تساءلت مجلة "إيكونوميست" البريطانية عن الحملة العسكرية
الإسرائيلية على قطاع
غزة "متى وكيف ستنتهي؟".
وألمحت الصحيفة في معرض ماتناولته أنه "منذ أن أطاح الجنرالات بالرئيس محمد مرسي العام الماضي، أغلقوا معظم الأنفاق التي تشكل شريان الحياة لغزة، وكانت تنقل منها البضائع وكذا الأسلحة. وعلى ما يبدو فالسيسي راض بسحق
حماس".
وتقول إن الحملة الإسرائيلية لتدمير الحركة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، أو على الأقل هزيمتها، تواصلت لليوم العاشر، فيما يتزايد عدد الضحايا بالارتفاع.
وبحلول 17 تموز/ يوليو كان عدد القتلى 220 فلسطينيا وعلى الأقل 1600 جريح.
ونقلت عن الأمم المتحدة أن ربع الضحايا هم من الأطفال، فيما تم تدمير 560 بيتا، بما فيها بيوت تعود لأفراد في حركة "حماس"، وفق المجلة.
وفي حالة واحدة تم قتل 17 فردا في عائلة مدير شرطة غزة عندما تم استهداف بيته، وتمت تسوية بيت محمود الزهار بالتراب.
وأضافت المجلة: "تدفق الماء والكهرباء في غزة متقطع في غالب الأحيان، ويتناقص توفر المواد الغذائية والأدوية في منطقة يعيش فيها 1.8 مليون نسمة محشورين في شريط ساحلي ضيق لا يتجاوز طوله 41 كيلو مترا".
وهناك حوالي 20 ألف فلسطيني وجدوا ملجأ في المدارس التي تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وحذر الإسرائيليون 100 ألف غزي من البقاء في بيوتهم، حيث تحدثوا عن مزيد من القصف، بحسب المجلة.
وتضيف أنه بحلول 17 تموز/ يوليو أطلقت "حماس" والجماعات الأخرى 1200 صاروخ، وذلك حسب الإحصاءات الإسرائيلية، ما أدى لمقتل إسرائيلي واحد.
ولكن الإسرائيليين يخشون من صواريخ "حماس" أكثر من المرة السابقة، عندما ضربت إسرائيل الحركة في عام 2012 بعملية مشابهة استمرت ثمانية أيام.
ولا تزال صواريخ "حماس" مصنعة محلية ولا تؤدي إلى خسائر فادحة، ولكن هناك مخزون من الصواريخ المتقدمة التي خزنتها "حماس" وتم تهريبها من إيران وسوريا.
ومن بين 11 ألف صاروخا التي تملكها "حماس" حسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية، هناك مجموعة من الصواريخ المتقدمة، منها 600 ذات مدى 75 كيلومترا بشكل يضع تل أبيب في مدى التهديد، وهناك 100 صاروخ يتخطى مداها 100 كيلومتر، ما يجعل كل مدن إسرائيل الكبرى في مدى صواريخ "حماس" بما فيها حيفا والقدس المحتلة، حيث انطلقت صفارات الإنذار فيها الأسبوع الماضي، ولدى "حماس" الآن طائرات بدون طيار.
وتقول المجلة: "على الرغم من الضربة الشرسة التي تلقتها حماس، إلا أنه لا توجد أي أدلة عن استسلامها في وقت قريب، مع أن الطرفين اتفقا على وقف إطلاق النار لمدة خمس ساعات في 17 تموز/ يوليو، وعندما عرضت الحكومة الإسرائيلية وقف إطلاق النار السابق من خلال مصر في 14 تموز/يوليو، قال قادة حماس في خنادقهم (لا). وخلال مهلة الست ساعات عندما توقفت إسرائيل عن الضرب واصلت حماس وبتحد إرسال الصواريخ، وعندها بدأ الطيران الإسرائيلي عملياته من جديد".
وبحسب بعض التقديرات فسينفد مخرون "حماس" من الصواريخ في خلال ثلاثة أسابيع، وهذا عائد للعملية الإسرائيلية ولاستخدامها ما لديها، بحسب المجلة.
وتقول: "في الوقت نفسه، يسائل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نفسه عن الخطوة القادمة الواجب عليه اتخاذها، خاصة أنه يتلقى نصائح متضاربة من اليمين واليسار ومن عدد من الحكومات في الخارج. وهناك بعض من كانوا في ائتلافه الحكومي، خاصة أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب إسرائيل بيتنا، حثه على إرسال القوات البرية لإنهاء غزة".
