عندما
ظهرت نتائج الانتخابات الأمريكية التي بموجبها سيعود دونالد
ترامب إلى البيت
الأبيض، أعلن وزير المالية بيتسلئيل سموتريش أن عام 2025 سيكون عام تطبيق سيادة
الاحتلال على الضفة الغربية، كما أصدر نفتالي بينيت إعلانا مماثلا عام 2016، حين
خاض ترامب السباق الأول لرئاسة الولايات المتحدة، زاعما حينها أن علينا أن ننتقل
من التردد إلى اتخاذ القرار، وتحويل الضفة الغربية لتصبح جزءا من دولة الاحتلال.
شاؤول
أريئيلي، العقيد العام للواء غزة السابق، ورئيس دائرة المفاوضات بمكتب رئيس
الوزراء، ونشر 11 أطلسا عن جغرافية الصراع مع الفلسطينيين، أكد أنه "منذ
إطلاق
صفقة القرن للرئيس ترامب في يناير 2020 وحتى هذه الأيام، تم الإعلان عن 22 من
البؤر الاستيطانية غير القانونية، وإنشاء 79 بؤرة استيطانية جديدة".
وأضاف
في
مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21"، أن "أي توجه إسرائيلي لإعلان ضم أجزاء من الضفة الغربية بموجب عودة ترامب
الجديدة، يحمل صورة مقلقة عن العواقب المتوقعة؛ لأنه حتى الضم الجزئي، قد يؤدي لسلسلة
من ردود الفعل المدمرة، التي من شأنها أن تعرض مكانة الاحتلال كدولة يهودية للخطر،
رغم أن مؤيدي الضم يزعمون أنه يمكن تنفيذ ضم الأراضي الفلسطينية بشكل تدريجي، مع
تقليل العواقب السلبية، لكن الأبحاث الميدانية تظهر أن هذا وهم خطير".
ونقل
في مقاله مقتطفات من دراسة شاملة أجرتها منظمة "قادة من أجل أمن
إسرائيل"، جاء فيها أنه "من المتوقع أن يؤدي ضم المنطقة (ج)، أو حتى جزء
منها، بعملية تدريجية إلى انهيار السلطة الفلسطينية، ووقف التنسيق الأمني، وسيطرة جيش
الاحتلال على جميع مناطق الضفة الغربية".
وأكد أنه "في مثل هذا الوضع، سيضطر الاحتلال لتشكيل
حكومة عسكرية، وتحمل مسؤولية حياة 2.8 مليون فلسطيني، حيث تقدّر التكاليف
الاقتصادية لمثل هذه الخطوة بنحو 14.5 مليار دولار سنويا، بما في ذلك الإنفاق على
الخدمات الصحية والتعليم والتأمين الوطني للفلسطينيين".
وأشار إلى أنه "من المتوقع لتنفيذ خطوة الضم في الضفة الغربية، أن يُلحق الضرر الكبير
بالاقتصاد الإسرائيلي بسبب انخفاض الاستثمارات الأجنبية، وفرض العقوبات الدولية
عليها، والأضرار التي ستلحق بمنتجاتها، فضلا عن الأضرار المتوقعة في الجانب
الأمني، حيث سيُطلب من جيش الاحتلال مضاعفة وجوده على الأرض، مما سيضرّ بشكل كبير
الاستعداد للحرب على جبهات أخرى".
وأكد
أن "خطة الضم من شأنها أن تضرّ بالتعاون الأمني الأساسي
مع الأردن ومصر بشدة، وقد يؤدي ذلك لزعزعة استقرار الأردن على الساحة الدولية، وأن
تجد إسرائيل نفسها في أزمة دبلوماسية خطيرة".
وتابع: "حتى لو دعمت إدارة ترامب هذه الخطوة،
فمن المتوقع أن يكون رد فعل الدول الأوروبية وبعض الدول العربية قاسيا، بما في
ذلك فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية، حيث ستتضرر شرعية الاحتلال الدولية بشدة، وقد
تجد نفسها في وضع دولة مجذامة، على غرار جنوب أفريقيا خلال حقبة الفصل العنصري".
وأضاف
أن "الخوف الرئيسي أن يؤدي الضم إلى نقطة اللاعودة، حيث سيضطر الاحتلال للاختيار
بين خيارين مستحيلين في المستقبل: دولة ثنائية القومية ستفقد فيها الأغلبية
اليهودية، أو نظام فصل عنصري يعيش فيه ملايين الفلسطينيين تحت حكم عسكري".
وأردف: "دون
حقوق مدنية كاملة، مما يستدعي تجنّب أي خطوة ضم، زاحفة أو تشريعية، وبدلا من سياسة
الضم تعزيز الانفصال عن الفلسطينيين، مع الحفاظ على السيطرة الأمنية لجيش الاحتلال
على الأرض حتى التوصل لتسوية سياسية مع الفلسطينيين".
إظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن "كل هذه الأضرار المتوقعة لسياسة الضم التي تتحمس لها حكومة اليمين، تتطلب تقديم دراسة شاملة لجميع العواقب، وفي النهاية، فإن الاستنتاج واضح ومفاده أن
الضم، ولو جزئيا، يعرض الرؤية الصهيونية ومستقبل إسرائيل كدولة يهودية للخطر".
وختم قائلا: "بدلا من الاستسلام لوهم الفرصة التاريخية مع مجيء ترامب، يجب على
صناع القرار في تل أبيب التفكير بجدية بالثمن الباهظ الذي قد تدفعه الدولة مقابل
مثل هذه الخطوة، ومن الضروري أن يكون الجمهور الإسرائيلي على دراية بالعواقب
المدمرة لمثل هذه الخطوة؛ لأن الثمن قد لا يكون فيه رجعة".