كتاب عربي 21

الغلابة وفاتورة عجز الموازنة

نيفين ملك
1300x600
1300x600
جاءت حكومة محلب ولم تستطع إخفاء نواياها كثيرا؛ فعاجلت الفقراء بضربة فى الهدف لتعلن وتنفذ سياسات التقشف، وتقلل دعم الطاقة، ما تسبب تقريبا في زيادة كافة أسعار السلع الأساسية. 

ضربة في القلب لتوجع وتكدر وتوقظ الحالمين بالعدالة الاجتماعية، وخاصة هؤلاء من باعوا عقولهم وتبعوا قلوبهم ليصدقوا وعودا خادعة تدغدغ المشاعر والعاطفة وحملات التبرع والتضحية..."ضحي واتبرع حتى لو معندكش"، وبالطبع فإن المطالبين دائما بالتضحية والدفع والتبرع هم هؤلاء الغلابة؛ هم وحدهم من يدفع على مدار عقود كاملة الفواتير لأنظمة أدمنت اللعب بطموحات ومقدرات حياة هؤلاء الغلابة، في ذات الوقت الذي تعلن فيه قطاعات الاتصالات والبنوك وغيرها أنها لن تستطيع تطبيق الحد الأقصى للأجور. 

أخبرني صديق يركب يوميا الميكروباص في طريقه لعمله بقيمة جنية في منطقة الهرم أنه فوجئ بالميكروباص اليوم يطلب منه ضعف الأجرة لتكون الأجرة المستحقة جنيهين.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الزيادات الكبيرة لم يرافقها زيادة في الدخل، مع أنه كان من المفترض ربط الزيادات وتنفيذها بتلك الوعود البراقة بزيادة الرواتب 100% التي وعد بها الزعيم المنقذ! 

 هؤلاء الغلابة هم من فئة (الشعب الذي لم يجد أحد يحنو عليه)، وها قد جاءت هذه السياسات الحانية مؤشرا على تحرك اقتصادي نحو الاقتصاد الحر وتحرير الأسعار ووضع المجتمع بطبقاته الأكثر فقرا تحت أقدام الرأسمالية المتوحشة، من خلال التوجه نحو ما يعرف بالنيوليبرالية الكارثية والتي
تتبعها مصر منذ عقود وجاءت بظلالها القاتمة على حساب الطبقات الوسطى والفقيرة والأكثر فقرا؛ لينتهي الأمر بثورة 25 يناير من أجل العدالة الاجتماعية: تلك العدالة التي انتهكت وقتلت تحت عجلات التخبط والتبعية الاقتصادية، وتاهت فيها بوصلة الاقتصاد الوطني ورؤيته وأجندته أمام محاولات عشوائية ومضطربة لحلول قصيرة المدى ومشوهة الأفق.

ومن الواضح أن وضع قطاع كبير من المصريين تدهور على مدار الأعوام الثلاث الماضية وقبلها، وضاقت بهم السبل وتوارت مظلة العدالة الاجتماعية، وتراجع البحث عن حلول حقيقية لملف الدعم ومواجهة الحقيقة والخروج من ضيق الأفق والبحث عن حلول واقعية لاقتصاد يعاني، مع التأكيد أن أي حلول لا تبدأ من حيث ضمان مظلة العدالة الاجتماعية والدعم للقطاع الفقير من هذا الشعب لن تجدي ولن تفيد.

ولذلك، فإن استسهال تقليد نموذج اقتصادي أو اتباع نصائح مستشارين مثل توني بلير؛ سيجعل الإخفاق الاقتصادي هو النتيجة الحتمية، وستؤدي أولى القرارات "الحانية!" المتمثلة برفع الدعم عن الوقود على المدى القريب إلى تأثيرات انكماشية أكثر ألما وقسوة على المواطن الغلبان، وستنتج كذلك انكماشا للقطاع الخاص والصناعات المتوسطة والصغيرة، ولا ندري لمصلحة من يتم العصف بحلم المواطن المصري في العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

هل يأتي هذا ردا على تطلعاته نحو التحرر وعقابا على مناداته يوما بهتاف يناير (عيش حرية عدالة اجتماعية)؟!
التعليقات (0)