حازت العملية التي قامت بها طائرات إماراتية من قواعد عسكرية مصرية على مواقع إسلاميين ليبيين، حازت على اهتمام معلقين في بريطانيا. ورأت فيها التعليقات صورة عن تحول دول
الخليج عن اللاعب الرئيسي في العالم وهي الولايات المتحدة بحثا عن شركاء جدد في السلاح والتجنيد.
فهذه الدول الصغيرة مثل
الإمارات، كما تقول جين كينيموتت الباحثة في المعهد الملكي للدراسات الدولية "تشاتام هاوس"، بدأت تبحث عن مصادر شراء أسلحة من دول غير الولايات المتحدة وهذا يفسر استثمار الإمارات في الصناعة العسكرية الفرنسية.
وتقول الكاتبة في تقرير لها: "مهما حدث في الأيام السابقة، حيث زعمت الولايات المتحدة أن كل من الإمارات العربية المتحدة ومصر تقفان وراء الغارات على ميليشيات إسلامية- فمن الواضح أن حلفاء الولايات المتحدة التقليديون في المنطقة بدأوا بالبحث عن طرق لحماية أنفسهم ضد منظور من التهديدات التي يعتقدون أن الولايات المتحدة لا تقوم بما فيه الكفاية لحمايتهم منه".
وتوقعت أن يكون في المستقبل "تعاون عسكري أكبر بين الدول الخليجية الثرية والمعدة عسكريا والدول ذات الجيوش الأقل تأهيلا والفقيرة عسكريا، وذات الكثافة السكانية في المنطقة خاصة مصر والأردن".
"فمع تراجع اعتماد الولايات المتحدة على النفط الخليجي أصبحت هاتان الدولتان أكثر اعتمادا على دول الخليج. فيما تقدم الدول المسلمة الأخرى مثل الباكستان الجنود للعمل في القوات الامنية الخليجية وقد تلعب دورا مهما. وعندما يتعلق الأمر بالنزاعات الإقليمية فنفاذ صبر هذه الدول قد يشجعها لاتخاذ قرارات من جانب واحد"، تقول الكاتبة.
وتضيف كينيموتت أن دول الخليج لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة لتوفير الامن لها وهو ما بدا واضحا في قيام الولايات المتحدة بتحرير الكويت عام 1991 عندما احتلتها القوات العراقية، ولكن الانتفاضة التي اندلعت في العالم العربي عام 2011 كانت للقادة العرب المؤيدين للغرب باستثناء قطر ضربة موجعة. فقد أظهرت أن الولايات المتحدة لن تتحرك بالضرورة للدفاع عن القادة العرب الأصدفاء لها مثل حسني مبارك.
وتلفت الكاتبة إلى مخاوف هذه الدول الجديدة، مثل التقارب الأمريكي مع إيران الذي "جاء في وقت تدعم فيه إيران القمع الوحشي في سوريا وهو ما جعل حكام الخليح خائفين من فشل الولايات المتحدة بحمايتهم ضد ما يرونه الهيمنة التوسعية الإيرانية" في المنطقة.
شكاوى مثل هذه تقول الكاتبة "ليست غريبة في العواصم الغربية عندما يشعر الدبلوماسيون بالقلق من مخاطر هذه المفاهيم على العلاقات التجارية، ولكن هناك افتراض يرى أن دول الخليج ستكون لاعبة في المجال العسكري رغم اعتمادها واستهلاكها السلاح الغربي الذي تعتبر المستورد الرئيسي له".
وتشير قائلة "أنظر للنقاش الذي ساد النقاشات الغربية حول مخاطر النزاع في الشرق الأوسط: الحرب مع إيران. فمعظم الوقت والجهد تركز حول ما إن كانت إسرائيل ستقوم بغارات من طرف واحد وتضرب إيران أو ستشرك أمريكا فيها. ولم يكن هناك نقاش حول فيما إن كانت السعودية او الإمارات هي من ستقوم فيه، مع أن هاتين الدولتين خائفتان مثل إسرائيل من القنبلة النووية الإيرانية".
