تسمع كلامًا هامًا حول ضرورة دعم
القدس، والمدينة لايمكن أنْ تصمد هويتها العربية الاسلامية، اذا كان اهلها في اسوأ حالاتهم الاقتصادية، التي تأخذهم الى تدمير بناهم الاجتماعية، والسقوط تحت وطأة الفقر والبطالة والضرائب والملاحقات المختلفة.
هنا في
الاردن اعداد من ابناء مدينة القدس، تركوا المدينة وقدموا للدراسة في جامعات الاردن، ويدفعون رسوما كارثية، وبعضهم يدفع ثمن ساعة الطب في جامعات الاردن من دم اهله؛ إذْ تصل كلفة الساعة الى مائتين وثمانين دينارا وفقا للبرنامج الدولي، وآخرون في تخصصات اخرى يدفعون رسوما مضاعفة في جهادهم من اجل التعليم.
طلبة القدس في الاردن تجدهم في
الجامعات الحكومية والخاصة، ولايجدون اي التفاتة للتخفيف عنهم، واذا كان الكلام عن القدس ليل نهار، فهذه ليست مدينة من حجر، اذ ان سوارها الاجتماعي والبشري، هو الذي يجعل المدينة قائمة وثابتة.
اذا تحطم هذا السوار، فمن الطبيعي جدا ان تتحول المدينة لاحقا الى مجرد مكان اثري، قد لانجد فيه لاحقا الا الاطلال والذكريات والاضرحة والحكايات التي كانت هناك.
نريد من الدولة ان تعفي طلبة القدس القادمين منها للدراسة هنا، من
الرسوم الجامعية، وان تجعل مقاعدهم الجامعية ممولة الكلف، اذ ليس معقولا ان يشقى ذووهم من اجل تعليمهم، وفي حالات قد يفضلون تجهيلهم على تعليمهم، واقل شيء من الممكن تقديمه لاهل القدس، هذه المنح الدراسية، الواجب ان تمتد ايضا الى الجامعات الخاصة.
من المعيب حقا، ان تتم مطالبة الطلبة القادمين من القدس بدفع الرسوم، فأين هذه المطالبات من كلام كل العرب والمسلمين، عن دعم القدس، ودعم المدينة لايكون الا بمساعدة عائلاتها، وهذه لا تتم لا بإعفاء، ولاحتى بخصم، او مساواة على الاقل مع رسوم الطالب الاردني وفقا للبرنامج العادي؟!.
لعل السؤال المطروح هنا يتعلق بقدرة العائلة المقدسية اساسا على الاستمرار في تمويل تعليم الابن والابنة، وهم بالكاد يعيشون، وسط الفقر الشديد والبطالة والملاحقات المعيشية، وكأننا هنا نسلب المقدسيين آخر مالديهم، من قدرة على البقاء، في ظل كلفة التعليم الجامعي، ومصاريف الدراسة الشهرية وبقية النفقات.
ثم اين مال الاغنياء والاثرياء في هذا البلد، ومال المغتربين في مغترباتهم، ومال العرب والمسلمين، ولماذا لايتم توفير منح جامعية لهؤلاء، من جانب اغنياء يدعون الوصل بقضايانا، فيما ينفقون مالهم على اي شيء، وعند طالب مقدسي يدرس في الاردن، تجف مواردهم فجأة ويشكون ويتذمرون، وهم عمليا يتركون هؤلاء في فك الاحتلال؟!.
دعم القدس، ليس بالكلام، ولا بدعاء وراء امام، إذْ ان هذا بحاجة الى عمل مخطط واضح، ومن المعيب هنا ان نجد طلبة مقدسيين، لايجدون احيانا قوت يومهم، لان كل قرش يدفعونه او تستدينه عائلاتهم يذهب لدفع الرسوم ومصاريف التعليم، واذا كان المقدسيون، مثل غيرهم من البشر، وليسوا طبقة فوق غيرهم، الا ان علينا ان نتذكر ان مساعدتهم، تعني عمليا مساعدة عائلاتهم، وتثبيت لهم، في ارضهم، وفي وجه احتلال يقوم بتفقيرهم وتدميرهم يوما بعد يوم.
معيب جدا ان يدفع الطالب المقدسي، المال، ثم نطلب من اهله الصمود، ونحن اول الذين يفتشون جيوبه لجمع مافيها من دنانير متبقية، وهذا عيب يرتسم على وجوهنا جميعا
عيب والف عيب...أليس كذلك؟!
(الدستور)