نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها للشؤون الخارجية توم كوغلان، يذكر أن كثيرا من الجهاديين البريطانيين أصيبوا بخيبة أمل من القتال في سوريا، ما جعلهم يتصلون بالسلطات البريطانية يرجونها السماح لهم بالعودة.
وجاء في التقرير أن أحد الجهاديين يدعي أنه يمثل 30
بريطانيا، قام بالاشتكاء لوسيط من حالة اليأس التي أصيب بها الرجال في مجموعته، حيث قال إنهم ذهبوا ليقاتلوا الأسد ولكنهم وجدوا أنفسهم في معارك ضارية مع الفصائل المختلفة.
واتصل الرجل، الذي لا يمكن ذكر اسمه، بالمركز الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي التابع لجامعة لندن (كنجز كوليج) من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طلب العفو وقال إن مجموعته تخشى من أحكام سجن طويلة، وقال إنهم مستعدون للدخول في
برامج تأهيل للخروج من حالة التطرف وأن يخضعوا للمراقبة.
وينتمي المتطرفون المذكورون إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي قطع رأس صحفيين أمريكيين، وما زال يهدد بقتل عامل إغاثة بريطاني.
ويعتقد بأن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها المقاتلون البريطانيون في سوريا أو العراق علامة تردد في دعم منظمة الإرهاب الوحشية "داعش" والمنتمين إليها.
ويعتقد بأن أكثر من 500 مواطن بريطاني سافروا للمنطقة منذ عام 2011 حيث انضم كثير منهم إلى "
تنظيم الدولة- داعش"، ما أثار الخوف بأنهم سيعودون إلى المملكة المتحدة متطرفين ومدربين على القيام بأعمال إرهابية.
وقال الرجل البريطاني للباحثين في المركز: "جئنا هنا لنحارب النظام ولكن بدلا من ذلك تورطنا في حرب عصابات. ليس هذا ما جئنا من أجله، ولكن إذا عدنا فسوف نودع في السجون.. الآن نحن مجبرون على القتال.. فما هي خياراتنا؟".
وعلق شيراز ماهر الذي يدير قسم الأبحاث في المركز، بأن هناك اتصالات مع حوالي 50 جهاديا بريطانيا بشكل متقطع، وقال إن الرجل الذي اتصل بهم نادم على تورطه في الصراع.
وأضاف ماهر أن الرجل أخبر المركز بأنه من بين مجموعة من المقاتلين معظمهم في أوائل العشرينيات من العمر، وعدد جيد منهم مصاب باليأس وخيبة الأمل.
وكانت إحدى القضايا التي تقلق عددا من الجهاديين كما عبروا عن ذلك من خلال مواقع التواصل، هو أنهم إن قتلوا في معارك مع فصائل الثوار الأخرى، فقد لا يكونون شهداء ولن يدخلوا الجنة.
ويعتقد بأن 20 بريطانيا قتلوا في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا؛ تسعة منهم قتلوا في معارك مع نظام الأسد وستة قتلوا في معارك مع فصائل ثورية أخرى من المسلمين السنة، مثل جبهة النصرة التي تنتمي إلى القاعدة. أما أسباب وفاة الآخرين فغير معروفة.
وقد عاد حوالي 260 بريطانيا من سوريا، ولا يزال 40 منهم ينتظرون المحاكمة.
ويقول بيتر نيوما مدير المركز، بناء على تحليل لصراعات سابقة إنه يتوقع بأن يكون حوالي 20% من الجهاديين البريطانيين يبحثون عن مخرج.
وعندما سأل الباحثون في المركز عما إذا كان هؤلاء الرجال على استعداد لدخول برامج تأهيلية تخرجهم من التطرف والخضوع لمراقبة قد تستمر لسنوات عديدة، أجاب ممثلهم بأنهم على استعداد لذلك.
ويقترح البروفيسور نيومان بأن تنشئ الحكومة مركزا للتأهيل يستخدم في حالات الجهاديين الأقل خطورة، وبخاصة أولئك الذين أبدوا ندما على ما فعلوا. وقال إن بعض الشباب المسلمين الذين ذهبوا إلى سوريا عام 2012 والعام الماضي كانوا سذجا في توقعاتهم عندما غادروا.
وأضاف أن "من تحدثنا معهم يريدون ترك القتال والعودة، ولكنهم يشعرون بأنهم محاصرون، لأن كل ما تتحدث عنه الحكومة هو سجنهم لثلاثين عاما عند عودتهم".
وأوضح أنه "إذا بقيت رسالة الحكومة تتعلق بالقانون والنظام فإن الخطر هو تحقق ما تخشاه، حيث سيذهب هؤلاء إلى معركتهم التالية ويصبحون متطرفين عنيدين.. كما أن الأشخاص الذين تغيرت نظرتهم يمكن أن يكونوا متحدثين أقوياء يظهرون الفرق بين دعاية داعش والواقع على الأرض".
وقال الخبير الأمريكي دافيد غارتنستاين روس، إنه ليس مستغربا أن بعض الجهاديين يريد أن يترك، "فهم يقضون وقتهم في محاربة الثوار الآخرين، كما أنه يطلب منهم القيام بجرائم على مستوى واسع وهو ما لم يتوقعوه، ونحن بحاجة لتشجيعهم بأن يدركوا أن هناك مخرجا".
ويتوقع الدكتور غارتنستاين روس الذي يرأس مركز دراسات الإرهاب والتطرف في واشنطن، أنه سيكون هناك عدد كبير من المنشقين عن "داعش" ولكن كثيرا من المنشقين سينضمون إلى القاعدة، وهناك عدد من المنادين المشهورين بمحاربة التطرف في بريطانيا ممن كانوا متطرفين أنفسهم، مثل السيد ماهر الذي كان عضوا في حزب التحرير في العشرينيات من عمره. ويذكر على سبيل المثال، أن أسامة حسن ونعمان بن عثمان من مركز "قويليام" لمكافحة التطرف، كانا جهاديين ذهبا إلى أفغانستان ولكنهما تخليا عن ماضيهما العنيف.
ويذكر التقرير أن رئيس حزب العمال البريطاني إد ميليباند، أعلن عن تأييده لفكرة برنامج تأهيل لمعالجة التطرف للبريطانيين الذين ذهبوا إلى سوريا والعراق وكانوا على هامش التطرف هناك.