مع انطلاق الجولة الأولى من سلسلة جولات للرد الأمريكي على مواقع الحرس الثوري
الإيراني والفصائل الموالية في سوريا والعراق- واستهداف الحوثيين في اليمن- لا يمكن إلا القلق من مخاوف توسع رقعة
الحرب- وتفجر صراع وحرب شاملة في المنطقة مع قرع طبول حرب لا يرغب أحد باندلاعها! والسؤال ما هي ارتدادات توسع الحرب مع بدء موسم انتخابات الرئاسة وكيف ستستغلها إسرائيل في حرب إبادتها على
غزة وكيف وأين سترد إيران ووكلاؤها في المنطقة؟
في أعقاب جائحة كورونا على مدى عامين ونجونا من خطرها، أزهقت أرواح 7 ملايين من أكثر من 700 مليون إصابة حول العالم. أعقب ذلك الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير 2022-وتصاعد الحرب الطاحنة والاحتلال الروسي لأجزاء ومناطق واسعة من شرق أوكرانيا وضم أربعة أقاليم وإلحاقها بروسيا الاتحادية-قتلت روسيا في أوكرانيا في عامين ثلث ما قتلته إسرائيل في 4 أشهر!
يحبس العالم أنفاسه من تفاقم خطر الحرب-خاصة بعد تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونائب رئيس مجلس الأمن الوطني والتحذير من اندلاع حرب عالمية ثالثة وحتى استخدام السلاح النووي التكتيكي في الحرب. كانت تلك تصريحات متهورة وخطيرة. لم يلوح أي من قادة الدول النووية التسعة منذ استخدام الولايات المتحدة الأميركية السلاح النووي بأوامر من الرئيس الأميركي ترومان في نهاية الحرب العالمية الثانية في أغسطس 1945 في نهاية الحرب العالمية الثانية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي في اليابان ليختبر فعالية السلاح النووي ويعلن للعالم احتكار السلاح النووي ويسرّع في استسلام اليابان وليكرس الولايات المتحدة زعيمة للنظام العالمي بلا منازع. لذلك كان مستغرباً وصادماً إطلاق تصريحات غير مسؤولة قبل عام ونصف من إمكانية استخدام السلاح النووي ولو النووي التكتيكي!
وعدنا اليوم مع استمرار حرب إبادة الصهاينة على غزة بنهاية شهرها الرابع دون حسم، بل تورط إسرائيل في حرب استنزاف وهي أكثر ما تخشاه على الدوام لعدم تحمل إسرائيل الخسائر البشرية والاجتماعية والاقتصادية الكبيرة، وكلفة وفاتورة الحرب الطويلة-ومع طول أمد الحرب والخشية من توسع المواجهات على أكثر من جبهة ودولة ولاعبين من الخشية من تفجر حرب إقليمية واسعة.
الخشية من تمدد الحرب من غزة-بفتح الجبهة الشمالية مع حزب الله في لبنان وسوريا وتهديد الملاحة والاقتصاد العالمي وسلسلة التوريد عبر البحر الأحمر بدعم الحوثيين المقاومة الفلسطينية في غزة-ومشاركة الفصائل العراقية التي نجحت بقتل ثلاثة جنود وإصابة أكثر من 40 في قاعدة عسكرية أمريكية في شمال شرقي الأردن. ونفذ الرئيس بايدن وعيده بالانتقام ورد بموجة استهداف مباشر مواقع في سوريا والعراق وعلى الحدود لإعادة الردع والانتقام، لكن دون استهداف إيران! وذلك بعد تسييس الجمهوريين في الكونغرس الأزمة واتهام نواب وأعضاء مجلس شيوخ-الرئيس بايدن بالضعف وحتى الجبن ما شجع خصوم أمريكا وحلفاء وأذرع إيران على التجرؤ وتهديد أمن ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وحتى قتل جنود أمريكيين للمرة الأولى منذ عملية «طوفان الأقصى» و»السيوف الحديدية» في أكتوبر الماضي.
ما يُضفي على مخاوف اندلاع حرب إقليمية انطلاقا من تفجير صاعقها بعدوان إسرائيل المتصاعد على غزة وتمدد الحرب من شمال إلى جنوب القطاع ومحاصرة السكان النازحين والنازفين في خان يونس وتكثف القصف على خان يونس لدفع السكان وحشرهم في رفح على الحدود المصرية وإجلاء قسري ما يخالف القانون الدولي-هو الفشل في إجبار إسرائيل على وقف عدوانها وحربها المسعورة على غزة التي تسببت بحوالي 30 ألف شهيد و70 ألف مصاب و2 مليون نازح ومشرد-مع الخشية من تفشي الأمراض المعدية والمجاعة الحقيقية بين السكان وخاصة في شمال قطاع غزة! في عقاب جماعي لجميع السكان!
المأزق المضاعف في مأساة حرب الإبادة على غزة-يكمن بفشل إسرائيل تحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة: القضاء على حماس والإفراج عن الرهائن وتحييد غزة ونزع سلاح المقاومة وإقامة منطقة عازلة والتطهير العرقي بترحيل الفلسطينيين قسراً من غزة بجعل مقومات الحياة معدومة كليا في القطاع! وكل ذلك العدوان الوحشي يخالف القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. وهو ما أشار إليه قرار محكمة العدل الدولية وطالب بوقفها!
لكن تتفاقم الكارثة اليوم بتحريض من إسرائيل-التي قتلت 140 من موظفي-UNRWA وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان- بأن 12 موظفا أمميا من العاملين في وكالة الأونروا شاركوا بهجمات حماس في 7 أكتوبر الماضي!! وبدون أدلة وبراهين ومحاكمة وإدانة أعلنت 18 دولة في الغرب بقيادة الولايات المتحدة تجميد المساعدات التي تقدمها للوكالة التي تشكل شريان حياة للفلسطينيين خاصة في الظروف الكارثية في غزة-وحذرت الوكالة أنها ستضطر لوقف أنشطتها إذا لم يتم تمويلها!
يُخشى أن يتسبب رد بايدن العسكري الذي يتحمل المسؤولية بتمدد الحرب إقليمياً. كما أشرت في مقالات سابقة، وبدلاً من ممارسة الرئيس بايدن وإدارته الضغط لوقف حرب إبادة إسرائيل على غزة وخاصة بعد قرار محكمة العدل الدولية-يستمر بالاصطفاف والانحياز مع دول غربية: أبرزها بريطانيا وألمانيا وفرنسا والنمسا وغيرها في السكوت بل حتى دعم عدوان إسرائيل.
كما يثير القلق تصريحات وتحذيرات المسؤولين الأمريكيين: حذر وزير الخارجية بلنكين أن المنطقة تشهد أخطر تصعيد واحتقان منذ حرب أكتوبر 1973. وتحذير وزير الدفاع أوستن «نشهد لحظة خطيرة في الشرق الأوسط». وتحذير مدير الاستخبارات المركزية وليم بيرنز في مقال في دورية فورين أفيرز الرصينة مؤخراً: «لم أشهد منذ أربعة عقود أوضاعاً قابلة للانفجار في الشرق الأوسط كما هي عليه اليوم»! وهكذا تبقى منطقتنا تراوح بين مخاوف تمدد الحرب والأمل بنزع فتيلها واحتوائها! ولنا عودة.
(الشرق القطرية)