صحافة دولية

اللاجئون السوريون في لبنان.. فقر وترحيل قسري وتضييق

تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون في فقر مدقع في لبنان - جيتي
تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون في فقر مدقع في لبنان - جيتي
‌نشر موقع "أوريون 21" الفرنسي تقريرا تحدث فيه عن محاولة بعض السوريين في لبنان الفرار عبر البحر في مواجهة العنف العنصري والتهديد بالترحيل إلى بلدهم الأم حيث لا تزال الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري واقعًا.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه في أعقاب مقتل السياسي المسيحي باسكال سليمان، زادت أعمال الكراهية ضد السوريين.

في البداية، وجهت قيادات حزب القوات اللبنانية أصابع الاتهام إلى حزب الله، العدو السياسي الذي ينتقدون دخوله في الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وتشكيل "جبهة دعم" لحماس.

مع ذلك، احتشد أنصار قوات لبنان بشكل عفوي ضد السوريين كونهم هدفًا أسهل من الحزب المؤيد لإيران، المتفوق عسكريًا.

تسعة من كل عشرة يعيشون في فقر مدقع
تحول السوريون إلى كبش فداء على مر السنين من خلال حملة سياسية وإعلامية تتهمهم تارةً بإنجاب عدد كبير من الأطفال، وتارةً أخرى بسرقة وظائف اللبنانيين وتحميلهم مسؤولية جميع مشاكل البلاد الغارقة في أزمة مالية واجتماعية-سياسية، سببها الرئيسي هو فساد النخبة السياسية والاقتصادية في البلاد.

يُقدّر عدد سكان لبنان بحوالي 4.5 ملايين نسمة، بينما يستضيف أكثر من 818 ألف لاجئ سوري مسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويُقدّر عدد السوريين الإجمالي بـ 1.5 مليون.

وبما أن لبنان يعتبر دولة عبور وليس دولة استضافة، فقد طلبت الحكومة في سنة 2015 من المفوضية عدم تسجيل السوريين كلاجئين، مما يجعل 83 بالمائة منهم في وضع غير قانوني، حسب الأمم المتحدة.

بسبب هذا الوضع غير القانوني يعيش تسعة من كل عشرة سوريين في فقر مدقع، مما يسهل استغلالهم في سوق العمل السوداء، ويعرضهم لخطر دائم من الترحيل إلى بلدهم الأصلي.

ومع أن لبنان لم يوقع على اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين، إلا أنه يتعين عليه احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يحظر ترحيل أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه للاضطهاد.

وبعد مقتل باسكال سليمان، باتت العديد من البلديات تشجع على الإبلاغ عن السوريين غير القانونيين، بينما يعزز رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، ترحيلهم طواعية أو قسراً بواسطة الشرطة بل وأحياناً بواسطة المواطنين أنفسهم.

اظهار أخبار متعلقة


أوروبا تتجنب أي مسؤولية قانونية
تقول مايا جانمير، الباحثة في جامعة بيرغن والجامعة الأمريكية في بيروت إنه بينما كانت مرشحة لإعادة انتخابها على رأس الاتحاد الأوروبي، عرضت أورسولا فون دير لاين على لبنان أموالًا مقابل الاحتفاظ على أراضيها بطالبي اللجوء المهددين بالطرد.

وترى جانمير أن الاتفاقات المتعلقة بالهجرة غير رسمية إلى حد كبير وغير ملزمة ولا تتضمن أي رقابة برلمانية أوروبية، مما يسمح للاتحاد الأوروبي بتجنب المسؤولية القانونية ويزيد من خطر انتهاكات حقوق الإنسان.

ونقل الموقع عن نادين خشن، الباحثة المساعدة في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، أنه إذا كان لا يزال يتعين معرفة ما إذا كانت هذه المنحة ستُرفق بشروط، فإن أوروبا تفتقر في جميع الأحوال إلى قدر الشرعية الكافي للتأثير على احترام حقوق اللاجئين في لبنان، في الوقت الذي تنتهك فيه هذه الحقوق بشكل متزايد على أراضيها.

وحسب نادين خشن يمارس لبنان ضغوطًا دبلوماسية خفية منذ سنوات لقبول حل يتمثل في إعادة السوريين إلى "المناطق الآمنة" في سوريا.

داخل اللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يسعى لبنان منذ فترة طويلة إلى استبدال مفهوم "العودة الطوعية"، الذي يتطلب موافقة حرة ومبصرة، بمفهوم "العودة الآمنة"، الذي يتساهل أكثر بشأن الالتزام برغبات اللاجئين. ومع ذلك، "لا توجد منطقة آمنة في سوريا وفقًا للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية".

إعادة استئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا
استضافت قبرص في 17 آيار/ مايو مؤتمرًا جمع ثماني دول من الاتحاد الأوروبي تؤيد إنشاء مناطق آمنة في سوريا لتمكين إعادة اللاجئين. بالإضافة إلى النمسا والدنمارك واليونان وإيطاليا ومالطا وبولندا، شاركت جمهورية التشيك أيضًا وأعلنت براغ في أعقاب ذلك أنها تجهز بعثة في سوريا للتحقق من جدوى هذه المناطق.

دون انتظار الموافقة الأوروبية، استأنفت المديرية العامة للأمن العام اللبناني تنظيم قوافل العودة التي يُطلق عليها "طوعية" على الرغم من أن المنظمات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية تدينها. وتقدّر المنظمة أن "السلطات اللبنانية تعرض اللاجئين السوريين عمدًا لمخاطر التعرض لأعمال عنف واضطهادات مروعة بمجرد عودتهم إلى بلادهم".

أعلنت المؤسسة اللبنانية عن تدابير جديدة تجعل الحصول على تصريح إقامة للسوريين أكثر تعقيداً. في الوقت نفسه، تزايدت المداهمات في مخيمات اللاجئين ونقاط التفتيش للتحقق من هويات السوريين.

يقول أحمد، وهو سوري يعيش في بيروت منذ 18 عاماً: "أعيش كما لو كنت في سجن مفتوح. لا أستطيع مغادرة الشارع دون أن أخشى التعرض للضرب أو الطرد، ولا أستطيع العمل لأن دراجتي النارية قد صودرت".

اظهار أخبار متعلقة


كل عودة تعني الموت
وفقًا للخبيرة في حقوق الإنسان، فضلت عدم الكشف عن هويتها، يهدد استهداف السوريين غير النظاميين بشكل خاص المطلوبين من قبل نظام بشار الأسد، مثل الناشطين في المعارضة، والسجناء السابقين والمتهربين من الجيش الذين فروا من البلاد بشكل غير قانوني ولا يمكنهم تسوية وضعهم.

وفي ختام التقرير، نوهت نادين خشن بأن أوروبا تُفَوِّضُ عملها إلى لبنان، بينما تتحمل المسؤولية تجاه السوريين الذين شجعتهم على التمرد، والذين يواجهون أسوأ العواقب إذا تم إرجاعهم إلى سوريا، معتبرة أن أوروبا ينبغي أن تستقبلهم على أراضيها وتتقاسم العبء.
التعليقات (0)