كتب سركيس نعوم: عن سياسة أميركا حيال
مصر وأوضاعها وما يجري فيها، تحدَّث المسؤول المتابع كل ما يتعلق بها في "الإدارة" الأميركية الثالثة المهمة نفسها، قال: "طبعاً نحن نريد أن يتم الانتقال (Transition) بسلاسة وهدوء. وهذا أمر يعرفه الجنرال
السيسي".
لكن نحن نشعر بشيء من القلق. إذ إنك عندما تتهم 20 في المئة أو أكثر من الشعب (
الإخوان المسلمين ومناصريهم) بالإرهاب، فإنّك ربما تدفعهم مستقبلاً إلى العنف من جديد. الشعب المصري المُسالِم، كما هو معروف سابقاً، نزل إلى الشارع وأسقط رئيساً.
هل هناك مَن يضمن أن لا ينزل مرة ثانية لإسقاط الرئيس الثالث (الأول حسني مبارك والثاني محمد
مرسي) اذا لم يحل له مشكلاته؟ طبعاً الحرية مهمة والديموقراطية. لكن الأخيرة لا يمكن تطبيقها وتعليمها للناس لأنها علم وثقافة وتراكم وخبرة. والانسان لا يصبح ديموقراطياً بين ليلة وضحاها. الناس يريدون وظائف وفرص عمل ومكافحة الفساد.
تحتاج مصر سنوياً الى 700 ألف وظيفة (عمل) جديدة. وضعها الاقتصادي صعب. الوضع الأمني فيها ليس مستقراً كما يجب. العمليات العنفية (الارهابية) كانت تحصل في شبه جزيرة سيناء، وصارت تحصل الآن في القاهرة وفي مدن مصرية أخرى. وهذا أمر خطير.
النظام الجديد الذي يتكوَّن الآن (الرئيس الجديد للجمهورية انتُخِب في أيار وهو الجنرال السيسي، ومجلس النواب الذي سيُنتخَب والحكومة) عليه أن يهتم بأمرين أساسيين: الاقتصاد والأمن. واذا لم ينجح في ذلك ربما ينزل الناس الى الشارع مرة جديدة".
علَّقتُ: حصلت اتصالات بين الادارة في أميركا و"الاخوان المسلمين" قبل انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيساً لمصر وبعد انتخابه. عُقِد اجتماع في البيت الأبيض ضم خيرت الشاطر وآخر من آل حداد أُبعِد عنه السفير المصري. ويُقال أن اتفاقاً حصل يومها بين الادارة و"الاخوان". ردّ: "الاجتماع الذي تحكي عنه لا أعرف عنه شيئاً.
لكن الاتصالات كانت جارية مع "الاخوان". فهُم جزء من الثورة المصرية. أظهرت ذلك الانتخابات النيابية ثم الرئاسية. لكن "الاخوان" لم يكونوا مهيّئين للسلطة، و"خبّصوا" كثيراً. لم تكن عندهم خطة. ربما لذلك لم يكونوا يريدون في البداية أن يكونوا في الحكومة والرئاسة. تصرّفوا بكثير من الحماقة. ارتكبوا أخطاء. الاّ أن ذلك لا يبرِّر ارتكاب أخطاء معهم.
كيف تُقنِع الطلاب الثانويين والجامعيين الذين يتظاهرون سواء في الشوارع أو داخل مدارسهم وجامعاتهم بوقف تحرّكهم؟ بالقمع"؟
علّقتُ: يقول المصريون إن عدد هؤلاء المتظاهرين غير كبير. وهم سيحصدون الفشل في امتحاناتهم الجامعية وفي دراستهم اذا بقوا في الشارع، ولذلك فان قسماً منهم قد يتخلى عن التظاهر. أما الأكثرية غير المشاركة في التظاهر فمتذمِّرة من هؤلاء.
ردَّ: "على كلّ، إن أعمال الارهاب سواء في سيناء أو مصر تحصل وهي مقلقة، والحكومة ومعها السيسي، ونحن عندنا اتصالات معهما، يقولان لنا إن "الاخوان" يرتكبونها أو يغطّونها. لكنهم لا يقدمون الينا أدلَّة مُقنِعة. وأحياناً لا يقدمون أدلَّة على الاطلاق. هذا أمر يجب أن يوضحوه.
يجب اعادة "الاخوان المسلمين" الى العملية السياسية. يجب اجراء المصالحة. طبعاً المذنبون فعلاً وبأحكام قضائية نزيهة لا مكان لهم. لكن لا بد من ذلك كي لا يتحوَّلوا ارهابيين".
سألتُ: هل عند الجنرال السيسي خطَّة؟ علماً أن هناك من يحاول اقناعه بأن يكون ناصراً آخر، وبأن يتوجه الى روسيا اذا زعل من أميركا.
أجاب ضاحكاً: "وماذا سيحقِّق ذلك؟ هل تعتقد أن السعودية التي تساعد مصر السيسي حالياً لأنها ترفض "الاخوان المسلمين" والارهاب وتخاف من الاسلاميين المتشددين كلهم، هل تعتقد أنها ستدفع ملياري دولار لروسيا ثمن سلاح لجيشه وهي تدعم بشار الأسد المعتبر سعودياً خطراً؟ لا أعتقد ذلك.
أما اذا كان عنده خطة أولاً فأنا لا أعرف. يجب العمل لوضع خطة. على كلٍ لا يمكن المحاسبة قبل اكتمال مؤسسات الدولة وقيام النظام الجديد".
سألتُ: هل يعيد النظام الجديد مصر الى الماضي التي ثار شعبها عليه؟
أجاب: "ربما هناك عودة الى الماضي. لكن النظام لن يكون ناصرياً. سيكون شبيهاً بالماضي. لكن الظروف الحالية مختلفة عن ظروف الماضي. لذلك قد يكون النظام الجديد "طبعة جديدة ومنقّحة" عن النظام السابق. والسيسي سيترشح للانتخابات الرئاسية (حصل وفاز). أين هم الليبراليون والنخبة الذين أطلقوا الثورة. لا يوجد أحد منهم، كلهم يريدون السيسي".
علّقتُ: هناك حمدين صبَّاحي. بماذا أجاب؟
[email protected]
(عن صحيفة النهار اللبنانية 14 حزيران/ يونيو 2014)