استعرض
تحليل في مجلة فورين بوليسي للكاتبين ويتني شنايدمان، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات المهتمة بالتجارة والاستثمار في
أفريقيا، وفيرا سونغوي، الزميلة غير المقيمة في معهد بروكينغز، العلاقات الأمريكية الأفريقية بجانبها
الاقتصادي وسياسة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في القارة السمراء.
ويذكر التحليل، أن قلة من رؤساء
الولايات المتحدة فعلوا ما فعله بايدن لتعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية، حيث استضاف في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ما يقرب من 50 من القادة الأفارقة في قمة استمرت ثلاثة أيام في واشنطن.
خلال الاجتماع، التزمت الإدارة باستثمار 55 مليار دولار على الأقل في أفريقيا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بما في ذلك مبادرات القطاع الخاص بأكثر من 15 مليار دولار.
إظهار أخبار متعلقة
منذ ذلك الحين، قام العديد من كبار المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم نائبة الرئيس كامالا هاريس ووزيرة الخزانة جانيت يلين، بزيارة القارة. كما تعهد بايدن بالزيارة قبل انتهاء العام.
وأضاف الكاتبان، أنه عندما يتعلق الأمر بواحدة من أهم القضايا المطروحة على أجندة الإدارة، وهي تغير المناخ والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، فإن أفريقيا مفقودة.
وتابعا: "نتيجة لذلك، تخسر الولايات المتحدة فرصة لتعميق العلاقات التجارية مع القارة، وإقامة شراكة مع الدول الأفريقية لتعزيز سلاسل التوريد والإنتاج، والتنويع بعيدا عن اعتمادها على الصين لأكثر من 50 بالمئة من 26 معدنا استراتيجيا.
وأردفا، أحد الأحكام الرئيسية لقانون خفض التضخم الذي وقع في آب/ أغسطس الماضي، هو الائتمان الضريبي المتاح للمستهلكين الأمريكيين الذين يشترون السيارات الكهربائية، التي تحتوي بطارياتها على نسبة معينة من المعادن الاستراتيجية المستخرجة، أو المعالجة في الولايات المتحدة، أو في أي بلد "أبرمت معه اتفاقية تجارة حرة".
لدى الولايات المتحدة 20 اتفاقية تجارة حرة سارية المفعول، لكن اتفاقية واحدة فقط مع دولة أفريقية وهي المغرب، الذي يمتلك أكبر احتياطيات معروفة من الفوسفات في العالم، ولكن القليل من المعادن الاستراتيجية الأخرى المعروفة بحسب المقال.
إظهار أخبار متعلقة
وأورد التحليل أن إدارة بايدن خرجت من مجال التفاوض بشأن اتفاقيات
التجارة الحرة لصالح أطر التجارة والاستثمار غير الملزمة.
ونتيجة لذلك، هناك احتمال ضئيل بأن تساهم المعادن الاستراتيجية من أفريقيا على نطاق واسع في تحول الطاقة في الولايات المتحدة في أي وقت قريب، وفق المقال.
وأكد الكاتبان أن على الإدارة مضاعفة جهودها الآن لإدراج الدول الأفريقية في تحول الطاقة، بالنظر إلى دفع إدارة بايدن بشأن تغير المناخ، ورغبتها في إعطاء الأولوية للعلاقات مع القارة.
وتابعا أن التخفيف الضريبي بموجب قانون الحد من التضخم، يقلل بشكل كبير من قدرة الولايات المتحدة على التعامل مع الدول الأفريقية الرئيسية، بطريقة تعود بالفائدة على الطرفين، وتعزز أهداف تغير المناخ الرئيسية.
واستدركا، "إذا لم تنوع واشنطن مورديها، فإن انتقال الطاقة في الولايات المتحدة، سيظل معتمدا على قاعدة ضيقة نسبيا من الشركاء التجاريين".
وينقل التحليل إحصائيات عن خدمة أبحاث الكونغرس، حيث تعتمد الولايات المتحدة على الواردات بنسبة 100 بالمئة لأربعة عشر معدنا في قائمة المعادن الاستراتيجية، بما في ذلك الجرافيت والمنغنيز وعلى الواردات لأكثر من 75% لعشر معادن استراتيجية إضافية.
وتعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على الصين في استيراد السلع المعدنية، ولكن أيضا على ألمانيا والبرازيل وجنوب أفريقيا والمكسيك.
تهيمن الصين أيضا على السوق العالمية في تكرير المعادن الاستراتيجية، فوفقا لدراسة حديثة أجراها معهد بروكينغز ونتائج التنمية، تقوم الصين بتكرير 68 بالمئة من النيكل على مستوى العالم، و 4 بالمئة من النحاس، و 59 بالمئة من الليثيوم، و 73 بالمئة من الكوبالت.
وتمثل الصين أيضا 78 بالمئة من قدرة تصنيع الخلايا في العالم لبطاريات السيارات الكهربائية، بحسب دراسة معهد بروكينغز.
ولفت التحليل إلى أن أفريقيا موطنا لـ 30 بالمئة من احتياطيات المعادن الاستراتيجية في العالم، مثل "الكوبالت والليثيوم والمنغنيز والجرافيت والنيكل"، وهذه ضرورية للتكنولوجيات المتجددة ومنخفضة الكربون.
إظهار أخبار متعلقة
بموجب اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، تمتلك أفريقيا إطارا ثابتا للمشاركة، وأوضحت رغبتها في أن تكون عضوا مساهما في سلاسل القيمة العالمية في معالجة المعادن الاستراتيجية، وكذلك التصنيع.
وتتمتع أفريقيا بميزة نسبية في الإنتاج والمعالجة المبكرة لبعض أجزاء المركبات الكهربائية، مثل سلائف البطاريات.
ويرى الكاتبان أن إدارة بايدن والكونغرس ارتكبا خطأ استراتيجيا في عدم توفير وسيلة للدول الأفريقية وإمداداتها المعدنية المهمة، وسلاسل القيمة للإنتاج للسوق الأمريكية على أساس تحفيزي.
ويعتقد الكاتبان أن نتيجة قانون الحد من التضخم IRA ستنعكس على تقليل العلاقات التجارية الأمريكية مع أفريقيا، والتنازل عن السوق الأفريقية في المعادن المهمة لدول أخرى مثل الصين.
وأوضح المقال أن بإمكان الكونغرس والإدارة تصحيح هذا الوضع من خلال تعديل القانون، ليشمل ليس فقط البلدان التي أبرمت معها الولايات المتحدة اتفاقية تجارة حرة، ولكن تلك الدول الأفريقية التي تشارك في قانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA).
ويوفر التشريع وصولا معفى من الرسوم الجمركية إلى الأسواق الأمريكية لبلدان أفريقيا جنوب الصحراء، التي تستوفي شروطا معينة بشأن الحوكمة وحقوق الإنسان وحماية العمال، بحسب المقال.
وتابع الكاتبان، أن هناك 36 دولة أفريقية في قانون AGOA، بما في ذلك تلك التي تنتج أو يُعرف بامتلاكها للمعادن الاستراتيجية، التي ستحتاجها الولايات المتحدة لانتقال طاقتها، مثل زامبيا وناميبيا وتنزانيا والغابون وكينيا وجنوب أفريقيا والنيجر، وكذلك الكونغو.
وأكدا أن تضمين البلدان المؤهلة لقانون AGOA من شأنه أن يوفر لواشنطن عددا أكبر من موردي المعادن الاستراتيجية، ويشجع الاستثمار في القطاعات التي تمثل أولوية للحكومات الأفريقية.
وذكر المقال بقمة العام الماضي مع القادة الأفارقة، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومتين الكونغولية والزامبية، تعهدت فيها الولايات المتحدة بدعم تطوير سلسلة القيمة في بطاريات السيارات الكهربائية في القطاعين خلال قمة.
وختم الكاتبان بالقول: "من خلال تضمين جميع الدول الأفريقية المؤهلة لقانون AGOA في قانون IRA ، ستعمل حكومة الولايات المتحدة على تعميق علاقتها التجارية مع القارة، بالإضافة إلى تعزيز قدرتها على الوصول إلى المعادن المهمة التي تحتاجها لانتقال الطاقة، دون إعطاء تأثير أكبر وحصة سوقية أكبر لخصومها".