كتب علي حسين: اكتشفت القيادة العامة للقوات المسلحة بعد شهر من سقوط الموصل بيد تنظيم داعش أن قائد القوة البرية الفريق الأول الركن علي غيدان قد تهاون في أداء واجبه.
عندما أصبحت فضيحة هروب بعض القادة العسكريين من ساحة المعركة في الموصل هي حديث الإعلام العربي والأجنبي، توقعت الناس أن يخرج القائد العام للقوات المسلحة ببيان إلى الشعب يعتذر فيه وذلك أضعف الإيمان، وضربت وسائل الإعلام أخماسا في أسداس في انتظار ما سيحدث، فجاء القرار بعد أكثر من 25 يوما بإحالة المقصرين.
أتمنى عليك أن لا تتوهم أنهم سيذهبون للمثول أمام محكمة عسكرية.. لا يا سيدي فالأمر مجرد إحالة على التقاعد بكل امتيازاته.. إذن فالخبر الذي تبحث عنه أيها المواطن عن محاسبة القادة المقصرين ، عار عن الصحة لأنه لن يحاسبوا ولم يحاسبوا، اما المهجرون والمشردون فلهم رب ينقذهم ويحميهم.
عندما ظهر بعض الجنرالات يشتمون الإعلام ويكذبون خبر هروبهم سألت: لماذا الإصرار على الفشل؟ واليوم أعيد السؤال.. لأنه كما كتبت يومها: ان الفشل اغبى ممن استخدمه وروج له هذا ما قالته " فضيحة " الموصل.
فقد انبأتنا الفضيحة إن هناك شعورا عميقا بالعجز والمكابرة .. ورغبة في الخروج منه.. بالأناشيد والأهازيج لا بوضع خطط تؤسس عليها معركة ندحر فيها فلول الارهاب ..لكن هذا لا يحدث.. كما تقول وقائع الفضيحة فمنطق الهتافات والبيانات المتناقضة وشعار " يلاوونه لو بيهم زود " " وطكت والماطكت" تعلو ولايعلى عليها .. ورغم أن الفشل يجد من ينظر له ويؤمن به، لكن تراكمه والاصرار عليه عطل منظومة الدولة السياسية والامنية وجعل من الارهاب يستعرض عضلاته في الخطابة على منابر الموصل.
ما هي الدولة الفاشلة؟ إذا أردت جوابا مختصرا، هي الدولة التي يقبض عليها رجال فاشلون لا ينجحون في شيء سوى تحويل البلاد الى مزرعة ، المال والمناصب والامان لهم ولعوائلهم ومقربيهم ، وللناس العوز والخوف والهتاف " بالروح بالدم " .
في كل يوم اتطلع الى وجوه الناس في الشارع او المقهى، لا أرَى سوى علائم الأسى والقهر، وجوه تخاف من المجهول ، فيما على مقربة منهم مدن تقطع المسافات من عصر إلى عصر، في قطار مذهب اسمه الاستقرار والعمران، ولا يشبه الاستقرار سوى نفوس مسؤولين قرروا ألا يسمحوا للفقر أن يبقى مقيماً في البيوت والشوارع.
طالما أُسأل: لماذا تكتب بإعجاب عن مدن مثل دبي وسنغافورة والبرازيل ، لأن هناك ما يكتب عنه؟ تأملوا حياتنا، فعمّاذا نكتب؟ تأملوا معي السذاجة السياسية وغياب العدل والقانون، ورائحة الكذب التي تخرج من أفواه المسؤولين، عمّاذا نكتب؟ عن النجاح الأمني الذي حققه الفريق "المتقاعد" علي غيدان عن الذين يصرون على أن يحققوا لهم ولأهلهم كل شيء، ولم يحققوا أي شيء آخر للوطن؟ عن الدولة التي تخطف فيها المليارات في مشاريع كاذبة؟
على مرمى حجر منا أغنى مدن العالم، تستقر مدينة دبي حيث يسابق حكامها العالم في التنمية والإعمار والازدهار.. أنظر إلى وجه ساستنا يتحدثون عن العدالة وتراث الإمام علي "ع" والمظلومية، وأتابع الأنباء التي تحدثنا عن تفوق حكام دبي على أنفسهم، وهم يضعون مدينتهم على خارطة المدن الأولى في العالم، حيث قرر حاكم دبي بناء " مول العالم " ، الذي من المقرر أن يكون الأكبر من نوعه على الإطلاق، والذي سيستقبل سنويا 180 مليون زائر.
ليس خبراً عادياً، للمدينة التي كانت حتى عقود قليلة، مجرد ميناء صغير يبحث صيادوه عن العيش والرزق في البحر، واليوم يأتي إليها ويمرّ بها ملايين الزوار، وليس فيها نهر ولا جبل، ولا فيها دجلة أو الجنائن المعلقة وأور.
اما نحن فمنشغلون في
خطبة البغدادي وفي الساعة " الرولكس" التي يضعها في يده اليمنى ، ونسينا ان هذا العام هو ذكرى مرور 150 سنة على ميلاد الزهاوي، أحد أعمدة عصر النهضة العربية ..ومئوية فائق حسن . جميعهم نشأوا في ظلّ حب الاوطان لا الزعماء عندما شارك نزار قباني في مهرجان ابو تمام في الموصل كتب مخاطبا الشاعر الذي عاش ومات يهيم حبا بام الربيعين
أبا تمّام .. إنَّ الناسَ بالكلماتِ قد كَفروا
( المدى العراقية)