نشرت صحيفة "
الغارديان" البريطانية، تقريرا، للصحفية، ميراندا براينت، قالت فيه إن "الإغلاق المفاجئ لثلاثة وثلاثين نهرا، بما في ذلك نهر غولا، بعد ثلاثة أسابيع فقط من موسم صيد
سمك السلمون في حزيران/ يونيو كان صدمة للكثيرين".
وأبرز التقرير نفسه، الذي ترجمته "عربي21"، أن "تاريخ سمك السلمون في
النرويج يعود إلى آلاف السنين، لكن رياضة
صيد الأسماك بالصنارة كما تُعرف اليوم، أدخلها الإنكليز في عشرينيات القرن التاسع عشر".
وقالت آن بريت بوغن إنها "ليست مندهشة"، فيما استفسرت من داخل مطبخها المضاء بالشموع، حيث يتدفق نهر غولا خارج النافذة، وتغطّي السحب المنخفضة التلال: "ما هي النرويج بدون المضايق والجبال؟".
وترى بوغن، التي تدير نادي أصدقاء غولا للصيد بالصنارة ولديها نزل صيد في مزرعة عائلتها، أنه "سيتم إغلاق النهر الآن حتى 31 آب/ أغسطس عندما ينتهي الموسم. بدون سمك السلمون، فإن غولدالين مجرد وادٍ فارغ".
وأوضح التقرير، أنه "منذ قرون، كان النهر، الذي يمتد لمسافة 153 كيلومترا من الجبال بالقرب من الحدود السويدية إلى مضيق تروندهايم، يجذب سمك السلمون، والصيادين، عاما بعد عام".
"لكن هذا الربيع، لم يعد سمك السلمون، وخاصة الأسماك المتوسطة والكبيرة الحجم، من المحيط، ما دقّ ناقوس الخطر بشأن انهيار أعداد سمك السلمون لدرجة أن النهر، إلى جانب عشرات الأنهار الأخرى في وسط وجنوب النرويج، أغلق فجأة لأول مرة" بحسب ا
لتقرير.
وتابع: "ألغى الزوار خططهم وابتعدوا، وتركوا المنطقة، التي تدور الحياة فيها حول صيد سمك السلمون، وشعروا وكأنه: "يوم القيامة"".
إلى ذلك، حذّر العلماء من انخفاض عدد سمك السلمون في شمال الأطلسي، بسرعة لسنوات، حيث انكمش في النرويج من أكثر من مليون في أوائل الثمانينيات إلى حوالي 500000، وهو انخفاض مرتبط إلى حد كبير بأزمة المناخ. الآن، تُظهر أحدث الأرقام أن "مخزونات سمك السلمون الأطلسي في أدنى مستوياتها التاريخية".
ويقول الخبراء، إن "هذا النوع معرّض لتهديد وشيك من تربية سمك السلمون، ممّا أدى إلى هروب (بما في ذلك الأسماك المريضة)، وارتفاع كبير في قمل البحر، وقد يؤدي إلى استبدال سمك السلمون البري بالكامل بنوع هجين".
ويؤكد توربيورن فورسيث، وهو الباحث في سمك السلمون في المعهد النرويجي لأبحاث الطبيعة (Nina) ورئيس اللجنة الاستشارية العلمية النرويجية لإدارة سمك السلمون الأطلسي، أن "سمك السلمون النرويجي البري قد ينقرض".
اظهار أخبار متعلقة
ويقول: "نحن نستبدل سمك السلمون البري، بسمك السلمون الهارب من المزارع. وهذا يشكّل تهديدا كبيرا على المدى الطويل لأنك ستفقد كل هذه التكيفات المحلية"، مضيفا: "كل من أنهار السلمون البالغ عددها 450 نهرا في النرويج لديها سمك السلمون الخاص بها، الذي تكيف مع الظروف المحددة للبيئة المحلية".
وأردف: "إذا تم استبدال ذلك بهجين بين سمك السلمون البري وسمك السلمون المستزرع، فأنت تخسر شيئا مهما للغاية"، مشيرا إلى أن العوامل الأوسع المرتبطة بأزمة المناخ ليست شيئا يمكن للنرويج أن تفعل شيئا بشأنه بسرعة، فإن التأثير البشري لتربية الأسماك هو شيء يمكن التصرف فيه بسرعة.
ويدعو إلى نهج مختلف تماما لإدارة مزارع الأسماك، وفصل مجموعات الأسماك المستزرعة والبرية. فيما يعتقد أن "تربية الأسماك بالشباك المفتوحة في البحر، قد وصلت إلى حدها البيولوجي".
