ذكرت
صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أن صندوق الثروة السعودي يعتزم توجيه أمواله بطريقة جديدة تتناسب مع الاحتياجات المحلية، وذلك بعد إنفاق أموال طائلة في الخارج، خلال الأعوام الماضية.
وقالت الصحيفة إنه على مدى العقد الماضي، كانت المملكة "بمثابة عامل جذب رئيسي لصانعي الصفقات والمصرفيين ومديري الأصول الباحثين عن رأس المال"، وذلك مع إنفاق صندوق الثروة السيادية مليارات الدولارات في الخارج.
وبينت الصحيفة أنه مع إعادة المملكة تقييم أولوياتها، وتحويل الصندوق الذي تبلغ قيمته 925 مليار دولار تركيزه إلى تلبية التزامات محلية ضخمة، مشيرة إلى أن "عصر
السعودية الذي يُنظر إليه على أنه مصدر سهل للمال يقترب من نهايته".
وقال أحد كبار المصرفيين الاستثماريين في دبي: "إنه عصر ينتهي. الناس يدركون ذلك".
اظهار أخبار متعلقة
وتشعر
الشركات والمصارف التي سعت إلى جمع رأس المال من المملكة بالفعل بتأثيرات هذا التحول، وتقول تلك الجهات وفقا للصحيفة, إن المسؤولين السعوديين وضعوا العديد من الشروط الإضافية على التفويضات، وغالبا ما يطالبون بتوظيف موظفين محليين، واستخدام بعض التمويل على الأقل للاستثمار في شركات ومشروعات محلية.
وقال
صندوق الاستثمارات العامة في بيان للصحيفة، إن لديه "عملية استثمار قوية"، ما يسمح له "باختيار الشركاء والمستشارين الأكثر ملاءمة لكل تفويض نسعى إليه".
وأضاف: "تمر الاستثمارات التي يقوم بها صندوق الاستثمارات العامة بلجان متعددة، وتركز على قطاعاتها الرئيسية، وفقا لتفويض الصندوق واستراتيجيته".
كما يؤكد مصرفيون أن الشركات لم تعد تطرق باب الرياض بحثا عن
النقد بالوتيرة التي كانت عليها في السابق.
وقال المصرفي المقيم في دبي: "انخفض اهتمام العملاء بشكل ملموس، ويرجع ذلك جزئيا إلى أننا نقوم بإجراء فحص أكثر دقة، وجزئيا بسبب عدم تحقيق قدر هائل من النجاح من هذه الجهود والعروض الترويجية".
وأوضحت الصحيفة, أنه مع انخفاض عائدات النفط، خلال الأعوام القليلة الماضية، انخفضت إيرادات الحكومة وحدث عجز مع مواجهة الرياض التزامات مالية ضخمة لتمويل خطط التنمية.
ويشير المصرفيون إلى أن الصفقات فشلت أيضا خلال تلك الفترة.
وقال مصرفي في لندن: "على مدى السنوات الثماني الماضية، خرجت السعودية إلى بقية العالم بيد مفتوحة من المال. الآن بدأت تتقلص هذه الأموال وتسحب إلى داخل البلاد.. هذا جزء من استراتيجية النضج. لم يكن بإمكانهم الاستمرار على هذا النحو إلى الأبد".
ويمثل هذا تناقضا واضحا مع السنوات الأولى، بعد تحول الصندوق من شركة قابضة تابعة للدولة، تبلغ أصولها حوالي 150 مليار دولار، إلى أحد أكثر صناديق الثروة السيادية نشاطا وطموحا في العالم باستثمارات بلغت نحو تريليون دولار, بحسب الصحيفة.
ويؤكد مسؤولون سعوديون أن طموحات المملكة لم تتغير، ولايزال هناك نشاط كبير يجري مع استمرار العمل في سلسلة من المشروعات الضخمة.
لكن وزير المالية، محمد الجدعان، قال في نيسان/ أبريل الماضي أن الرياض "ستتكيف" حسب الحاجة... سنمدد بعض المشاريع، وسنخفض حجم بعض المشاريع، وسنسرع بعض المشاريع".
وقال مسؤول تنفيذي في شركة لإدارة الأصول، مقرها الولايات المتحدة، إن ولي العهد، محمد بن سلمان، يركز على البنية التحتية، والسعودية "تتحول بشكل هادف إلى مشاريع النمو المحلية. لديهم طموح جريء لما يريدون أن يصبحوا عليه".
وقال مصرفي آخر، مقيم في لندن، إنه "مع عدم شعورهم بالراحة إزاء التمويل، بات يتعين عليهم اتخاذ بعض الخيارات الصعبة"، بحسب الصحيفة.
وقال مصرفي آخر: "السعوديون سئموا معاملتهم فقط كبقرة حلوب".
اظهار أخبار متعلقة
وقال مصدر مطلع للصحيفة على الصندوق، إنه يركز بشكل أكبر على الاستثمارات الاستراتيجية، على النقيض من السنوات الأولى عندما كان "يتطلع إلى نشر الأموال بسرعة في مناطق معينة".
وذكر مسؤول تنفيذي سعودي: "هناك توقف عن الإنفاق، ومن المؤكد أن الاستثمارات العالمية لن تكون موجودة بشكل كبير على مدى العامين أو الثلاثة المقبلة".
كما أوضح أنه ستكون هناك استثناءات، خاصة في المجالات التي يمكن أن تكون لها قيمة مضافة للمملكة، مثل التصنيع والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
وكان تقرير لمجلة "بيزنس إنسايدر" قد ذكر قبل أيام أنه مع "بسط صندوق الاستثمارات العامة لجناحيه، أصبح من غير الواضح بشكل متزايد مدى نجاحه خارج منطقة الخليج.
وأوضح أنه "كان على الصندوق أن يتعلم الواقع الصعب المتمثل في التوسع الكبير، إذ عانى عدد من استثماراته البارزة في الخارج من صعوبات مالية".