كتب محمد عمارة: في وحدات الجيش الإسرائيلي حاخامات معينون، يحملون رتبا عسكرية، مهمتهم تعليم الجنود والضباط الفكر والعقيدة القتالية التي يواجهون الفلسطينيين وغيرهم من غير اليهود، وهم يصدرون الفتاوى التي تطبع وتوزع على الضباط والجنود، كما يجيبون على الأسئلة المتعلقة بالعقيدة القتالية، والتي تسمى في الفكر التلمودي "طهارة السلاح".
ولقد نشرت قيادة المنطقة الوسطى بالجيش الإسرائيلي - التي تقع الضفة الغربية ضمن سلطتها - فتوى للحاخام "العقيد. أ "فيدان زيمبل" يحض فيها على
قتل "حتى
المدنيين الطيبين من
الفلسطنيين"! باعتبار ذلك تكليفا دينيا، توجيه "الهالاكاة" - أي الشريعة اليهودية - .
ولقد أعاد الكاتب الإسرائيلي "إسرائيل شاحاك" نشر هذه الفتوى ضمن كتابه "الديانة اليهودية وموقفها من غير اليهود" وفيها يقول: "في حالة احتكاك قواتنا بمدنين خلال الحرب، أو خلال مطاردة حامية، أو غارة، ومع عدم وجود دليل على إلحاق هؤلاء المدنيين الأذى بقواتنا، هناك إمكانية لقتلهم، أو حتى ضرورة لقتلهم حسب الشريعة - الهالاكاة - بل تحض الهالاكاة على قتل حتى المدنيين الطيبيين"!
أما الحاخام "شمعون وايزر" فإنه يجيب على رسالة الجندي الإسرائيلي "موشي" الذي يخدم في فلسطين المحتلة عام 1967 والتي يسأل فيها: "هل نعامل العرب مثل العماليق؟ أي نقتلهم حتى نستأصل ذكراهم في الأرض.. كما جاء في سفر التثنية، إصحاح :25 :19 "ولتمح ذكرى العماليق تحت السماء" أم أننا نطبق قواعد الحرب العادلة، التي يقتل فيها الجنود المحاربون فقط؟ وهل يجوز لي تقديم الماء لعربي يستسلم؟
وفي الإجابة على هذه الرسالة للجندي "موشي" قال الحاخام "شمعون وايزر"، مبينا حكم الشريعة اليهودبة - الهالاكاة - في قواعد الحرب اليهودية - : "سأنقل لك بعض أقوال الحكماء، طيب الله ذكراهم، وأفسرها: الحرب لدى غير اليهود ذات قوانين خاصة، مثل قوانين لعب كرة القدم أو السلة، لكن الحرب كما يقول حكماؤنا، طيب الله ذكراهم، لا تعني بالنسبة لنا لعبة، بل ضرورة حيوية، واستنادا إلى هذه المقاييس فقط، ينبغي التفكير حول كيفية القيام بها، أفضل غير اليهودي اقتلوه، وهشموا رأسه، هذه هي قاعدة "طهارة السلاح" - حسب الهالاكاة.
ولقد قام الجندي "موشي" بقراءة رسالة الحاخام "شمعون وايزر" على زملائه الجنود، ليعرفوا حكم الشريعة القاضي بضرورة قتل حتى أفضل الفلسطينيين الطيبين المسالمين، لأنهم غير يهود، أي أفاعي يجب تهشيم رؤوسهم.
ثم كتب رسالة إلى الحاخام، قال فيها "تلقيت رسالتك، وفهمتها على النحو التالي "لا يسمح لي في زمن الحرب بقتل كل عربي أو امرأة أصادفهما وحسب، بل من واجبي أيضا القيام بذلك".
تلك هي العقيدة القتالية التي توجه آلة الحرب الصهيونية: فكل غير اليهود هم أفاعي يجب تهشيم رؤوسهم، حتى ولو كانو مدنيين طيبين، من الرجال كانوا أم من النساء!
بهذا يفتي حاخامات الجيش الإسرائيلي، استنادا إلى التلمود - الهالاكاة - التي كتبها حكماء اليهود.
بقي أن نشير إلى السبب الذي جعل الكاتب الإسرائيلي "إسرائيل شاحاك" يكتب كتابه "الديانة اليهودية وموقفها من غير اليهود" فلقد كان الرجل يقود سيارته على إحدى الطرق بإسرائيل، فوجد عربيا قد صدمته سيارة، وهو ينزف على قارعة الطريق، فأوقف الرجل سيارته، وأسرع إلى كشك أمام موقع الحادث، وطلب الهاتف لإبلاغ واستدعاء الإسعاف، فما كان من صاحب الكشك إلا أن اعتذر لأن اليوم هو يوم السبت، وحرام فيه إنقاذ غير اليهود!.
عند ذلك، عزم "إسرائيل شاحاك" على كتابة هذا الكتاب - الذي هو شهادة شاهد من أهلها - على هذا الذي نواجهه - ونحن عنه غافلون - على أرض فلسطين.