سيطر التصعيد الأمني
الحاصل في الجبهة الشمالية على دولة الاحتلال، لا سيما مع تحول السماء في الليل
إلى اللون الأصفر والسخونة في المستوطنات الشمالية بفعل
الحرائق الملتهبة عقب سقوط
صواريخ
حزب الله، ورغم محاولة المستوطنين إنقاذ ممتلكاتهم التالفة من الحرائق،
وأجزاء الحياة التي ظهرت "متقيحة"، وفق التوصيف الإسرائيلي، فقد جاء
الشعور بهجران المنطقة متصاعدا بشكل خاص، في ضوء ما يواجهونه مرة أخرى من نفس
الإهمال من قبل الحكومة.
ليئات رون الصحفية
الاقتصادية تساءلت غاضبة "أين الناقلات العملاقة الشهيرة التي تتبجح الحكومة
ووزاراتها بامتلاكها، وأين فرق الإطفاء من كل أنحاء الدولة، وقد حان الوقت لحماية
المنطقة بأكملها التي تم إلقاؤها جانبا، حيث اشتعلت النيران بفعل الصواريخ المتساقطة
من السماء والقذائف من الأرض دون عائق يمنع وصولها لأهدافها".
وأضافت في مقال نشره
موقع
واللا، وترجمته "عربي21" أن "الموشافيم والكيبوتسات الصغيرة
في مدن الشمال التي تم إخلاؤها شهدت وقوف مستوطنين بائسين يحملون خراطيم الري،
ولعل ما يؤلمهم ليس أقل من فقدان الممتلكات التي تفحمت، هو الشعور بالخراب،
والخراب مرة أخرى، ممزوج باللامبالاة، والوحدة الشنيعة، دون أن تمدّ الحكومة يد
المساعدة، هذه هي القاعدة أن الشمال يحترق، والدولة صامتة، ويتساءلون: هل تخشى
الحكومة من الإطاحة بحزب الله، ولماذا لا تحمي منطقة كاملة من الأرض التي
أهملتها، كأنها لا تهم أحدا".
اظهار أخبار متعلقة
وكشفت أن "الجيش
الإسرائيلي يمنع فرق الإطفاء من الخروج لإخماد الحرائق التي تندلع بشكل متكرر على
الحدود اللبنانية، هكذا أخبرني أحد كبار رجال الإطفاء، دون أن أعرف السبب، هل لأن
المنطقة باتت خالية من المستوطنين، فمن سيهتم إذن بالحرائق، وكأن الشغل الشاغل
للحكومة والجيش أن ينتصرا في غزة أولا، دون إعادة المختطفين، وبعد ذلك ربما إذا
لم تكن هناك أمور أكثر إلحاحا سيفكرون في الاهتمام بالشمال الذي يبقى دائماً في
أسفل الأولويات الحكومية".
وأكدت أن
"الخيارات التي تتداولها المحافل الإسرائيلية بشأن احتواء نيران حزب الله
التي ظلت مشتعلة طوال الأسبوع الماضي، تشبه سلوك طفل مشاغب يعلم أنه لن يحدث له
شيء، وهذا شعور سيء، رغم أننا إذا ذهبنا للحرب ضده، فسيكون الأمر سيئاً للغاية
لأنه حينها سيفقد عقله، وحينها سيتجاوز الأمر مجرد إيذاء الشمال، رغم أن ذلك يكشف
عن سوء في أداء الدولة التي تميز بين منطقة وأخرى داخل حدودها، بين دم ودم، كما
حصل سابقا في إهمال مستوطنات غلاف غزة طيلة ربع قرن من الزمن".
واعترفت غاضبة أن
"هذا هو بالضبط الوعي الذي دفعني وعائلتي للنزوح من منزلنا لأكثر من سبعة
أشهر، لأن قانون كريات شمونة والجليل ليس قانون منطقة غوش دان وتل أبيب، وهناك
العديد من الشواهد المؤسفة على ذلك، فقد احترقت سلسلة جبال "راميم"
بالكامل، ولم تخرج حتى سيارة إطفاء واحدة هناك، وسقطت ثمانية صواريخ بعد ظهر
اليوم في المنطقة الوسطى، واستقبلت الدولة 1000 صاروخ على الشمال في شهر مايو،
بجانب الطائرات بدون طيار، مما تسبب في أضرار جسيمة، ولا أحد يهتم".
وتكشف هذه العبارات
القاسية الموجهة لحكومة الاحتلال أن حجم الضغط الذي يواجهه مستوطنو الشمال فاق كل
التوقعات، لأن اكتفاء الجبهة الداخلية بإصدار التحذيرات عبر وسائل الإعلام على
شاشات التلفزيون من اقتحام طائرات معادية، أو إطلاق صواريخ، تخفي عن الإسرائيليين
حقيقة واضحة مفادها أن كيانهم الهشّ بات في المرمى، شمالا وجنوبا وشرقا، رغم
امتلاكه المضادات الدفاعية من القبة الحديدية وحيتس وباتريوت، مع أن الشمال منطقة ذات أهمية استراتيجية
هائلة، وبدونها سيجد الاحتلال صعوبة في الاستمرار والبقاء.