تكثفت مؤخراً خطوات
التطبيع بين إسرائيل ودول عربية وخاصة مع المملكة العربية
السعودية ـ على خلفية الاتفاق الإبراهيمي بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب بدعم وتأييد إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وفريقه وعلى رأسه جاريد كوشنير.
كل اتفاق كان مقابل مردود ومكاسب لكل طرف، لكن لم يحقق تهافت التطبيع، ويقرب الفلسطينيين من حلم دولتهم ولم يحسن حياتهم، بل زاد تطرف واعتداءات وقمع إسرائيل ومستوطنيها، وتطرف وتوحش ناخبيها، لينتخبوا حكومات أكثر تطرفاً، والتنكيل بالفلسطينيين واستشراء سرطان الاستيطان وتهميش السلطة الفلسطينية والقضاء على فرص حل الدولتين، وإحراج الراعي والحليف الأمريكي والنظام العربي والمطبعين العرب، لهذا تفرمل التطبيع، خاصة بعد فشل الاتفاقيات الإبراهمية والتطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء والزيارات الرسمية والشعبية والسياحة والاستثمار، في تحقيق أي من الأهداف المرجوة.
إلى أن وصل إلى الحكم مطلع العام ائتلاف أقصى اليمين، والفاشية الدينية المتطرفة بقيادة نتنياهو وسعار الاستيطان بقيادة بن غفير وسموتريتش وزيري الأمن الداخلي والمالية والمسؤول عن الأمن الذي وضع خريطة إسرائيل الكبرى وطالب بمحو حوارة عن الوجود!!
برغم زيارات رؤساء وزراء كيان الاحتلال ووزراء إسرائيليين أبوظبي والمنامة ومسقط، إلا أنه لم يزر أي رئيس دولة عربية وخليجية كيان الاحتلال. وبرغم سعي بعض الحكومات العربية وحتى السلطة الفلسطينية للترويج للتطبيع بزيارات القدس والمسجد الأقصى، وتبني إدارة بايدن توسيع التطبيع العربي مع إسرائيل للاستمرار بنهج الرئيس ترامب، وخاصة بين إسرائيل والسعودية، درة التاج في التطبيع العربي مع إسرائيل، إلا أن التطبيع لم ينجح بإنهاء السلام البارد شعبياً.
سطرت عدة مقالات في « القدس العربي» عن الحكومات الإسرائيلية والتطبيع العربي المجاني مع إسرائيل دون مردود وعن عقبات وصعوبات تقف بوجه التطبيع العربي، والسعودية خاصة مع إسرائيل. كتبت مقالاً في 11/9/2023 عن أهمية مردود التطبيع بين السعودية وإسرائيل بعنوان: «عقبات أمام صفقة التطبيع الكبرى بين السعودية وإسرائيل «تعلم السعودية أهمية المردود من التطبيع مع إسرائيل. وذلك بعد تدشين الرئيس بايدن خط الملاحة الجوي بين تل أبيب وجدة في زيارته الأولى للسعودية في يوليو 2022. ولكن بعد انتزاع أكبر تنازلات ممكنة للمضي قدماً في التطبيع وأهمه أن يكون هناك انجاز مقبول ومقنع يمكن تسويقه بتقديم إسرائيل تنازلات مجزية ومقنعة للفلسطينيين. وتوفير الأمن والحماية للسعودية، بصفقة كبرى».
تكثفت مؤخراً خطوات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية وخاصة مع المملكة العربية السعودية، على خلفية الاتفاق الإبراهيمي بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب
وسطرت الأسبوع الماضي مقالاً في « القدس العربي» «السعودية تعزز دورها القيادي في الشرق الأوسط» عن مساعي التطبيع مع إسرائيل: «تكثفت التسريبات والتعليقات والتصريحات (مؤخراً بتأكيد) الرئيس الأمريكي جو بايدن ومستشار الأمن الوطني الأمريكي جيك سوليفان وحتى نتنياهو في أول اجتماع له مع الرئيس بايدن على هامش الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، «اقتراب إسرائيل التوصل لاتفاق سلام مع السعودية بقيادة الرئيس بايدن». وكذلك تأكيد ولي العهد رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع شبكة فوكس نيوز (حظيت رسائله باهتمام وتغطية واسعة):»كل يوم نقترب أكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل». «وإذا تحقق ذلك سيكون أكبر اختراق منذ نهاية الحرب الباردة. ويوفر حياة كريمة للفلسطينيين وبما يرضي الفلسطينيين». وذلك بدعم ومباركة إدارة بايدن لتحقيق اختراق تاريخي بين السعودية صاحبة «
المبادرة العربية للقمة العربية في بيروت 2002». لكن دون ذلك تحديات كبيرة ومعقدة.
لكن لم يكن واضحاً إذا كانت إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية شرطا أساسيا ومسبقا للتطبيع مع إسرائيل؟ كما أن الناطقة باسم البيت الأبيض رفضت الأسبوع الماضي التعليق على إذا ما كان التطبيع مع السعودية يشترط قيام دولة فلسطينية؟ وأكدت: «ستتضمن اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والسعودية عناصر أساسية ومهمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين»!
شّكل تطبيع أربع دول عربية بشكل فردي مع إسرائيل عام 2020 خرقاً واضحاً لمبادرة سلام القمة العربية عام 2002 في بيروت بمخالفة الإجماع العربي «الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية والانسحاب من الضفة الغربية والجولان السوري المحتل ومزارع شبعا اللبنانية، مقابل التطبيع العربي الشامل. وهو ما أكده وزير الخارجية السعودي الأسبوع الماضي في الأمم المتحدة، بأن أمن منطقة الشرق الأوسط يتطلب الإسراع بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يُبنى على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وعينت السعودية في أغسطس الماضي نايف بن بندر السديري السفير في الأردن ـ سفيراً مفوضاً فوق العادة في فلسطين وقنصلاً عاماً في القدس. وقدم أوراق اعتماده لرئيس السلطة الفلسطينية في أول زيارة له إلى رام الله وبصفته أول سفير سعودي لفلسطين الأسبوع الماضي، وهو ما تعارضه إسرائيل.
لكن السؤال الجوهري اليوم مع تسارع خطى التطبيع هل انتهت مرجعية المبادرة العربية للسلام التي كانت بالأساس مبادرة سعودية قدمها ولي العهد السعودي حينها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت العربية عام 2002 ـ عملياً ومرجعاً يشترط العرب انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وقيام دولة فلسطينية كشرط للتطبيع العربي الجماعي وخاصة السعودية مع إسرائيل. كيف؟ بوجود حكومة من عتاة اليمين المتطرف والصهيونية الدينية والفاشيين، أم الاكتفاء بالحصول على ضمانات بوقف الأعمال الأحادية وتوسعة الاستيطان والتنازل عن المناطق التي تحت السيطرة الإسرائيلية، وتقديم ضمانات بالالتزام بحل الدولتين كخطوات عملية بموافقة السلطة الفلسطينية وتمهيد الطريق لحل الدولتين؟
وماذا عن موقف اليمين الإسرائيلي الرافض لتقديم أي تنازلات للفلسطينيين؟ أم سيسحبون الثقة ويُسقطون حكومة نتنياهو ويعودون للتصعيد والمزيد من التطرف والمربع الأول؟ الأيام حبلى!