نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية نتائج دراسة رائدة تظهر أن نظام عمل الدماغ الإنساني يختلف من الرجل إلى المرأة. وقالت الدراسة إن منبع الاختلاف يأتي من وضعية النواقل العصبية في دماغ الذكر، وتلك التي في دماغ الأنثى، مما يفسر "تفوق الرجال على النساء في قراءة الخرائط" الطبيعية.
وقال الباحثون إن هذه الدراسة قد توضح الفروق النمطية بين التصرفات الذكورية والأنثوية. وتكشف الدراسة أن النواقل العصبية في الذكر تجري من مقدمة ومؤخرة "الفص" القسم الدماغي الواحد، بينما تجري هذه التوصيلات في دماغ الأنثى بشكل عرضي من الأيمن والأيسر.
وقالت الدراسة إن هذه الفوارق في التشكيل الدماغي وتوصيلات الأعصاب لا تتم إلا في سن البلوغ، عندما تبدأ علامات البلوغ الأخرى بالظهور كنمو شعر الوجه عند الذكر ونمو الثديين عند الإناث بتأثير من الهرمونات الجنسية، كما أوضحت الدراسة.
ويعتقد الباحثون بأن الفروق البنيوية بين الجنسين بالإضافة الى الفرق في طريقة عمل أجزاء الدماغ بينهما تلعب دورا في تفسير ظاهرة كون الرجال بشكل عام أكثر مهارة في القيام بالوظائف المتعلقة بتحديد المكان والأبعاد الثلاثية، بينما تتفوق النساء في الوظائف الشفوية التي تعتمد على الذاكرة والحدس.
وتقول الأستاذة راجينا فيرما، أستاذة علم النفس في جامعة "بنسلفانيا": "هذه الخرائط الدماغية) التي تظهر فرقا واضحا وتكاملا في تركيبة الدماغ البشري تساعد على توضيح ظاهرة تفوق الرجال في بعض الوظائف والنساء في البعض الآخر على أساس مرتبط بالأعصاب".
وتضيف قائلة: "ما تعرفنا عليه هو أنه عند النظر اليها بشكل عام وكمجموعات، فنواقل الأعصاب في الدماغ عند الرجال تختلف عنها عند النساء".
وأظهرت التجارب الوظيفية أنه عندما يقوم الرجال بوظيفة ما فإنهم يستخدمون أجزاء من الدماغ تختلف عن تلك التي تشغلها النساء.
وأجريت الدراسة على عينة مكونة من 949 شخصا، 521 منهم إناثا و 428 منهم ذكورا، تتراوح أعمارهم ما بين 8 و 22 عاما، واستنتج الباحثون أن الفروق في عمل الدماغ وطبيعة النواقل العصبية لا تظهر بين الجنسين إلا عند البلوغ.
وقد طور العلماء لهذا البحث أسلوب مسح خاص للدماغ يستطيعون من خلاله قياس تدفق الماء في مجرى عصب معين. ما استطاعوا من خلاله تحديد الاتصال بين حوالي 100 نقطة في الدماغ، مما ساعد على رسم خارطة أعصاب للدماغ أطلقوا عليها مصطلح "كونيكتوم"، بحسب فيرما.
وتوضح الباحثة أن كون النواقل العصبية عند الإناث تسير بشكل عرضي، وتربط الجزء الأيسر المسؤول عن التفكير المنطقي بالأيمن المسؤول عن الحدس، يفسر بطريقة ما لماذا تتقن النساء الوظائف الحدسية، وكما تقول فالحدس هو "التلقائية في التفكير، أو ما يسميه الناس الشعور الداخلي، حيث تتفوق النساء على الرجال في هذه المهارات المرتبطة بكونهن أمهات جيدات"، فيما يتفوق الرجال على النساء في الوظائف المكانية والحركية كقراءة الخرائط، بينما تتفوق النساء في اختبارات الذاكرة كتذكر الكلمات والوجوه.
وفي دراسة أخرى اجراها باحثون في الكلية الجامعية "يونيفرستي كوليج" في لندن على 100 شخص متوفى، وجدت أن الجينات الموجودة في الدماغ تتجسد بشكل مختلف بين الذكور والإناث، مما قد يفسر الاختلاف في الاضطرابات العصبية بين الجنسين وإصابة بعضهم بالتوحد مثلا.