نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرا، تحدّثت فيه عن دور عملة "
تيثر" في سوق العملات المشفّرة، وكيفية استخدام هذه العملة الرقمية التي توصف بكونها "مُستقرّة" وهي المرتبطة بالدولار الأمريكي، لتجاوز العقوبات الدولية، ما يثير المخاوف التنظيمية حول الآثار الأوسع لهذه الممارسات على التمويل العالمي.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن "عملة تيثر المشفّرة قد ازدهرت لتصبح جزءًا هامًا من النظام المالي العالمي، حيث يتم تبادل ما يصل إلى 190 مليار دولار يوميًا عبر شبكتها".
وأوضحت أن "هذه الشبكة تُدار في جزر العذراء البريطانية من قبل مجموعة سرية من الملاك، وتُعرف بأنها عملة مستقرة نظرًا لربطها بالدولار الأمريكي، كما انتشرت على نطاق واسع في العالم المالي السري مما خلق مساحة لاقتصادٍ مواز يعمل خارج نطاق تطبيق القانون الأمريكي".
وذكرت الصحيفة أن "تيثر تُستخدم كبديل للدولار الأمريكي في الدول التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات مالية، مثل إيران وفنزويلا وروسيا، حيث يتم استخدامها لنقل الأموال عبر الحدود. ويستخدم الأوليغارشية الروس وتجار الأسلحة تيثر لشراء العقارات والدّفع للموردين مقابل السلع الخاضعة للعقوبات، بينما تتلقى شركة النفط الحكومية الفنزويلية المدفوعات بتيثر مقابل الشحنات. كما تستخدمها عصابات المخدرات ودوائر الاحتيال والجماعات الإرهابية لغسيل الأموال".
وأضافت
الصحيفة، أن "تيثر تُعتبر أيضًا شريان حياة للناس الذين يستخدمونها للدفع اليومي كوسيلة لحماية مدخراتهم في اقتصادات غير وظيفية مثل الأرجنتين وتركيا. وقد جعلت تيثر مالكيها أثرياء للغاية بتحقيق أرباح بلغت 6.2 مليار دولار في السنة الماضية، متفوقةً على بلاك روك بمقدار 700 مليون دولار".
وأفادت الصحيفة بأن "الرئيس التنفيذي لـ "تيثر"، وهو باولو أردوينو، قد تفاخر بأن الشركة حققت أرباحًا أكبر لكل موظف من أي شركة أخرى على الإطلاق". فيما ادّعى أن "الشركة تهدف لبناء نظام مالي عالمي أكثر عدلاً".
ومن جهته، قال والي أدييمو، وهو نائب وزير الخزانة الأمريكي، في شهادته أمام الكونغرس في نيسان/ أبريل إن "الولايات المتحدة بحاجة إلى إطار تنظيمي لا يسمح لمقدمي العملات المستقرة المدعومة بالدولار في الخارج باللعب وفقًا لمجموعة مختلفة من القواعد".
كيف تعمل تيثر؟
بيّنت الصحيفة أن "تيثر تعمل عن طريق إصدار العملات الافتراضية لعملاء مختارين، معظمهم من شركات التداول التي تقوم بتحويل الدولارات الحقيقية مقابل ذلك. ثم تستخدم هذه الدولارات لشراء الأصول، معظمها سندات خزانة أمريكية، لدعم قيمة العملة".
وأضافت الصحيفة أن "تيثر" قد جمدت 2713 محفظة على اثنين من أكثر شبكات البلوكتشين شعبية بين سنة 2018 وحتى حزيران/ يونيو الماضي، لكن تمكنت من تجميد 1.4 مليار دولار فقط من إجمالي 153 مليار دولار لأنه تم إرسال باقي الأموال بالفعل.
أسس "تيثر" مجموعة من المستثمرين، بما في ذلك جراح تجميل سابق يُدعى جانكارلو ديفاسيني. وقد دخلت "تيثر" التيّار الرئيسي للعملات المشفرة بين سنة 2020 و2021، حيث استخدمها المتداولون للشراء والبيع من رهانات عالية المخاطر، ممّا أدّى إلى ارتفاع قيمتها السوقية من 4 مليارات دولار إلى ما يقارب 80 مليار دولار.
الدولار للجميع
وجدت "تيثر" قاعدة مستخدمين جاهزة في فنزويلا، حيث سمحت الحكومة باستخدام العملات المشفرة لحماية معاملاتها بعد فرض عقوبات أمريكية على شركة النفط الحكومية في سنة 2020. كما أنّ شركة النفط الحكومية الفنزويلية بدأت تطالب بالدفع لشحنات النفط بـ "تيثر".
وأشارت الصحيفة، إلى أن اعتماد الشركة على "تيثر" كان واسع النطاق وكان له تأثير آخر. فبدلاً من إرسال عائدات النفط إلى الحكومة، قام الوسطاء الذين استخدمتهم شركة النفط الفنزويلية في المبيعات بتحويل الأموال لصالحهم، مما أدى إلى فضيحة أطاحت بوزير النفط. وبالنسبة للفنزويليين العاديين، أصبحت "تيثر" طوق نجاة بسبب التضخم الذي وصل إلى 2 مليون بالمائة والقضاء على مدخراتهم المحتفظ بها بالبوليفار.
ما يكفي من المال لملء طائرة
حسب تقرير سابق لصحيفة "وول ستريت جورنال"، تعد "تيثر" قناة دفع حيوية في
روسيا. وقد ذكر تقرير سرّي من مركز أبحاث حكومي روسي أن "تيثر" وسيلة شائعة لتحويل الروبلات إلى عملات أجنبية، حيث يقوم بنك "روس بنك" بتنظيم تحويلات "تيثر" لعملائه.
كذلك، كانت إيكاترينا زدانوفا، تنظم صفقات ضخمة لتحويل الروبلات إلى "تيثر"، حيث نقلت محفظتها الرقمية أكثر من 350 مليون دولار.
اظهار أخبار متعلقة
وبيّنت الصحيفة، أن "زدانوفا طلبت من مجموعة من المتداولين الروس شراء 10 ملايين دولار من "تيثر" شهريًا، مقابل نقد سيتم تسليمه في
الإمارات أو
تركيا، وأوضحت أنها ستنسق جمع النقود باستخدام الطائرات. كما أن وزارة الخزانة الأمريكية فرضت عقوبات على زدانوفا، التي اعتُقلت في فرنسا بتهمة غسل الأموال".
وأضافت الصحيفة نفسها، أن "تيثر" تستثمر في
الشركات الناشئة، حيث استثمرت 25 مليون دولار في جورجيا، وأطلقت منصة الدفع بالعملات المشفرة "سيتي باي.أي أو" أنظمة دفع باستخدام "تيثر". وتسهل هذه المنصة المدفوعات الدولية بمعدل 50 مليون دولار شهريًا، مع التأكيد على التحقق من هويات العملاء ضد قوائم العقوبات.
وأضافت الصحيفة، أن "زدانوفا، التي تدير خدمات للأثرياء الروس، شهدت زيادة في الطلب على خدماتها بعد غزو أوكرانيا والعقوبات اللاحقة".