قالت صحيفة
نيويورك تايمز، إنه على الرغم، من
استشهاد كثير من قيادات حماس الكبار، والمقاتلين، وصعوبة عمل الجناح العسكري
للحركة، كجيش تقليدي، إلا أن مقتل قائد اللواء 401 برتبة عقيد، في مخيم جباليا، يعني أنه
لا يزال قوة كبيرة في
حرب العصابات، تكفي لتوريط جيش
الاحتلال، في حرب بطيئة
وطاحنة وغير قابلة للربح حتى الآن.
وأشارت في تقرير ترجمته "عربي21"،
إلى مقتل العقيد إحسان دقسة من الأقلية الدرزية لدى الاحتلال، والذي انفجرت فيه
عبوة ناسفة زرعتها
القسام، قرب رتل دباباته، وكان الهجوم المفاجئ، مثالا واضحا على
قدرة حماس، على الصمود لمدة عام، منذ عدوان الاحتلال، ومن المرجح أن تتمكن من ذلك،
حتى بعد استشهاد زعيمها يحيى السنوار.
وقالت الصحيفة، إن مقاتلي حماس يتوارون عن
الأنظار في المباني المدمرة، وشبكة الأنفاق الضخمة تحت الأرض، والتي لا يزال الكثير
منها سليما، على الرغم من محاولات "إسرائيل" لتدميرها.
ويظهر المقاتلون لفترة وجيزة في وحدات صغيرة لتفخيخ المباني، ووضع القنابل
على جانب الطريق، وإلصاق الألغام بالمركبات المدرعة الإسرائيلية أو إطلاق قذائف
صاروخية على القوات الإسرائيلية قبل محاولة العودة تحت الأرض.
في حين لا تستطيع حماس
هزيمة الاحتلال في معركة أمامية، فإن نهجها الصغير النطاق والسريع في الكر والفر
سمح لها بمواصلة إلحاق الأذى بالجيش وتجنب الهزيمة، حتى لو فقدت حماس، وفقا
لإحصاءات إسرائيلية غير مؤكدة، أكثر من 17 ألف مقاتل منذ بداية الحرب.
اظهار أخبار متعلقة
ونقلت الصحيفة عن صلاح
الدين العواودة، وهو عضو في حماس ومقاتل سابق في الجناح العسكري للجماعة وهو الآن
محلل مقيم في إسطنبول: "إن قوات حرب العصابات تعمل بشكل جيد وسيكون من الصعب
للغاية إخضاعها ليس فقط على المدى القريب، ولكن على المدى البعيد".
ورغم أن الاحتلال ربما
دمر مخابئ الصواريخ بعيدة المدى لحماس، إلا أن العواودة قال: "لا يزال هناك
عدد لا حصر له المتفجرات والأسلحة الخفيفة في متناول اليد".
ولفتت الصحيفة إلى أنه تم تخزين بعض المتفجرات قبل بدء العدوان، والبعض الآخر، عبارة عن ذخائر للاحتلال، أعيد
استخدامها بعد فشل انفجارها، وآخرها كان تفجير دبابة للاحتلال بصاروخين غير
منفجرين.
في القتال المفتوح، لا
ينافس مقاتلو حماس جيش إسرائيل، كما أظهر استشهاد السنوار في جنوب
غزة الأسبوع
الماضي. في خضم أنقاض رفح، قتل السنوار على يد وحدة إسرائيلية يمكنها استدعاء
الدبابات والمسيرات والقناصة للدعم.
ولكن من غير المرجح أن
يؤثر غيابه على قدرة مقاتلي حماس في شمال غزة، وفقا لمحللين إسرائيليين وفلسطينيين.
وقالت الصحيفة: "منذ
أن سيطرت إسرائيل في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي على طريق رئيسي يفصل بين شمال
وجنوب غزة، مارست قيادة حماس في الجنوب، والتي تضمنت السنوار، القليل من السيطرة
المباشرة على المقاتلين في الشمال، وبعد أكثر من عام من القتال على غرار حرب
العصابات، من المرجح أن يكون مقاتلو حماس المتبقون معتادين الآن على اتخاذ
القرارات محليا بدلا من تلقي الأوامر من هيكل قيادة مركزي".
بالإضافة إلى ذلك،
قالت القسام خلال الصيف إنها جندت مقاتلين جددا، على الرغم من أنه من غير الواضح
عدد الذين انضموا إليها، أو مدى تدريبهم الجيد.
كما استفادت حماس من
رفض إسرائيل الاحتفاظ بالأرض أو نقل السلطة في غزة إلى قيادة فلسطينية بديلة.
مرارا وتكرارا، أجبر الجنود الإسرائيليون حماس على الخروج من أحد الأحياء، فقط
للتراجع في غضون أسابيع دون تسليم السلطة لخصوم حماس الفلسطينيين. وقد سمح ذلك
للجماعة بالعودة وفرض سيطرتها مرة أخرى، الأمر الذي دفع الجيش الإسرائيلي في كثير
من الأحيان إلى العودة بعد أشهر أو حتى أسابيع.
إن الحملة الإسرائيلية
الحالية في جباليا في شمال غزة، حيث قتل العقيد دقسة، هي على الأقل ثالث عملية لها
هناك خلال العام الماضي.
ويقول المسؤولون
الإسرائيليون إن هذا الإجراء الأخير ضروري لتقويض حماس التي استعادت قوتها.