وتعتقد الكاتبة أن "دول الخليج ترغب بالتأكيد لتخفيض اعتمادها على الولايات المتحدة في حماية أمنها. وفي عام 2013 قال مدير المخابرات السعودية إن بلاده ستقوم بعقد تحالفات مع دول إسلامية اخرى في محاولة لتوسيع مجال التحالفات. كما وارتفعت ميزانيات الإنفاق العسكرية لدول الخليج. وتعتبر السعودية رابع دولة مستوردة للسلاح في العالم بعد الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية".
كما بدأت دول الخليج بالبحث عن مصادر جديدة للسلاح "فمع أن دول الخليج تعتبر تقليديا المستهلك للسلاح والتكنولوجيا الغربية، فقد قامت مجموعة مبادلة الإماراتية بالإستثمار في شركة بياجيو ، للصناعات الجوية العسكرية الإيطالية التي تقوم بتطوير طائرات بدون طيار.
وتلاحظ الكاتبة "مع أن دول الخليج تعبر عن مواقف سياسية مؤيدة للغرب إلا أنها تتصرف أحيانا لمواجهة السياسات الغربية. فهناك دائم فرصة للتصادم في المصالح في سياسة الغرب الخارجية الداعمة للتحول الديمقراطي ودول الخليج التي تفضل الوضع القائم".
وتقول "في عام 2011 وقعت معظم دول الخليج على مبادرة ديفابيل، وهو مشروع اقترحته مجموعة الدول الثماني لتقديم الدعم للدول العربية التي تعمل على التحول الديمقراطي، ولكن المبادرة توقفت. وفي عام 2013 عندما قام الجيش المصري بانقلاب عسكري حظي بدعم شعبي ضد حكومة الإخوان المسلمين المنتخبة، قامت الكويت والإمارات والسعودية بتقديم 12 مليار دولار أمريكي، اي ثمانية أضعاف ما تقدمه الولايات المتحدة سنويا للجيش المصري. ولم يكن لتهديدات الولايات المتحدة تعليق المساعدات أي وزن".
وأشارت الكاتبة لحالة من "عدم الثقة بين دول الخليج والقوى الغربية وبين الإمارات العربية المتحدة وقطر حول دعم المقاتلين السوريين، إلا أن الطبيعة السرية لهذه النشاطات تجعل من معرفتها لغزا".
و"بالتأكيد، فعلى ما يبدو ذهب الدعم السعودي والقطري لعدد من الجماعات المقاتلة والتي تعارض التحالف الوطني السوري المدعوم من الغرب، مع أن السعودية نفت وبشدة الاتهامات بأن بعض هذه المساعدات ذهبت لجماعات مرتبطة بالقاعدة والدولة الإسلامية التي تهدد أمنها القومي".
وفي النهاية تقول الكاتبة إن "دول الخليج ترغب بالحفاظ على تحالفها مع الولايات المتحدة وتواصل دعمها للمصالح الأمريكية مثل استمرار تدفق النفط ودعم حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني".
و"لكنها في موضوعات تتعلق بدعم الديمقراطية فهي تعتبر الولايات المتحدة لا تهتم بهم كثيرا مع أن قتالهم للمتشددين في
ليبيا قد يكون في صالح الولايات المتحدة. ورأت هذه الدول إسرائيل مرات كثيرة تتصرف ضد رغبة أمريكا، خاصة عندما دعا باراك أوباما في ولايته الاولى لتجميد الاستيطان ومع ذلك لا تزال تحتفظ بعلاقة عمل مع الولايات المتحدة. وعلى ما يبدو ستقوم هذه الدول بتبني موقف لا يبالي في قضايا تتعلق بساحاتهم الخلفية مع أن زيادة دورها سيواجه بالتأكيد بمعارضة".