قالت صحيفة "
واشنطن بوست" إن من يناقشون في واشنطن بأن لا خيار أمام إدارة باراك أوباما غير التعامل مع النظام الحالي في
مصر، حتى وإن كانت بعض أساليبه غير لطيفة مخطئون، حيث يبررون موقفهم بالقول "على الأقل نظام عسكري صديق للغرب أفضل من الإسلاميين والإخوان المسلمين".
وتضيف الصحيفة إن هؤلاء الذين يدفعون بهذه الرؤية يربطون بين النظام الحالي وحكومة الرئيس المخلوع حسني مبارك "لكنهم لا يراقبون عن قرب نظام الجنرال عبد الفتاح
السيسي".
وتشير إلى المشاعر المعادية لأمريكا التي تنتشر وبشكل كبير منذ ظهور السيسي وحكمه في مصر من وراء ستار الحكومة الانتقالية.
وتقول الصحيفة "منذ قيادته للانقلاب ضد حكومة الرئيس المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو الماضي حوّل الجنرال السيسي الإعلام المصري الحكومي إلى جهاز دعائي صدرت منه تصريحات وتقارير خبيثة معادية لأمريكا. وتقوم القنوات التلفازية والصحف وبشكل منتظم بشن هجمات شريرة على المسؤولين والدبلوماسيين الأمريكيين، وأعطى (الإعلام) مصداقية لنظريات المؤامرة حول المؤامرة الغربية على مصر".
ولم تشر الصحيفة إلى أن ذلك يحدث كجزء من الدعاية للانقلاب، وفي سياق من إدانة الخصم السياسي ممثلا في الإخوان رغم حرص النظام على العلاقة مع أمريكا.
وتضيف الصحيفة إن النظام الحالي اتخذ خطوات أخرى وصعّد حربه ضد الإعلام الغربي وهي "خطوة غير مسبوقة في التاريخ المصري الحديث، أي سجن ومحاكمة
الصحافيين الاجانب المحترفين والذين يعملون من القاهرة".
وتشير هنا إلى الهجوم الذي نفذته قوات الأمن المصرية في 29 كانون الأول/ ديسمبر على غرفة في فندق تستخدمها قناة الجزيرة الإنجليزية القطرية لإنتاج تقاريرها.
وقام التلفزيون المصري يوم الإثنين ببث شريط فيديو مخيف أظهر كيف حقق الأمن المصري ثم اعتقل بيتر غيرست، المراسل الأسترالي، ومحمد فهمي، الكندي-المصري وهو منتج تلفزيوني، وكلاهما معروف بحرفيته العالية، وقد عمل فهمي مع قناة "سي أن أن" الأمريكية، فيما عمل غيرست حول العالم مع "رويترز" و"بي بي سي" وغيرهما من الوكالات الإخبارية".
وتضيف الصحيفة إن الصحافيين حاولوا خلال أسابيع من سجنهم مع زملائهم اقناع السلطات المصرية أنهم "اعتقلوا وسط صراع سياسي لا ناقة لهم فيه ولا جمل"؛ كما كتب غيرست في رسالة بعثها من زنزانته في سجن طرة "ومع ذلك رفعت النيابة المصرية من درجة المواجهة عندما وجهت اتهامات لـ 18 صحافيا آخرين واتهمتهم بدعم منظمة إرهابية ونشر معلومات كاذبة، ومن بين المتهمين ثلاثة صحافيين أجانب، بريطانيان وهولندية؛ رينا نيتس التي استطاعت الخروج من مصر يوم الإثنين".
وتعلق الصحيفة على الحال في مصر والمتهمين الأجانب بقولها إن معظمهم مرتبط بقناة الجزيرة القطرية التي يتهمهما النظام بالتآمر مع الإخوان المسلمين؛ الجماعة المحظورة الآن في مصر". وفي الحقيقة فقد كانت القناة (والحكومة القطرية) تدعم نسبيا إدارة مرسي، ومع ذلك فالاتهامات تعتبر سخيفة. وتقول نيتس التي لم تكن تعمل في قناة الجزيرة إن النيابة وجهت إليها تهمة لأنها قابلت فهمي من أجل تقرير".
وفي هذا الإطار ذكرت الصحيفة بما كتبه غيرست من سجنه، حيث قال إنه جاء لمصر في رحلة للتعرف، ولم يمض سوى بضعة أسابيع على بدء عمله، ومن ثم اعتقاله وزملاؤه بناءً على مجموعة من التقارير التي لا تثير أي جدل.
وتختم الصحيفة بالقول إن "الاعتقالات تضاف إلى كومة من الأدلة التي تناقض ما تقوله إدارة أوباما من أن النظام الجديد يقوم بإدارة عملية انتقالية نحو الديمقراطية. وفي لهجة مخالفة للهجتها التي تدعم فيها النظام؛ شجبت وزارة الخارجية الأمريكية محاكمة الصحافيين؛ واصفة الخطوة بأنها "خطأ وتظهر تجاهلا فاضحا لحماية الحقوق والحريات".
وفي الوقت الذي يجب على الإدارة إبلاغ الكونغرس أن مصر تقوم باتخاذ الخطوات تجاه التحول الديمقراطي من أجل الإفراج عن المساعدة السنوية لمصر 1.5 مليار دولار، فيجب عليها إبلاغ الجنرال السيسي أنها لن تستطيع فعل ذلك طالما ظل الصحافيون في السجن".