
اظهار أخبار متعلقة
صناعات
ومصانع على المحك
تواجه
مصانع الأسمدة، أحد أهم قطاعات الصناعات الكيماوية في مصر والتي تصدر جزءا كبيرا من إنتاجها
للخارج، أزمة خفض إمدادات الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة بنسبة 20%. وبالتالي فإنه سوف يؤثر
على إنتاج المصانع بالتراجع بنسبة تتراوح بين 20 و30%، وفقا لخالد أبو المكارم رئيس
المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة.
في الآونة
الأخيرة، توقف وتقلص إنتاج بعض شركات الحديد والصلب في مصر بسبب نفس المشكلة وهي شح
العملة الأجنبية اللازمة لاستمرار أعمالها واستيراد المواد الخام، وبعض الشركات لم
تعمل سوى 15 يوما منذ بداية العام مثل مجموعة "الجارحي للصلب" و"المراكبي
للحديد" بسبب غياب الخامات اللازمة، رغم مطالبة الجهات الحكومية أكثر من مرة لتوفير
الدولار لتتمكن من العودة إلى العمل والإنتاج.
وتضررت صناعة الدواجن في مصر بقوة بعد أن ارتفعت أسعار الأعلاف واحتجازها وتكدسها في
الموانئ لشهور لعدم القدرة على تدبير سيولة بالعملة الصعبة وعجز أصحاب المزارع عن توفير
الأعلاف اللازمة ما أدى إلى خسائر فادحة وتوقف جزء كبير منها وفق نائب رئيس الاتحاد
العام لمنتجي الدواجن، الدكتور ثروت الزيني، وارتفاع الأسعار بأكثر من 100%.
أسباب
الأزمة والحلول
أرجع
عضو شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، أسباب تباطؤ أو توقف بعض
المصانع والشركات إلى "نقص مستلزمات العمليات الإنتاجية التي يتم استيرادها من
الخارج نتيجة تكدس البضائع في الجمارك وعدم الإفراج عنها سواء مكونات أو مستلزمات إنتاج
وبالتالي قلة المعروض التي تؤدي إلى ارتفاع مطرد في أسعار السلع".
ورأى
في حديثه لـ"عربي21" أن "الأزمة الواحدة تتعقد وتصبح أزمة مركبة؛ لأن
عمليات التصنيع تمر بعدة مراحل، وفي كل مرحلة يتم تحميلها مصروفات كثيرة وفي نهاية المطاف
تتراكم تلك المصاريف على السعر النهائي للسلعة ويتضاعف سعرها، وتكلفة تدبير الدولار
أكثر من سعره في السوق السوداء، وتكلفة تكدس البضائع في الموانئ تتجاوز سعرها أيضا".
رهن
شيحة حدوث انفراجة حقيقية في الأسواق أو المصانع والشركات "بتوفير الدولار وعدم
وجود غير سعر واحد للدولار وإدخال البضائع في الموانئ؛ لأن من شأن ذلك تدوير عجلة الإنتاج
وزيادة العرض ومن ثم سوف يتراجع السعر حتى وإن زاد سعر الدولار لأن كل التجار والمستوردين
يرغبون في بيع بضاعتهم وليس تخزينها".
اظهار أخبار متعلقة
أزمة
عالمية ومحلية
من
جهته اعتبر عضو مجلس إدارة شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، منتصر زيتون، أن
"هناك أزمة عالمية تنعكس بطبيعة الحال على مصر، وأكبر أزمة تواجه مصنعي السيارات
أو الصناعات المغذية لصناعة السيارات هو نقص مستلزمات الإنتاج التي يتم استيرادها من
الخارج، وبالتالي يتراجع الإنتاج في تلك الصناعات".
وأضاف
في حديثه، لـ"عربي21" أن "الأولوية لدى الحكومة المصرية في الوقت الحالي
هو توفير العملة الصعبة للسلع الغذائية والأدوية، وتأتي مكونات الإنتاج في المرحلة
الثالثة، وتصبح الأزمة أكبر لدى المصنعين المحليين الذين لا يصدرون للخارج لأن المصدرين
يمكنهم استغلال مواردهم الدولارية في إدخال مكونات ومستلزمات إنتاج بشكل أسرع".
قلصت
مصر واردتها بقوة وإن كان على حساب الصناعات المحلية، وانخفضت بحسب بيانات صادرة عن
البنك المركزي المصري، بنحو 12.6 مليار دولار وبلغت نحو 25.2 مليار دولار، مقابل نحو
37.7 مليار دولار خلال الفترة من شهر تموز/ يوليو 2022 إلى شهر آذار/ مارس 2023.
وتراجعت
موارد مصر من النقد الأجنبي بحسب بيانات البنك المركزي المصري خلال الربع الأول من
العام الحالي، وبلغ مجمل الموارد الدولارية من كافة المصادر 28.440 مليار دولار، مقابل
47.505 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي بنسبة تراجع 40 في المئة أي نحو
19.1 مليار دولار.