علقت صحيفة "الغارديان" البريطانية في افتتاحيتها على حرب
غزة، قائلة إن اختطاف وقتل الأولاد
الإسرائيليين كان عملا مروعا، وبالرغم من ذلك فإنه لم يكن بحاجة كي يقود لحرب في غزة.
وقالت الصحيفة إن قصة مأساوية ومؤلمة بدأت في الأول من حزيران/ يونيو باختطاف ثلاثة أولاد إسرائيليين، انتهت أول الأسبوع الحالي في شوارع
الخليل المغبرة، عندما حاصرت وحدة إسرائيلية خاصة لمكافحة الإرهاب بيتا آمنا، أعتقد أن الخاطفين كانوا يختبئون فيه. وفي المعركة قتل بالرصاص الرجلان اللذان كانا في البيت. عملية سهلة، إذا افترضنا أن الرجلين هما من قاما بالاختطاف، وأن الجيش الإسرائيلي اضطر للرد على النار التي انطلقت من البيت، ولكن القصة وللأسف أعقد من هذا، بحسب "الغارديان".
وتضيف الصحيفة "فما حدث بين الاختطاف في حزيران/ يونيو وعملية إطلاق النار في أيلول/ سبتمبر كان نزاعا دمويا في غزة، خلف وراءه أكثر من 2.000 قتيل فلسطيني إضافة إلى 70 إسرائيليا، وتدمير للبنية التحتية للقطاع المدمر أصلا، وقاد إلى جدل دولي حول الأسباب التي دفعت إسرائيل لشن
الحرب. فما بدا وكأنه قصة بوليسية، إن لم تكن حزينة وشريرة- ثلاثة أولاد قتلوا، وثلاثة رجال متهمون بقتلهم تمت ملاحقتهم وتصفيتم- تحول إلى شيء مختلف تماما".
وتعترف الصحيفة أن "ما قاد للجريمة ربما لن نتمكن من معرفته، خاصة أن المتهمين بالعملية ذهبوا (قتلوا)، لكن الدليل، الذي قالت إسرائيل إنها تملكه ويظهر بشكل لا يدعو للشك أن (
حماس كمنظمة هي المسؤولة)، زعم غير مبرر".
وتتابع "بعد أن قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحميل حماس المسؤولية، فقد رأى أن هناك فرصة لتقويض وتدمير حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي تم الإعلان عنها والتي جمعت حماس وفتح، وكذلك إضعاف سلطة رئيس السلطة الوطنية محمود عباس. وعليه انطلق الإسرائيليون في أنحاء الضفة الغربية واعتقلوا المئات من عناصر حماس، والتي ردت بعد شعورها بتراجع حظوظها من غزة بموجة من الهجمات الصاروخية، ومن هنا دعا الرأي العام الإسرائيلي -الذي لم يكن يعرف حقائق القصة بكاملها- إلى عملية عسكرية، ردا على هذه الهجمات والأنفاق التي أعلن عن اكتشافها".
وتبين "قد شعر نتنياهو بأنه حشر في الزاوية، ولهذا أرسل القوات البرية. ولخيبة أمل الجيش الإسرائيلي فقد اكتشف أنه بعد كل الأنفاق التي دمرها ومخازن الصواريخ التي فجرها والقادة الذين قتلهم، ما تزال حماس قوية عسكريا، ولم تفعل الضربة إلا تقويتها سياسيا عندما أعلن عن وقف إطلاق النار".
وتشير الصحيفة قائلة إن "الأرقام تظهر الوضع، فقد انهارت شعبية نتنياهو، فيما ارتفعت شعبية حماس، وفقد حوالي 400.000 غزي بيوتهم، وقد تصل كلفة إعمار ما خربته الحرب إلى 6 مليارات دولار، في الوقت نفسه خسرت إسرائيل 0.5% من دخلها القومي، ولم تنته الحرب فما تزال المحادثات حول هدنة دائمة في القاهرة تتقدم ببطء، ودونها لن يتم البدء بعمليات الإعمار".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول "وفي النهاية لم تكن هناك حاجة لهذه الحرب ولا لشنها، فكم كان الثمن باهظا لمثل هذه الحماقة".