بعد سنوات من التأخير في أعمال البناء وتجاوز الميزانية؛ تنطلق نهائيات كأس العالم 2014 لكرة القدم في
البرازيل اليوم الخميس تحت سحابة من السخط بين البرازيليين حتى مع توافد المشجعين الأجانب من أجل البطولة.
وقبل ساعات فقط من انطلاق المباراة الافتتاحية اندلعت اشتباكات بين قوات الشرطة ومتظاهرين وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق نحو 200 متظاهر كانوا يحتجون على الإنفاق الحكومي على الحدث الرياضي الكبير.
وقال شاهد من رويترز إن المحتجين حاولوا قطع طريق يؤدي إلى استاد كورنثيانز ارينا الذي سيستضيف مباراة الافتتاح بين منتخب البرازيل صاحب الضيافة ونظيره الكرواتي وهو استاد شيد حديثا في ساو باولو وتجسد تكلفته والتأخر في تسليمه الاستعدادات المتعثرة لكأس العالم.
وقالت وسائل إعلام محلية إن الشرطة اعتقلت مشجعا واحدا على الأقل وقال شهود إن شخصا ضمن طاقم شبكة سي.ان.ان أصيب خلال
المواجهات.
ويتوقع أن يتسع نقاط
الاحتجاجات قبل انطلاق المباراة الأولى في البطولة في الساعة 2000 بتوقيت جرينتش.
وينظر العديد من المشجعين حول العالم للبرازيل باعتبارها الموطن الروحي لكرة القدم وسيأتي عشرات الآلاف للبلاد من أجل البطولة التي تستمر شهرا لكن حتى الآن لا يزال الحماس غائبا بين البرازيليين.
ويشعر كثيرون بالغضب من انفاق 11.3 مليار دولار على استضافة كأس العالم في الوقت الذي تعاني فيه الخدمات العامة من قلة التمويل.
وهزت احتجاجات ضخمة في الشوارع البلاد في العام الماضي ورغم أن حجمها تراجع كثيرا مؤخرا إلا أن مسؤولين يتوقعون أن يحاول مئات من المتعصبين الاحتجاج من جديد.
ويقول برازيليون إن البلاد ستمضي قدما بمجرد بدء المنافسات خاصة اذا ارتقى فريقهم لمستوى التوقعات وفاز بالبطولة للمرة السادسة وهو رقم قياسي.
وقال روجيريو سوزا وهو مشجع في ساو باولو "انتظروا فقط حتى تبدأ البرازيل في الفوز. حينها سترون الناس في الشوارع" رغم أنه حذر من أن الفشل قد يؤدي لمزيد من السخط.
وأضاف "يحصي البرازيليون الألقاب فقط. لا أحد يهتم بالمركز الثاني. اذا لم يفوزوا بالكأس على أرضهم.. ستنهمر الانتقادات."
وترفض ديلما روسيف رئيسة البرازيل الشكوى من الإنفاق الضخم والتأخير في إعداد الاستادات والمطارات وتراهن أن البرازيل ستقدم عرضا مبهرا داخل وخارج الملعب.
وقالت في كلمة أمس الأربعاء "ما أراه على نحو متزايد هو الترحيب الذي تلقاه الفرق وسعادة البرازيليين بفريقهم."
لكن قائمة المشاكل المحتملة طويلة. ففي الواقع ربما يثبت في النهاية أن استضافة كأس عالم ناجحة اصعب على البرازيل من الفوز بها.
ويبدو الخطر الرئيسي بالنسبة للجماهير والحكومة هو احتجاجات الشوارع العنيفة.
وهناك خطط لاحتجاجات وإضرابات عمالية في 12 مدينة ستستضيف البطولة بينها إبطاء في العمل عن طريق بعض عمال المطار في ريو دي جانيرو رغم أن التهديد بإضراب طويل في مترو الأنفاق في ساو باولو تراجع.
وكست بعض الأعمال في ريو أبوابها ونوافذها بألواح خشبية في وقت متأخر من يوم أمس الاربعاء تحسبا لاندلاع أعمال عنف. وتستضيف ريو دي جانيرو سبع مباريات في كأس العالم بينها المباراة النهائية.
وأبدى مسؤولون في أحاديث خاصة تخوفهم من أن تؤدي الاحتجاجات ومشاكل المرور لفشل الجماهير في الوصول لاستاد كورنثيانز ارينا لحضور مباراة الافتتاح.
وأمرت الحكومة بعطلة جزئية اليوم الخميس في محاولة لتخفيف الازدحام. لكن قائمة طويلة من الشخصيات المهمة بينهم عشرة زعماء دول ومسؤولون كبار في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) تعني أن المرور سيظل معقدا.
والاستاد نفسه كان مصدرا للقلق.
ولم يتم تسليمه فقط متأخرا بستة أشهر وبتكلفة بلغت 525 مليون دولار - وهو ما يزيد بنحو 150 مليون دولار عن الميزانية المحددة - لكن بسبب التأخير ستكون مباراة الخميس الأولى في الاستاد بكامل طاقته.
وقالت ليزبيث سيلفا التي تعمل في مدرسة في ساو باولو "أصلي من أجل ألا يحدث أي شيء خطأ. تسمع عن كل هذه المشاكل.. لكن لا تزال ترغب في تشجيع البرازيل."
ويتخطى الأمر في البرازيل كأس العالم نفسها.
وتسعى روسيف لاعادة انتخابها في أكتوبر تشرين الأول وخروج البطولة بشكل سيء من المرجح أن يؤدي لتراجع شعبيتها وهي تحت التهديد بالفعل. وتظهر الاستطلاعات أنها تتقدم حاليا بنحو عشرة في المئة من النقاط على منافسها المحتمل اذا امتد التصويت لجولة ثانية مثلما تتوقع الغالبية.
وأي مشاكل لوجيستية واضطرابات قد تؤذي بشكل أكبر سمعة البرازيل بين المستثمرين التي عانت منذ تراجع نهضة اقتصادية استمرت لعقد كامل عقب تولي روسيف الرئاسة.
وعلى الأقل هناك عامل وحيد من المتوقع أن يكون متعاونا اليوم الخميس وهو الطقس. وتتوقع الأرصاد سماء صافية وحرارة تبلغ 24 درجة مئوية وهو طقس دافئ بالنسبة لشتاء النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.
والمنتخب البرازيلي - الذي يقوده المهاجم نيمار البالغ عمره 22 عاما - مرشح بشدة للفوز على كرواتيا.
ومع تقدم البطولة قد تساعد أيضا حماسة الجماهير الأجنبية - التي تتوافد بالفعل بأعداد كبيرة على المدن المستضيفة - على تخفيف التوتر بين البرازيليين أنفسهم.