وفي 15 تموز/ يوليو قام نتنياهو بعزل نائب وزير الدفاع، داني دانون الذي انتقده ووصفه بالانهزامية. وأبعد نتنياهو وزير الاقتصاد نفتالي بينيت، الذي يتزعم جزءا من التحالف والداعم للغزو البري، عن عملية اتخاذ القرار.
وحاول نتنياهو تجنب إرسال القوات البرية للهجوم، لأنه قد يكون استعاد كيف دعم الإسرائيليون الحرب عندما سقطت عليهم الصواريخ من جنوب لبنان في عام 2006.. وبعد ذلك انقلبوا ضدها عندما غاصت بساطير الجنود في وحل لبنان وبدأوا يتساقطون. ومن المفترض أن "حماس" قامت بوضع كل الألغام في حالة حصل هجوم بري إسرائيلي.
وتضيف: "ليس من الواضح أن نتنياهو يريد تدمير حماس، خشية أن يحل محلها فصيل متشدد، ربما كان مرتبطا بالقاعدة. ولو قرر ضم غزة حسبما ينصحه البعض في معسكر اليمين ووضعها تحت الحكم الإسرائيلي المباشر، فإن هذا سيحرف الميزان الديمغرافي لصالح الفلسطينيين ضد السكان اليهود.
ولهذا ينصح معظم مستشاري نتنياهو بالإبقاء على غزة معزولة ومحاصرة كما في الماضي، وتحت إدارة "حماس" التي وصفها بأنها "ضعيفة"، أو كما وصفها معلق إسرائيلي بأن "أنفها فوق الماء ببوصة".
وتقول المجلة إن إسرائيل ستتعرض للضغوط مع تزايد عدد القتلى، فقد دعت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية إسرائيل السماح بفتح ممر إنساني لدخول المساعدات الإنسانية، وإخراج الجرحى والمصابين للخارج.
وتعلق بالقول: "الحكومات الغربية والاتحاد الأوروبي لديهم قليل من التأثير هذه الأيام في الأرض المقدسة، كما أن سياسة الاتحاد الأوروبي في رفض التحاور مع حماس يعني استحالة توسط الأوروبيين في النزاع. ومن هنا عرضت الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل النرويح وسويسرا التي تتواصل مع حماس خدماتها. وتقول تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان إنها تريد المساعدة، لكن نتنياهو لا يريد أي شي منه".
ويظل الأمريكيون في موقع أفضل لإقناع نتنياهو بالتخفيف من التصيعد، لكن نفوذ الأمريكيين ضعف في ظل باراك أوباما، والذي لا يستطيع بسبب القيود التي يفرضها الكونغرس على التواصل مع حماس، ولهذا طلب من قطر، الدولة الصديقة لـ"حماس"، كي تتوسط وتحث الحركة على قبول وقف إطلاق النار، بحسب المجلة.
وتشير الصحيفة إلى إقامة خالد مشعل الزعيم الأكثر تأثيرا لـ"حماس" خارج غزة، في قطر.
وعلى ما يبدو، فإنه لم يكن بإمكان القطريين إقناع "حماس" بتخفيف التصعيد، وفق المجلة.
واعتقد الإسرائيليون أنه من الذكاء جعل مصر تتعامل مع الوضع و"حماس"، حيث تعرف أن عبد الفتاح
السيسي يكره الحركة بشكل كبير.
وجاءت شروط وقف إطلاق النار من مصر على شكل طلب من حماس لرفع يدها، "كانت مصيدة" حسب دبلوماسي غربي لا يزال يلتقي مع قادة حماس، وأضاف أن "حماس تعرف أن السيسي يريد خنقها أكثر مما تريد إسرائيل".
وتشير لمقترحات أخرى تتحدث عن تحسين وبناء اقتصاد غزة كوسيلة لحرف السكان عن دعم حماس والمتحمسين فيها لإطلاق الصواريخ، وحتى قبل عملية الجرف الصلب لم تكن الكهرباء تعمل إلا ساعات قليلة في اليوم، كما أن نصف الغزيين بدون عمل أو بدون راتب.
وهناك من يقول إن أهل غزة لن يكون لديهم ماء للشرب في غضون عام ونصف.
وترى المجلة أن "الحديث عن بناء الاقتصاد الغزي غير عملي في الظروف الحالية، وفي حال استمرت الصواريخ بالانطلاق والقنابل تدك غزة فإنه عندها قد لا يبقى شيء يمكن بناؤه".