ولكن عدم وجود هدف
واضح لاستراتيجية إسرائيل أدى إلى تساؤلات من جانب الإسرائيليين والفلسطينيين حول
سبب إرسال جنودها مرة أخرى إلى جباليا.
وقال مايكل ميلستين،
وهو محلل إسرائيلي للشؤون الفلسطينية: "نحن نحتل الأراضي، ثم نخرج منها. وهذا
النوع من العقيدة يعني أنك تجد نفسك في حرب لا نهاية لها".
وفي الوقت نفسه، يقول
الفلسطينيون إن هذه العملية في جباليا كانت واحدة من أكثر العمليات بشاعة في حرب
وحشية بالفعل. ومع تكثيف القتال، يلوح شبح المجاعة مرة أخرى في شمال غزة، وحذر
العاملون في مجال الرعاية الصحية من أن المستشفيات المتبقية الأخيرة في المنطقة
معرضة لخطر الانهيار.
ويعتقد الفلسطينيون أن
هذه محاولة لطرد السكان المتبقين في شمال غزة. فقد أجبر أغلب سكان الشمال قبل العدوان
نحو مليون شخص على النزوح إلى الجنوب عند بدايته، ولكن من المعتقد أن نحو 400 ألف
شخص ما زالوا هناك.
ولقد كان أحد الأسباب
التي أدت إلى إثارة هذا الفزع بين الفلسطينيين هو الجنرال الإسرائيلي السابق
البارز، اللواء غيورا آيلاند، الذي ضغط علنا على الحكومة الإسرائيلية لإخلاء شمال
غزة من سكانه بقطع الغذاء والماء.
وبموجب خطة آيلاند،
سوف يمنح الجيش الإسرائيلي الأربعمائة ألف شخص المتبقين أسبوعا واحدا للانتقال إلى
الجنوب قبل إعلان الشمال منطقة عسكرية مغلقة. ثم تقوم إسرائيل بعد ذلك بمنع وصول
كل الإمدادات إلى الشمال في محاولة لإجبار مسلحي حماس على الاستسلام وإعادة
الرهائن الذين تحتجزهم منذ الهجوم الذي شنته على إسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقال الجنرال إيلاند،
المدير السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في مقابلة: "إنهم سوف يواجهون
خيارين: إما الاستسلام أو الموت جوعا".
وأضاف الجنرال:
"إن أي مدني يرفض المغادرة سوف يعاني العواقب، دون دخول أي إمدادات جديدة، إننا نمنحهم
جميعا الفرصة. وإذا قرر بعضهم البقاء، فربما تكون هذه مشكلتهم".
وقد أثارت الخطة جدلا
كبيرا ودعما في أوساط الاحتلال، بما في ذلك من جانب وزراء الحكومة والمشرعين، حيث
يسعى بعض الإسرائيليين إلى إيجاد حلول حاسمة للحرب المتكررة.
اظهار أخبار متعلقة
ويقول المدافعون عن
حقوق الإنسان إن مثل هذه السياسة، إذا تم تنفيذها، من شأنها أن تنتهك القانون
الدولي وتهدد بشدة ظروف معيشة المدنيين في شمال غزة.
ويقول مايكل سفارد،
وهو محام إسرائيلي في مجال حقوق الإنسان، إن خطة الجنرال آيلاند سوف تنطوي على
"خلق متعمد للأزمات الإنسانية كسلاح حرب"، وأضاف أن محاصرة العدو في
منطقة صغيرة قد تكون مقبولة، ولكن ليس محاصرة مثل هذه المنطقة الواسعة.
وقال سفارد إن مقترحات
الجنرال "من المرجح أن ترقى إلى جريمة حرب".
ويتكهن الفلسطينيون
بأن نسخة من هذه السياسة أصبحت سياسة حكومية إسرائيلية: فقد أصدرت إسرائيل تحذيرات
بإخلاء المزيد من الأحياء في شمال غزة، التي يقطنها عشرات الآلاف من الناس على
الأقل، كما انخفضت كمية المساعدات التي تدخل المنطقة بشكل حاد في بداية شهر تشرين
الأول/ أكتوبر.
وقال منتصر بهجة (50
عاما) إنه فر من منزله في جباليا إلى ملجأ في مكان آخر في شمال غزة عند بدء
العملية الإسرائيلية المتجددة. وقال إن الأقارب الذين بقوا وصفوا القصف الإسرائيلي
بأنه عنيف بشكل غير عادي، وأن السياسة الجديدة تبدو وكأنها جزء من محاولة إلى جانب
القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية ـ لإجبار الناس على الانتقال جنوبا.
وقال بهجة، وهو مدرس
لغة إنجليزية في المدرسة الثانوية: "ربما يخجلون من قول ذلك أمام العالم
وينكرونه. ولكن استنادا إلى ما يفعلونه على الأرض، يبدو الأمر كما لو كان هذا هو
الحال".
وبحسب الأمم المتحدة،
لم يدخل إلى غزة سوى 410 شاحنات إغاثة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر
أكتوبر/تشرين الأول، مقارنة بنحو 3000 شاحنة في أيلول/ سبتمبر. وتظهر الأرقام
الصادرة عن الجيش الإسرائيلي انخفاضا مماثلا.
ويقول الفلسطينيون إن
أسعار الخضروات والسلع المعلبة في أسواق الشوارع المؤقتة في شمال غزة ترتفع إلى
عنان السماء، وهو ما يزيد من المخاوف بين نشطاء حقوق الإنسان من أن القيود
الإسرائيلية أدت بالفعل إلى انتشار الجوع على نطاق واسع.