نشر
موقع "كوين تريبيون" تقريرا استعرض فيه الأصول التي تعتبر أكثر أمانا من غيرها في حماية الاستثمارات ضد
التضخم.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن معدل التضخم في منطقة اليورو تجاوز على مدى السنوات العشرين الماضية 52 بالمئة، وهذا يعني أن القوة الشرائية لليورو في سنة 2003 كانت في المتوسط ضعف قوة اليورو في سنة 2023، وهذا الرقم يكشف أن اليورو فقد ديناميكيته في سوق الصرف الأجنبي مقابل الدولار أو الفرنك السويسري.
ويضيف الموقع، "بالرغم من استقرار بعض العملات، يظل التضخم قاعدة ثابتة ومستمرة في التاريخ
الاقتصادي، حيث تؤكد عودة الدورات التضخمية أن التضخم قد يخرج عن نطاق السيطرة في أي وقت، وإذا تأثرت القوة الشرائية للأسر، فإن امتلاك الأصول غالبًا يحمي من الفقر".
اظهار أخبار متعلقة
التضخم والمدخرات
يشير التقرير إلى أن التضخم يؤثر على السكان بطريقتين، فهو يؤدي من ناحية إلى خفض القوة الشرائية، أي كمية أو نوعية السلع والخدمات التي يمكن شراؤها، لجميع السكان لا سيما أولئك الذين تكون قدراتهم الادخارية في أدنى مستوياتها.
في سنة 2017، بلغ معدل الادخار لأفقر 10 بالمئة من الفرنسيين 2.7 بالمئة، فيما تجاوز المعدل لدى أغنى 10 بالمئة من الفرنسيين 28 بالمئة، ما يعني أن التضخم يضرب أولا أولئك الذين ليس لديهم مدخرات كبيرة أو ليس لديهم مدخرات على الإطلاق، وفق الموقع.
كما يؤثر التضخم أيضا على
المدخرات، حيث تعادل القوة الشرائية لمدخرات تبلغ 10 آلاف يورو في سنة 2003 القوة الشرائية لمدخرات تبلغ 20 ألف يورو اليوم.
وأردف الموقع، أن التضخم يصادر القوة الشرائية للمدخرات التي لا يتم استثمارها، وفي المتوسط، يملك كل فرنسي (من جميع الفئات العمرية والدخل في سنة 2021) ما يقارب 90 ألف يورو من المدخرات بوسائل مختلفة.
وأشار الموقع إلى أن الاستثمارات السائدة بين الفرنسيين هي الأسهم والتأمين على الحياة ومدخرات التقاعد وحسابات التوفير.
وتابع، أن اختيار المدخرات في كل أسرة له اختلافات كبيرة اعتمادا على الدخل ومجال النشاط وما إلى ذلك، وبالتالي إذا كان الادخار الكثير، يقلل من احتمال فقدان القوة الشرائية، فإن خطر انخفاض قيمة المدخرات يكون حقيقيا.
السندات والأسهم والكتيبات
ويرى التقرير، أن هناك انتظاما كبيرا في أداء الأصول المختلفة على المدى الطويل، ومن بين المتخصصين الذين درسوا هذه المسألة، جيريمي سيغل مؤلف كتاب "الأسهم على المدى الطويل" حيث قام بتجميع تطور الأصول الرئيسية منذ سنة 1800.
وظهرت الاستنتاجات منذ عام 1800، على النحو التالي:
- يعد الاحتفاظ بالأموال أحد أسوأ الخيارات للادخار على المدى الطويل. فقد أدى التضخم في السبعينيات إلى انخفاض كبير في القوة الشرائية.
- يتيح
الذهب الحفاظ على القوة الشرائية، وفي بعض الأحيان زيادتها قليلا.
- تحمي السندات عموما من التضخم. ولكن منذ الثلاثينيات، بل وأكثر من ذلك على مدى السنوات العشر الماضية، تبدو السندات أقل جاذبية.
وبين التقرير أن الأسهم تسمح بزيادة المدخرات بشكل كبير حيث أن التضخم له تأثير ضئيل أو معدوم على مسار الأسهم في المدى الطويل.
واستدرك، أنه منذ العقد الأول في القرن الحادي والعشرين، أظهرت مكافآت الاستثمار في السندات أو حسابات التوفير عيبًا واضحا في مواجهة التضخم (مع عوائد سلبية في بعض الأحيان).
وتابع، أن بعض أسعار السندات باتت أكثر جاذبية مرة أخرى مع الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة، ولكن بشكل عام، كان أداء منتجات الأسعار أقل من المتوقع في مواجهة التضخم خلال السنوات الأخيرة، لذا من المهم مقارنة أي استثمار بمعدل التضخم، وإلا فإنه سيكون ضارا على المدى الطويل لمدخرات الجميع.
وأشار تقرير الموقع إلى أن العائد المرتفع غالبا ما يسير جنبا إلى جنب مع ارتفاع المخاطر، وهذا يعني أن السعي لحماية محفظتك الاستثمارية من التضخم (الأسهم، وبعض السندات، والذهب، وما إلى ذلك) غالبا ما يولد قدرا أكبر من عدم الاستقرار فيها، وهو خطر لا يكون أغلب المدخرين على استعداد لتحمله.
الانكماشات المالية نادرة
لفت الموقع إلى أن الانكماشات (انخفاض الأسعار) موجودة عبر التاريخ الاقتصادي، ومع ذلك، فهي نادرة جدا، كما أنه في حالة الانكماش، تتغير جميع العلاقات، وغالبا ما يؤثر ذلك سلبا على الشركات المثقلة بالديون، وقد ينخفض أداء الأسهم، وبالمثل تزداد قيمة النقد "بشكل طبيعي" كما هو الحال مع منتجات أسعار الفائدة.
