بعد مرور ما يزيد على العام عقب الفشل الإسرائيلي الأكبر الذي حصل بفعل هجوم السابع من أكتوبر، تطالب
أصوات إسرائيلية بأن يشمل التحقيق في أوجه الإخفاق العديدة الفشل الذريع للسياج
الحدودي الذي أقامه
الاحتلال مع
غزة، وكلفه مليارات الدولارات.
ولم يصمد السياج في وجه آلاف المسلحين الفلسطينيين الذين اخترقوه إلى المستوطنات المحيطة
بغزة.
شالوم يروشاليمي،
الكاتب في صحيفة
ميكور ريشون، استعاد في هذه الذكرى السنوية الأولى لهجوم أكتوبر،
"المعارك التي خاضها المستوطنون القلائل مع مقاتلي حماس الذين اقتحموا
المستوطنات، وكما هو الحال دائما في هذه الأوصاف والشهادات، وقد شاهدنا العشرات،
بل المئات منها، يغادر المستمعون الإسرائيليون بعلامات استفهام أكثر من
علامات التعجب، ولا أحد يفهم ما حدث في المستوطنات المحيطة بغزة، لماذا، وكم، ومثل
كل الإسرائيليين الآخرين ليس لدينا إجابات عما حدث في ذلك اليوم، لاسيما في ضوء
الفوضى التي عمت في جميع مستوطنات غلاف غزة، ما أدى إلى مقتل واختطاف المئات،
وإحراق المنازل والممتلكات".
وأضاف في مقال ترجمته
"عربي21" أنه "اليوم، وبعد مرور ما يزيد على العام على ذلك
اليوم، فلا يوجد تقريباً أي أثر للأحداث، باستثناء بعض الكتابات على الجدران
التي تخلّد تلك الذكرى، مع بقاء السؤال الأصعب الذي يتعلق بنظام الدفاع عن مستوطنة
نيريم، التي تكبّدت في حرب 2014 خسائر فادحة، لكنهم وثقوا بإجراءات الجيش اللاحقة،
واعتقدوا أنهم محميون أيضًا من الخارج، حتى جاء هجوم أكتوبر 2023، ليكشف فشل الجيش
الذريع في حمايتها، رغم أنه بنى نظامًا أمنياً بمليارات الشواقل، وشرحوا
للمستوطنين لماذا لا يمكن انتهاكه، لكن يوم السابع من أكتوبر جاء ليكشف أن الجيش
نفسه صدّق كذبته".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن "جملة
"الجيش صدّق كذبته"، بحاجة الى مزيد من التفسير، إذ كيف يمكن لدولة أن
تستثمر المليارات في بناء سياج لا يصمد في وجه آلاف المسلحين الذين عبروه دون
مشكلة تقريبا على طوله، ولماذا، لم يبنِ الجيش جداراً أمنياً ضخماً شبيهاً بالجدار
الفاصل الذي بني بين القدس المحتلة وبين عدة أحياء فلسطينية، وكذلك على طول عدة
كيلومترات في الضفة الغربية، أم إننا عشنا سنوات طويلة على وهم "دولة الأحلام".
ونقل الكاتب عن إيتمار
رابيفو، رئيس المجلس الاستيطاني في عسقلان، أنهم "بنوا هذا الجدار منذ سنوات
لمنع إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات التي تتجول على طول الحدود مع غزة، وكان
الهدف الرئيسي للسياج هو الحرب تحت الأرض، وسدّ الأنفاق، واعتقادا بأن هناك تهديدًا
من الصواريخ المضادة للدبابات، فقد قام الجيش برفع الجدار، لكن الجيش ذاته لم يكن
يتصور وضعا يتطلب ذلك الاختراق بالحجم الذي نفذته حماس، الذي لم يشكل يومها تهديدا
بالنسبة للجيش فقط، بل للغلاف بأسره، ما يعني أن ذات الجدار الذي تم بناؤه على
طول الحدود مع غزة سجّل أكبر فشل يوم السابع من أكتوبر".
ودعا الكاتب إلى
"ضرورة أن يتم إنشاء لجنة تحقيق حكومية في فشل السياج بشكل خاص، بحيث إن على
اللجنة المكلفة أن تحقق من الألف إلى الياء في عملية بنائه، في المناقصات، في
الاختبارات الأولية، في الهندسة، في المليارات التي هدرت، في الاعتبارات الخاطئة،
ويجب محاكمة المسؤولين عن بناء هذا السياج غير القانوني، مع أن هذا تحقيق يمكن أن
يستغرق سنوات، وهو ملحق آخر للعمل الهائل الذي ينتظر لجنة التحقيق الحكومية في
هجوم أكتوبر برمّته، لأنه من المستحيل أن نبدأ بكل هذا خلال عام أو عامين فقط، حيث
لن يكون للتحقيق ونتائجه أي قيمة عملية".
وختم بالقول إن
"الأسوأ من حقيقة أن الجيش صدق أكاذيبه في مسألة السياج، أن الجيش ذاته صدق
أيضاً تضليل حماس له، لأن الوزراء وقادة الجيش بدأوا يقارنون هذا الوضع واحدا تلو
الآخر بكارثة حرب يوم الغفران، قبل 51 عاما بالضبط، حين أجرى المصريون تدريبات
هجومية متكررة عبر قناة السويس، ورغم ذلك فإن الجيش استنتج أنهم لن يذهبوا للحرب،
حتى وقعت علينا مفاجأة السادس من أكتوبر 1973، التي كلفت الاحتلال آلاف القتلى
والجرحى، وأسر مئات الضباط والجنود".
يمكن استخلاص العديد
من المقارنات الأساسية بين "الأكتوبرين"، 1973 و2023، لعل أهمها العواقب
السياسية، فقد استقالت رئيسة الوزراء غولدا مائير حينها بعد أربعة أشهر، وغادرت
الحياة السياسية، ولم توجه أصابع الاتهام للجيش، رغم أن هناك من اقترح عليها أن تفعل
ذلك، في حين أن رئيس الوزراء اليوم بنيامين نتنياهو يقوم بتنفيذ التوصية الأخيرة
بالذات، يتهم الجيش بالإخفاق، ويرفض الاعتراف بمسؤوليته.