ويسترسل: "إن انهيار سمك السلمون هذا العام، من جنوب شرق النرويج بالقرب من الحدود مع السويد إلى شمال تروندهايم مباشرة؛ لا يشبه أي شيء رآه على الإطلاق خلال 25 عاما من دراسة سمك السلمون الأطلسي"، مبرزا: "أنا قلق بشأن المستقبل".
بدورها، قالت بوغن: "لقد حدث شيء ما في عام 2023، لكن الانحدار كان واضحا لسنوات وسنوات، وتُظهر جميع الأبحاث نفس الاتجاهات. إنه انحدار كبير ويحدث بسرعة كبيرة".
إنها، كما تعتقد، قضية سياسية تتطلب تغييرات في القواعد الخاصة بتربية الأسماك وتغيير موقف الصيادين، الذين ليس لديهم في النرويج نفس تقليد الصيد والإطلاق كما هو الحال في اسكتلندا وأيرلندا، مؤكدة: "أنها عقلية مختلفة تماما ويستغرق الأمر سنوات وسنوات لتغيير ذلك. ولكن إذا لم تبدأ فلن يحدث ذلك أبدا".
من جهته، يقول هنريك فيدسوانغ هورجين، وهو المتحدث باسم الاتحاد النرويجي للمأكولات البحرية، الذي يمثل حوالي 700 شركة بما في ذلك مزارع الأسماك، إن "القضايا التي تؤثر على سمك السلمون البري معقدة وأن وحدات المزارع المغلقة أكثر استخداما للطاقة".
وأضاف: "لقد أشرنا دائما إلى أننا سنأخذ جزء الصناعة من التأثير على محمل الجد ونواصل العمل المستهدف. تربية الأسماك في وحدات مغلقة أكثر استخداما للطاقة من تربية الأسماك في الشباك المفتوحة. إن التحول سوف يستلزم زيادة كبيرة في إنتاج الطاقة، الأمر الذي سوف يخلف تأثيرا بيئيا كبيرا".
ولكن فيغارد هيغيم، لاعب ليفربول السابق الذي تحوّل إلى ناشط في مجال تربية سمك السلمون لصالح منظمة "نورسك لاكسييلفر" (أنهار السلمون النرويجية)، يقول إن "تربية سمك السلمون تحتاج إلى التّحول إلى الاحتواء المغلق، ويريد أن يرى موعدا نهائيا تفرضه الحكومة للقيام بذلك كما فعلت كندا في كولومبيا البريطانية".
ويقول إن "المستهلكين يحتاجون أيضا إلى أن يكونوا أكثر اطلاعا على كيفية تربية سمك السلمون. بالنسبة للنرويج، فإن سمك السلمون يشبه رمزا للبلاد.. إنه أمر غير مقبول كأمة أن نسمح بتحويله إلى قطعة متحف؛ إنه موجود ولكن لا يمكنك الاستمتاع به، ولا يمكنك لمسه، ولا يمكنك صيده".
ويقول وزير الدولة النرويجي، إيفن ترونستاد ساغيباكن، إن "التأثير البيئي الناجم عن تربية الأحياء المائية منظّم بشكل كامل"، مضيفا: "إن نظام الترخيص والتشغيل الذي لدينا اليوم لا يحل التحديات التي نواجهها بشكل كامل".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح: "تعمل الحكومة الآن على ورقة بيضاء جديدة حول تربية الأحياء المائية، والتي نهدف إلى تقديمها في الربيع المقبل. ستسعى إلى إيجاد حلول تجعل العمليات الصديقة للبيئة أكثر ربحية وهدفا رئيسيا للجميع".
قد يبدو الأمر غير بديهي، ولكن في نزل صيد على نهر Stjørdal، والذي أعيد افتتاحه في تموز/ يوليو بعد إغلاقه قبل شهر، يقول أكسل وبيات هيمبري إن "استمرار الصيد في الأنهار أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الاهتمام بصحة سمك السلمون البري النرويجي".
يعتقد أكسل، الذي تملك عائلته المزرعة منذ 500 عام، أن الصيد والإطلاق هو جزء حيوي من الحل. "إنها الأداة الرئيسية التي يمكننا استخدامها لإبقاء أنهارنا مفتوحة. إذا أغلقت النهر، فإن اهتمام أصحاب الأراضي والصيد سيختفي، ولن يهتم أحد بالسلمون بعد الآن".