وتحدث الانكماشات غالبا بسبب فترات الكساد الاقتصادي، عندما يكون النشاط الاقتصادي في تراجع، والطلب متوقفا، والأسعار تنخفض، وفق الموقع.
ويقول التقرير إن معدل التضخم قد يكون في كثير من الأحيان معتدلا بين 1 و3 بالمئة، ولكن يمكن أن ينحرف بشكل حاد عن هذا الاتجاه لعدة سنوات، وهذه هي الأزمة التضخمية.
ويعزو الموقع، الأزمة التضخمية إلى النقص والحروب والتجاوزات النقدية بشكل عام، فمن الملاحظ أن معدل التضخم يتطور وفق دورات طويلة تعرف أيضاً بدورات كوندراتييف.
وأضاف أن التضخم يظل التهديد الرئيسي للقوة الشرائية والمدخرات، لذلك من غير المنطقي إذن أن نبدأ من فكرة مفادها أن المدخرات المتراكمة آمنة وثابتة؛ فهي ليست كذلك مهما كانت الوسيلة.
وتابع، "من الواضح أن ارتفاع الأسعار غالبا ما يكون مصحوبا بزيادة في الأجور، أو أرباح الشركات، أو الإيرادات العامة (التي دونها لن يستمر التضخم)، إلا أن التضخم يظل يشكل تهديدا لأولئك الذين يتوقون إلى إنشاء المدخرات".
اظهار أخبار متعلقة
الادخار: مسألة أجيال
بيّن الموقع أن أسباب الادخار متنوعة، فهو يوفر السيولة (لتنفيذ المعاملات)، أو إعداد مشروع، أو مجرد اتخاذ الاحتياطات، أو زيادة الأصول، ومن الواضح أن السيولة والمشاريع هما عنصران رئيسيان في التوفير.
وفي هذه الحالة، يحتفظ الأشخاص بمدخراتهم لبضعة أشهر أو بضع سنوات، ولكن تأثير انخفاض قيمة العملة يظل كبيرا في بيئة تتسم بارتفاع معدلات التضخم.
ويشير تقرير الموقع إلى أن القدرات الادخارية مرتبطة بدورات الأجيال، ففي عام 2002، أظهر ثلاثة أكاديميين العلاقة الوثيقة بين دورات سوق الأوراق المالية والدورات الديموغرافية.
ويمكن العثور على التفسير في قدرات الادخار والاستهلاك، التي تؤثر على سعر الفائدة وتقييم أسواق الأوراق المالية.
وتستند الفرضية الأساسية إلى فكرة أن الفئة العاملة الشباب (20-34 سنة) يدخرون أقل ويستهلكون أكثر من الفئة العاملة الأكبر سنا (35-49 سنة).
وفي حال كانت سوق العمل تتكون من كبار السن (35-49 سنة)، تزداد القدرات الادخارية وتكون احتياجات الاستهلاك أقل أهمية، وهذا يؤدي أولا إلى خفض سعر الفائدة وزيادة تقييم الأسهم.
وأكد الموقع أن هذا النهج يوضح حقيقة مفادها، أن المدخرات لا تستفيد بشكل متساو من الاستثمارات المختلفة اعتمادا على الجيل الذي ينتمي إليه الفرد، وبالتالي فإن الحقيقة البسيطة المتمثلة في الانتماء إلى جيل أكبر نسبيا يقدم جزئيا ميلا إلى الحفاظ على المدخرات.
هل الادخار محكوم عليه بالفشل؟
قال التقرير، إن التضخم قاعدة ثابتة للاقتصاد أما الانكماشات، أي انخفاض الأسعار، نادرة في التاريخ، لذلك قد تكون بضعة عقود كافية لخفض قيمة المدخرات بشكل شبه كامل.
وفي مواجهة ذلك، يؤكد التقرير أن التاريخ يوضح حقائق قيمة، تقول إنه غالبا ما يكون الاحتفاظ بالمدخرات بالعملة الأجنبية قرارا سيئا على المدى الطويل، لكن البدائل موجودة، فالذهب يجعل من الممكن الحفاظ على القوة الشرائية بشكل صحيح إلى حد ما على المدى الطويل.
وعلى نحو مماثل، تقدم السندات عوائد تساعد على مكافحة انخفاض قيمة المدخرات، ولكن في السنوات الأخيرة، تأثرت جاذبية السندات.
في المقابل، هناك الأسهم والأصول المتنوعة "بما في ذلك العملات المشفرة الأحدث ولكن النظر في تاريخها القصير لا يسمح باتخاذ قرار قاطع بخصوصها".
ويؤكد التقرير أن أسعار الأسهم لا تمثل مصدرا لحماية المدخرات فحسب، بل غالبا ما تكون وسيلة للتنويع والنمو.
ويضيف، "أن هذه الاختيارات تنطوي على مخاطر الإفلاس، والافتقار إلى التنويع، والأخطاء، وما إلى ذلك" التي تعكس قدرا أعظم من عدم الاستقرار في مدخرات الفرد.
وتابع، "حتى لو كان من الصعب استبعاد العملات بشكل كامل من المدخرات (لتلبية الاحتياجات القصيرة أو المتوسطة الأجل)، فإن الأصول تبدو المصدر الحقيقي الوحيد لحماية الثروة المستدامة".