نشر موقع "
فلسطين كرونيكل" تقريرًا سلط من
خلاله الضوء على دعوة
الفيفا لطرد
إسرائيل بسبب
انتهاكات لحقوق الفلسطينيين
الرياضية، بعد أن قدم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم تقريرًا للفيفا يطالب بمساءلة
إسرائيل عن تمييزها وتدخلها السياسي في
الرياضة الفلسطينية، منذ عام 2023 وينتقد
ازدواجية معايير الفيفا في التعامل مع الصراعات الجيوسياسية، ويشكك في نزاهتها
عندما يتعلق الأمر بانتهاكات إسرائيل.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته
"
عربي21"، إن رفض رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو
للدعوات المطالبة بالتصويت الفوري على
طرد إسرائيل من الاتحاد الدولي لكرة القدم
كان بمثابة مقدمة لعدم خروج اجتماع مجلس الفيفا بأي قرار إيجابي. فقد أجّل الفيفا
الاجتماع إلى ما بعد دورة الألعاب الأولمبية في باريس، ثم أعيد تأجيله بعد تحديد
موعد نهائي في 31 آب/أغسطس لتقديم وثائق إضافية إلى الفيفا.
جاء ذلك بعد أن قدّم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم
مسودة إلى كونغرس الفيفا في بانكوك في 17 أيار/مايو دعا فيها إلى تحميل إسرائيل
المسؤولية عن انتهاكاتها بحق الرياضة الفلسطينية. وفي مطلع تموز/يوليو، أدلى جبريل
الرجوب، رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بالبيان التالي على الموقع الإلكتروني
للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم:
"تم
تقديم مشروع قرار إلى كونغرس الفيفا باسم الرياضة الفلسطينية لمحاسبة إسرائيل على
انتهاكاتها للرياضة الفلسطينية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. لقد دأبنا على مدار
15 سنة على إثارة المخاوف ذاتها لدى الفيفا، لكننا للأسف نرى في كل مرة تأجيل طرح
هذه المخاوف مراراً وتكراراً من كونغرس إلى آخر، وإحالتها من لجنة إلى أخرى.
والآن، وفي الوقت الذي تواجه كرة القدم الفلسطينية التهديد الوجودي ذاته الذي
يواجهه شعبنا الفلسطيني، يتحتم على الفيفا أن تختار بين موقف المتفرج السلبي أو أن
تتمسك بقيمها الأساسية وبالتزامات حقوق الإنسان، وأن تأخذ موقفاً حازماً وأن تقف
على الجانب الصحيح من التاريخ".
وحسب رئيسة الفريق القانوني للاتحاد الفلسطيني لكرة
القدم كاتارينا بييتلوفيتش، فإما أن يختار الفيفا اتباع نظامه الأساسي والتزاماته
المتعلقة بسياسة حقوق الإنسان أو التضحية بأحكامه وأهدافه القانونية لمواصلة حماية
إسرائيل.
اظهار أخبار متعلقة
وفي تقرير قدمته منظمة فير سكوير الحقوقية إلى
الفيفا، قالت المنظمة الحقوقية إن لديها أسبابًا متعددة لتعليق أو طرد الاتحاد
الإسرائيلي لكرة القدم، مسلطةً الضوء على أمور من بينها إقامة المباريات في
الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتمييز العنصري الخطير والمنهجي، والتدخل السياسي،
وقتل إسرائيل للاعبين الفلسطينيين، والتدمير الممنهج لمنشآت الاتحاد الفلسطيني
لكرة القدم، ومعظم تلك الأحداث تسبق هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأكد الموقع أن الحقيقة هي أن الفيفا ينتهك قوانينه
الخاصة. فالمادة 4.1 من النظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم تنص على أن
التمييز من أي نوع ضد أي بلد أو شخص أو مجموعة من الأشخاص محظور تمامًا ويعاقب
عليه بالإيقاف أو الطرد.
ووفقًا للمادتين 72.1 و2 من النظام الأساسي:
لا يجوز للاعبين والفرق المنتسبة إلى الاتحادات
الأعضاء أو الأعضاء المؤقتين في الاتحادات القارية خوض مباريات أو إجراء اتصالات
رياضية مع لاعبين أو فرق غير منتسبة إلى الاتحادات الأعضاء أو الأعضاء المؤقتين في
الاتحادات القارية دون موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم.
لا يجوز للاتحادات الأعضاء والأندية التابعة لها
اللعب على أراضي اتحاد عضو آخر دون موافقة الأخير.
يرى الفيفا أن قراره بطرد إسرائيل يمثل مواجهة
وتحديًا للولايات المتحدة واللوبي الإسرائيلي. ومن الواضح أنه غير مستعد لمثل هذه
المواجهة. ولا شك أن الفيفا يخوض مغامرة قد تجلب له المتاعب، بل قد تزلزل الأرض من
تحت قدميه إذا ما اتخذ هذا القرار المبدئي. وبدلاً من اتباع مبادئه، يفضّل الفيفا
التماهي مع الواقع الغربي حيث النفاق وازدواجية المعايير سمة مميزة.
وأشار الموقع إلى أن الفيفا وإسرائيل يتهمان الاتحاد
الفلسطيني لكرة القدم باستخدام الرياضة لأغراض سياسية. أولاً، الرياضة والسياسة لا
ينفصلان، فلطالما كان هناك ارتباط وثيق بين الرياضة والأحداث السياسية والاجتماعية
التي تدور حولها، كما تلعب الرياضة دورًا مهمًا في الخطاب العام المحيط بالسياسة
أيضًا. ثانيًا، هذا ادعاء ينبني على النفاق فقط، فكلاهما يستخدمه عندما يخدم
مصالحه، وينتقد الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم عندما يستخدمه بطريقة تضر بمصالحه.
