المنطقة على صفيح ساخن، الجريمة
والتوحش
الإسرائيلي في تعاظم، وإيران ومن معها ملزمون بالرد على جملة الانتهاكات
الإسرائيلية، من اغتيال هنية في طهران إلى ضرب ميناء الحديدة، واغتيال رئيس هيئة أركان
حزب الله، في سياق معركة ممتدة على مدى عشرة شهور، من الدم والدمار.
واضح أن إسرائيل ومن خلفها أمريكا
ليستا مطلقتي اليدين، ولا هما صاحبتي اليد العليا في الصراع على نحو حاسم، وإلا لما
تسمرتا على مدى أسبوعين في ترقب الرد، ومحاولة الالتفاف عليه، ولكان بمقدورهما أن تهددا بصورة صارمة أنهما لن تبقيا ولن تذرا، إذا ما حاولت
إيران وحلفاؤها أن يضربوا
أهدافا إسرائيلية، في أي مكان وبأي حجم.
أما الدخول في لعبة المقايضات، امتناع
عن الرد مقابل الدفع بصفقة التبادل، أو أن يكون الرد ضمن هذا المستوى أو ذاك، على
هذا الشكل أو غيره، فيعكس أن الطرفين الامريكي والإسرائيلي يدركان تعقيدات المشهد،
ويقيمان حساباتها على نحو تستحضر الكلف وإمكانية الدخول الى مستويات من الصراع
ليست سهلة ولا مضمونة النتائج.
وعلى خلفية من ارتباك الحسابات
وتعقيدها، عند جميع الأطراف، وانفتاح المشهد الصراعي على آفاق مخيفة ومتفجرة، قد
تدفع المنطقة برمتها وما حولها إلى بؤرة صراع كارثي لن يسلم من تداعياته أحد، يبدو
أن ثمة دورا مركزيا ومهما يمكن أن تلعبه
تركيا، لصالح منع الكارثة والذهاب إلى
عقلنة المواقف، وصولا لوقف الحرب على
غزة ونزع فتيل التوتر، على قاعدة
المبادرة
السياسية مع الأطراف المعنية، وتتبني مبادرة شجاعة تؤثر التهدئة، ولكن أيضا معاقبة
المتجاوزين.
المطلوب ليس عملا دبلوماسيا كلاسيكيا، منزوع الدسم والتأثير، بل عملا دبلوماسيا يستحضر الضغط والتأثير في سياق الصراع، ويضع النقاط على الحروف في سبيل تجنيب الإقليم الاندفاع الكارثة
تركيا معنية بالانفتاح على إيران، والتواصل
مع روسيا والصين، وقبل ذلك استجماع موقف اسلامي ضاغط عماده باكستان وإندونيسيا
وماليزيا وتركيا، يضغط من أجل وقف العربدة الإسرائيلية ويمنع توسع الصراع، ويضغط
من أجل توازن الموقف الأمريكي والكف عن الانحياز للجريمة الإسرائيلية، وأن المطلوب
وقف الجريمة في غزة ونزع فتيل التصعيد.
المطلوب ليس عملا دبلوماسيا كلاسيكيا،
منزوع الدسم والتأثير، بل عملا دبلوماسيا يستحضر الضغط والتأثير في سياق الصراع، ويضع
النقاط على الحروف في سبيل تجنيب الإقليم الاندفاع الكارثي.
تركيا تستطيع، والظروف مهيأة لتحرك
عاقل وقوي، والمصلحة توجب هذا الدور. فترك الوضع لجنون نتنياهو واليمين الإسرائيلي
المتطرف سيدفع ثمنه الجميع، بما في ذلك الإدارة الأمريكية وإسرائيل.
تركيا مؤهلة لإطلاق المبادرة، وفرض
وقائع تملي على الجميع الخروج من دائرة الجنون والجريمة.. فهل يفعلها أردوغان؟
(صحيفة السبيل الأردنية)