والواقع أن إصرار الفيفا على عدم طرد إسرائيل هو إصرار سياسي في حد ذاته.
لقد كان الصهاينة أول من سخّروا كل الجهود لاستخدام
الرياضة لأغراض سياسية وقومية في المقام الأول. ولإخفاء طبيعتها الحقيقية، تظاهرت
منظمة بيتار شبه العسكرية (التي يهتف مشجعوها اليوم بموت العرب خلال مباريات كرة
القدم) بأنها منظمة رياضية خلال عشرينيات القرن الماضي. وخلال الثورة العربية سنة
1936، حافظت الفرق الرياضية اليهودية على علاقة وثيقة مع البريطانيين من أجل سحق
الثورة. وقد حافظت أيضًا عدة منظمات رياضية يهودية على علاقات قوية مع المنظمات
الإرهابية الصهيونية شبه العسكرية، مثل الهاغانا، والأرغون، وليحي، وشتيرن وغيرها.
وأضاف الموقع أن إسرائيل دمّرت البنية التحتية
الرياضية في قطاع غزة، وقتلت أكثر من 300 رياضي ناهيك عن تدمير التراث الثقافي
للقطاع بأكمله، ويبدو هذا سببًا كافيًا لفرض العقوبات. ومن المثير للاستغراب، أن
الفيفا اتّخذ إجراءات صارمة ضد روسيا خلال فترة قصيرة دون تردد، بينما يؤخر طلب
الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ويتذرع بتفسيرات لهذا التأخير.
اظهار أخبار متعلقة
إن أعذار الفيفا غير المقنعة مثيرة للاشمئزاز وتقوض
المبادئ المنصوص عليها في النظام الأساسي للفيفا وتعكس النفاق في سياسته. لقد دعت
وسائل الإعلام الغربية إلى مقاطعة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي سنة
2014، مدعيةً أن روسيا كانت تضطهد المثليين في ذلك الوقت. وتم استبعاد روسيا
وبيلاروسيا أيضًا من المشاركة في أولمبياد باريس بحجة الحرب في أوكرانيا. ولم
يُستثن من ذلك سوى عدد محدود من الرياضيين الأفراد من كلا البلدين، شريطة أن
يثبتوا حيادهم تجاه الحرب في أوكرانيا.
وقد تم الضغط على المسؤولين الأولمبيين لمنع
الرياضيين الروس والبيلاروسيين من المشاركة في أولمبياد باريس 2024 بعد اتهامهم
بانتهاك قواعد المنافسين "المحايدين". وفي نفس الوقت، أرسلت إسرائيل
وفدًا مكونًا من حوالي 85 رياضيًا إلى الألعاب الأولمبية في باريس. ووفقًا
للتقارير، ضم الوفد حامل العلم الإسرائيلي الذي وقّع على القنابل التي استُخدمت في
الهجوم العسكري على قطاع غزة.
ووفقًا لتقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس، قال رئيس
اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ في 6 آذار/مارس إنه سيتم السماح للفرق
والرياضيين الإسرائيليين بالمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في باريس.
وأفاد الموقع بأن هذا هو منطق ازدواجية المعايير
الذي يطبقه الغرب في تعامله مع مختلف القضايا في جميع أنحاء العالم، وقد كانت
الأشهر القليلة الماضية شاهدة على ذلك، خاصة عندما يتعلق الأمر بالإبادة الجماعية
في غزة. فالعلم الأوكراني يجوز رفعه في الملاعب، ولكن لا يجوز رفع العلم
الفلسطيني؛ والروس يمكن أن يخضعوا للعقوبات، ولكن لا يمكن معاقبة إسرائيل.
لقد أصبح هناك شعور متزايد بالغضب في جميع أنحاء
الشرق الأوسط والعالم، ليس فقط بسبب الإبادة الجماعية في فلسطين، وإنما أيضًا بسبب
نفاق الغرب الصارخ وازدواجية معاييره، ناهيك عن تواطؤ معظم الأنظمة العربية. ورغم
تفاخر الغرب بأنه منارة للديمقراطية وحقوق الإنسان، إلا أنه لم يتمكن من إثبات هذا
الادعاء عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. وينطبق هذا أيضًا على الفيفا، مما أدى إلى
انتشار الشكوك حول مصداقية السياسة الغربية. فالغرب يضع رأسه في الرمال عندما
يتعلق الأمر بإسرائيل بينما يتجاهل القانون الدولي. والأكثر إحباطًا أن الغرب يردد
باستمرار أنه "لا أحد فوق القانون"، لكن في الواقع لا أحد فوق القانون
سوى إسرائيل.
وأوضح الموقع أن اللجنة الأولمبية الدولية تجاهلت
طلب اللجنة الأولمبية الفلسطينية لإعادة بناء المنشآت الرياضية التي دمرها القصف
الإسرائيلي على قطاع غزة، مكتفية بالتعبير عن تعاطفها مع ضحايا الصراع
الأبرياء. وينبئ هذا بأن الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية لا يضعان في
اعتبارهما احتلال فلسطين أو الإبادة الجماعية الجارية، بل يرونها مجرد حرب بين
طرفين متكافئين. لكن التاريخ لن يرحم أولئك الذين يدعمون إسرائيل ويتجاهلون
وحشيتها، ولذلك يجب عليهم التوقف عن الادعاء بأنهم دعاة للديمقراطية وحقوق الإنسان
والمساواة وغيرها من القيم المرتبطة بالإنسانية.